full screen background image

صلاة مسبحة الوردية المقدسة

1001

دير الابتداء/ عنكاوا

صلاة مسبحة الوردية المقدسة

تأملات من الرسالة الرسولية

وردية مريم العذراء

لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني

إعداد الأخوات الراهبات بنات مريم الكلدانيات

 دير مار يوسف للإبتداء


أسرار الوردية المقدسة

أسرار الفرح

السر الأول: بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس لوقا (1: 28-38)

فدَخَلَ إلَيها فَقال: “افرحي، أَيَّتُها الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ”. فداخَلَها لِهذا الكَلامِ اضطرابٌ شَديدٌ وسأَلَت نَفسَها ما مَعنى هذا السَّلامفقالَ لها الـمَلاك: “لا تخافي يا مَريَم، فقد نِلتِ حُظوَةً عِندَ الله. فَستحمِلينَ وتَلِدينَ ابناً فسَمِّيهِ يَسوع. سَيكونُ عَظيماً وَابنَ العَلِيِّ يُدعى، وَيُوليه الرَّبُّ الإِلهُ عَرشَ أَبيه داود، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ أَبَدَ الدَّهر، وَلَن يَكونَ لِمُلكِه نِهاية” فَقالَت مَريَمُ لِلمَلاك: “كَيفَ يَكونُ هذا وَلا أَعرِفُ رَجُلاً؟” فأَجابَها الـمَلاك: “إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سَينزِلُ عَليكِ وقُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلَكِ، لِذلِكَ يَكونُ الـمَولودُ قُدُّوساً وَابنَ اللهِ يُدعى. وها إِنَّ نَسيبَتَكِ أَليصابات قد حَبِلَت هي أَيضاً بِابنٍ في شَيخوخَتِها، وهذا هو الشَّهرُ السَّادِسُ لِتِلكَ الَّتي كانَت تُدعى عاقِراً. فما مِن شَيءٍ يُعجِزُ الله”. فَقالَت مَريَم: “أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ”. وَانصرَفَ الـمَلاكُ مِن عندها.

تأمل: دخل الملاك جبرائيل إلى مريم في الناصرة وبشرها، ودعاها إلى أن تفرح بمجيء المسيح “افرحي يا مريم”. إن تاريخ الخلاص كله، بل إن تاريخ البشرية نفسه يتوجه نحو البشارة. ذلك لأنه إذا كان مخطط الآب هو أن يجمع كل شيء في المسيح (أف1: 10)، فإن الكون كله قد حظي –نوعاً ما- بالعطف الإلهي عندما مال الله الآب إلى مريم لتكون أم ابنه. والبشرية كلها بدورها تجد نفسها وكأنها موجودة في أل “نَعَمْ” التي بها تجاوبت مريم بسرعة مع مشيئة الله.

صلاة: يا أمنا مريم، ساعدينا على أن نكتشف أن الله محبة، وأنه يحبنا حباً لا حد له، حباً شخصياً، وأنه يريد أن يحقق مخطط حبه في كُلٍ منا. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الثاني: زيارة العذراء مريم لإليصابات نسيبتها

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس لوقا (1: 40)

وفي تلكَ الأَيَّام قَامَت مَريمُ فمَضَت مُسرِعَةً إِلى الجَبَل إِلى مَدينةٍ في يَهوذا. ودَخَلَت بَيتَ زَكَرِيَّا، فَسَلَّمَت على أَليصابات. فلَمَّا سَمِعَت أَليصاباتُ سَلامَ مَريَم، ارتَكَضَ الجَنينُ في بَطنِها، وَامتَلأَت مِنَ الرُّوحِ القُدُس،فَهَتَفَت بِأَعلى صَوتِها: “مُبارَكَةٌ أَنتِ في النِّساء! وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ! مِن أَينَ لي أَن تَأتِيَني أُمُّ رَبِّي؟ فما إِن وَقَعَ صَوتُ سَلامِكِ في أُذُنَيَّ حتَّى ارتَكَضَ الجَنينُ ابتِهاجاً في بَطْني فَطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ”.

تأمل: إن زيارة مريم لأليصابات هي علامة ابتهاج. فإن صوت مريم وحضور المسيح في أحشائها قد جعلا يوحنا يهتز طرباً.

صلاة: يا مريم العذراء المباركة، رافقينا وقوينا كيما على خطاك نتمكن من حمل المسيح للآخرين من خلال شهادة الإيمان وشهادة المحبة. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الثالث: ميلاد ربنا يسوع المسيح

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس لوقا (2: 6-7)

وبَينَما هما فيها حانَ وَقتُ وِلادَتِها، فولَدَتِ ابنَها البِكَر، فَقَمَّطَتهُ وأَضجَعَتهُ في مِذوَدٍ لأَنَّهُ لم يَكُنْ لَهُما مَوضِعٌ في الـمَضافة.

تأمل: ميلاد الطفل الإلهي، مخلص العالم في بيت لحم قد غمرته البهجة عندما أنشدت له الملائكة، ولقي به الرعاة البشرى بفرح عظيم.

صلاة: يا مريم العذراء الطاهرة، اجعلينا نفهم أنه إذا أحببنا بعضنا بعضاً فإن يسوع يأتي إلينا، ويُولد حيث يتحد اثنان أو أكثر بالمحبة المتبادلة. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الرابع: تقدمة ربنا يسوع إلى الهيكل

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس لوقا (2: 22)

ولـمَّا حانَ يَومُ طُهورِهما بِحَسَبِ شَريعَةِ موسى، صَعِدا بِه إِلى أُورَشَليم لِيُقَدِّماه لِلرَّبّ.

تأمل: إن تقدمة يسوع إلى الهيكل التي عبّرت عمّا شعر به يسوع من فرح في تكريس ذاته لله أبيه، وعمّا جرى لقلب سمعان الشيخ من اختطاف روحي، قد أشارت بوضوح إلى أن الطفل سيكون في شعب إسرائيل هدفاً للمخالفة، وإلى أنَّ سيفاً يخترق قلب أمه.

صلاة: اشركينا بفرحك العظيم يا أمنا مريم عندما حملتِ يسوع إلى الهيكل وقدمتهِ لأجلنا إلى الأب السماوي. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الخامس: وجدان ربنا يسوع في الهيكل بين العلماء

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس لوقا (2: 42-46)

فلَمَّا بَلَغَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَة، صَعِدوا إِلى أورشليم جَرْياً على السُّنَّةِ في العيد. فَلَمَّا انقَضَت أَيَّامُ العيدِ ورَجَعا، بَقيَ الصَّبيُّ يسوعُ في أُورَشَليم، مِن غَيِر أَن يَعلَمَ أَبَواه. وكانا يَظُنَّانِ أَنَّه في القافِلة، فَسارا مَسيرَةَ يَومٍ، ثُمَّ أَخذا يَبحَثانِ عَنهُ عِندَ الأَقارِبِ والـمَعارِف. فلَمَّا لَم يَجداه، رَجَعا إِلى أُورَشَليمَ يَبحَثانِ عنه. فَوجداهُ بَعدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ في الـهَيكَل، جالِساً بَينَ المُعَلِّمين، يَستَمِعُ إِلَيهم ويسأَلُهم.

تأمل: لمّا بلغ اثنتي عشر سنة، ظهر يسوع في حكمته الإلهية عندما كان يسأل ويصغي، وتبين للعلماء أنه هو المعلم. إن وحي سر ابن الله الذي كرس نفسه لما هو لأبيه يعلن أن للإنجيل مطالب جذرية تفرض أحياناً على المرء أن يقطع أحبَّ الروابط على قلب الإنسان إزاء متطلبات الملكوت المطلقة.

صلاة: اشركينا معكِ يا أمنا مريم بالفرح العظيم الذي صار لك لما وجدتِ يسوع في الهيكل بين العلماء. لنصلِ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

صلاة ختامية للقديس فرنسيس الأسيزي

السلامُ عليكِ يـا سيِّدة، يا ملكةً قدِّيسـة، يا مريــمُ والــــدةَ اللهِ القدِّيـســـة، أيَّـتها العـذراءُ الـتي صارتْ كنيســــة، واختارها الآبُ السمـاوي الكلّيُّ الــقــداســة، وكرَّسَها هيكلاً هو وابنُهُ الحبيب الكلِّيُّ الــقــداســة، والروحُ القدُسُ المعزِّي.

يا مَن كان فيها، ولا يـزال، كلُّ مِلءِ النعمةِ وكلُّ صَلاح.  السلامُ عليكِ يا قـصـرَ الله، الـسلامُ عليكِ يا خِدرَ الله، السلامُ عليكِ يا بيتَ الله، السلامُ عليكِ يا ثوبَ الله، السلامُ عـلـيكِ يا أَمَةَ الله، السلامُ عليكِ يا أُمَّ الله. السلامُ عـلـيـكِ أيضاً أيَّتها الفضائلُ المقدَّسةُ كلُّها، ألمنسَكبِةُ في قـلوبِ المؤمنـين، بنعمة وتنويرِ الرُّوحِ القدُس، حتَّى تجعلينا، نحنُ عديمي الإيمانِ، أُمناءَ للّه. آمين

أسرار الحزن

السر الأول: صلاة يسوع في بستان الزيتون

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس لوقا (22: 39-42)

ثُمَّ خَرَجَ فذَهَبَ على عادتِه إِلى جَبَلِ الزَّيتون، وتبعَه تَلاميذُه. ولَمَّا وَصَلَ إِلى ذلكَ المَكان قالَ لَهم: “صلُّوا لِئَلاَّ تَقَعوا في التَّجرِبَة”. ثُمَّ ابتَعَدَ عَنهُم مِقدارَ رَميَةِ حَجَر وَجَثا يُصَلِّي.

تأمل: مسيرة التأمل تبتدئ في الجسمانية، حيث قضى المسيح فترة من الزمن حالة انقباض للنفس شديد للغاية، أمام إرادة الآب التي يتعرض الضعف البشري إلى التمرد عليها. ففي هذه الفترة مكث يسوع في مكان تجارب البشرية كلها وواجه خطايا البشر ليقول لأبيه: “لا تكن مشيئتي بل مشيئتك”.

صلاة: يا أمنا مريم ساعدينا على أن نقبل آلامنا كلها في كل يوم، وباستمرار، وفوراً وبفرح. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الثاني: جلد يسوع بالسياط

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (يوحنا19: 1-2)

فأَخَذَ بيلاطُسُ يسوع وجَلَدَه. ثُمَّ ضفَرَ الجُنودُ إِكليلاً مِن شَوكٍ ووضَعوه على رَأسِه.

تأمل: وإن ما تحمَّله طاعةً لإرادة أبيه تعبِّر عنها الأسرار المتتابعة وهي الجلد وإكليل الشوك والصعود إلى جبل الجلجلة والموت على الصليب التي بلغ بها أقصى درجات الذل “هوذا الرجل”.

صلاة: يا أمنا مريم، عندما تنهال علينا آلام الجسد وعذابات المرض، ذكرينا بأن يسوع لما جُلد قد اتحد بجميع الذين يتألمون في العالم. لنصل مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الثالث: تكليل رأس يسوع بالشوك

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس متى (17: 27-30)

فمَضى جُنودُ الحاكِمِ بِيَسوعَ إِلى دارِ الحاكِم وجَمَعوا علَيه الكَتيبَةَ كُلَّها، فجَرَّدوهُ مِن ثِيابِه وجَعَلوا علَيه رِداءً قِرمِزِياً، وضَفَروا إِكليلاً مِن شَوكٍ ووَضَعوه على رأسِه، وجَعلوا في يَمينِه قَصَبَة، ثُمَّ جَثَوا أَمامَه وسخِروا مِنهُ فقالوا: “السَّلامُ عليكَ يا مَلِكَ اليَهود”.

تأمل: إن هذا الذل لم يُظهر حب الله فحسب، بل حقيقة الإنسان أيضاً “ها هو الرجل”، فمن أراد أن يعرف حقيقة الإنسان يجب عليه أن يعرف أيضاً غاية الإنسان وأصله واكتماله في المسيح. يجب عليه أن يعرف أن الله قد حط نفسه عن حبٍّ “حتى الموت، الموت على الصليب” (فيلبي 2: 8).

صلاة: ساعدينا يا أمنا مريم أن نحمل صليبنا بحب، عندما تنتاب نفوسنا المتألمة المخاوف والمضايق والشكوك والمحن الروحية. لنصل مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الرابع: حمل الصليب

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (يوحنا19: 17-19)

فخَرَجَ حامِلاً صَليبَه إِلى المَكانِ الَّذي يُقالُ لَه مَكانَ الجُمجُمة، ويقالُ لهُ بِالعِبرِيَّةِ جُلْجُثَة. َصَلبوهُ فيه، وصَلَبوا معَه آخَرَين، كُلٌّ مِنهُما في جِهَة، وبَينَهما يسوع. وكَتَبَ بيلاطُسُ رُقعَةً وجَعَلَها على الصَّليب، وكانَ مكتوباً فيها: “يسوعُ النَّاصِريُّ مَلِكُ اليَهود”.

تأمل: يحمل يسوع الصليب على كتفيه، ويصعد به على درب الآلام حيث يصلب بين لصّين، حُكم على يسوع بالموت، فوضع الجلادون الصليب على كتفه، فسار في درب الآلام وصعد على جبل الجلجلة يحيط به جمهور الناس، فكان بعضهم يتهكم به، وبعضهم يبكي عليه. أن الرب يمنحنا النعمة لكي نحمل صلباننا بصبر كل يوم من أيام حياتنا ولنقلد خطواته.

صلاة: يا أمنا مريم، لقد سرتِ مع يسوع على الطريق نفسه. فساعدينا على أن نحمل صلباننا بإيمان، وننهض فوراً عندما نسقط في الخطيئة عن ضعفٍ بشري. لنصل مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الخامس: موت يسوع على الصليب

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (لوقا 23: 44-47)

وكانَتِ السَّاعَةُ نَحوَ الظُّهر، فخَيَّمَ الظَّلامُ على الأَرضِ كُلِّها حتَّى الثَّالِثَة، لِأَنَّ الشَّمسَ قدِ احتَجَبَت. وانشَقَّ حِجابُ المَقدِسِ مِنَ الوَسَط. فصاحَ يسوعُ بِأَعلى صَوتِه قال: “يا أَبَتِ، في يَدَيكَ أَجعَلُ رُوحي!” قال هذا ولَفَظَ الرُّوح. فَلَمَّا رأَى قائِدُ المِائَةِ ما حَدَثَ، مَجَّدَ اللهَ وقال: “حقّاً هذا الرَّجُلُ كانَ بارّاً!”.

تأمل: موت يسوع على الصليب يقود المؤمن إلى أن يحيا موت يسوع واقفاً عند أقدام الصليب، فصالبوك يا رب، يستهزئون بك، غير مدركين أنهم صلبوا ملك الكون، وأنك بخشبة الصليب خلصت العالم أجمع. ربنا يسوع، نطلب منك مغفرة خطايانا التي هي السبب الحقيقي لآلامك، وساعدنا على تحمل آلامنا الروحية بطريقة مسيحية حقيقية. وامنحنا يا رب نعمة الخوف من الخطيئة، ومحبة الصليب والموت المُقدس لأنفسنا. ليكن أيضاً رحيماً مع جميع الذين هم في ألمهم الأخير.

صلاة: يا مريم أمنا، ابقي قريبة منا عندما نحمل صليب الألم، وقودي سفينتنا إلى ميناء ابنكِ حين تضرب بحر حياتنا عواصف اليأس والألم. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

صلاة ختامية للطوباوي ميغويل أوغسطين اليسوعيّ

يا مريم أُمُنا القديسة، إنَّ صليبّ ابنَكِ حياتُنا نُريدُ أن نمضي حياتِنا بالقُربِ منكِ، يا أمنا، لِنقفَ بجانبِكِ في وّحدتِكِ وحزنِكِ العميق، نُريد أن نشعُر بروحِنا بحزنِ عينيكِ، والشُعور بالخذلان الذي يضطرم في قلبِكِ. في مسيرتِنا في هذه الحياة، استمدي لنا، بواسطةِ دّم ابنِكِ الثمين، غُفران خطايانا، خلاصَ نُفوسِنا، استمدي للكنيسة المقدسة الإنتصار على أعدائها وانتشارِ مَلكوتِ المسيحْ في العالم أجمع. آمين

أسرار النور

السر الأول: معمودية يسوع في نهر الأردن

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس متى (3: 13-17)

في ذلِكَ الوَقْت ظَهَرَ يسوع وقَد أَتى مِنَ الجَليلِ إِلى الأُردُنّ، قاصِداً يُوحنَّا لِيَعتَمِدَ عن يَدِه. فجَعلَ يُوحنَّا يُمانِعُه فيَقول: “أَنا أَحتاجُ إِلى الاِعتِمَادِ عن يَدِكَ، أَوَأَنتَ تَأتي إِليَّ؟” فأَجابَه يسوع: “دَعْني الآنَ وما أُريد، فهكذا يَحسُنُ بِنا أَن نُتِمَّ كُلَّ بِرّ”. فَتَركَه وما أَراد. واعتَمَدَ يسوع وخَرجَ لِوَقتِه مِنَ الماء، فإِذا السَّمَواتُ قدِ انفتَحَت فرأَى رُوحَ اللهِ يَهبِطُ كأَنَّه حَمامةٌ ويَنزِلُ علَيه. وإِذا صَوتٌ مِنَ السَّمَواتِ يقول: “هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيبُ الَّذي عَنه رَضِيت”.

تأمل: إن معمودية يسوع في نهر الأردن هي قبل كل شيء سر النور. ففي هذا المكان، فيما كان المسيح ينزل إلى مياه النهر وهو البريء الذي جعل نفسه خطيئة لأجلنا (2كورنثس 5: 21) انفتحت له السماوات، وأعلن صوت الآب أنه ابنه الحبيب، ونزل عليه الروح القدس ليوشحه بالمهمة الدينية التي كانت تنتظره.

صلاة: علمينا يا أمنا مريم أن نحفظ ونتأمل بعماد يسوع ونَستَنير بهِ مصغيين إلى صوتِ الآب “هذا ابني الحبيب الذي بهِ سررتُ” فنحيا عمادنا ونرضي الرب.  لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الثاني: ظهور شخصية يسوع في عرس قانا الجليل

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (يوحنا2: 1)

وفي اليَومِ الثَّالِث، كانَ في قانا الجَليلِ عُرسٌ وكانَت أُمُّ يَسوعَ هُناك. فدُعِيَ يسوعُ أَيضاً وتلاميذُه إِلى العُرس.

تأمل: الآية الأولى في قانا الجليل كانت سر النور، فإن المسيح لمّا حوّل الماء إلى خمر فتح قلوب تلاميذه إلى الإيمان به، وذلك بفضل تدخل مريم إمهِ المؤمنة الأولى.

صلاة: تشفعي لنا يا أمنا مريم، واسمعينا دوماً ما قلته في عرس قانا: “افعلوا ما يأمركم به ابني” لنستحق الدخول إلى وليمة الحمل. لنصل مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الثالث: تبشير يسوع بملكوت الله ودعوته إلى التوبة.

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (مرقس 1: 14-15)

وبَعدَ اعتِقالِ يوحَنَّا، جاءَ يسوعُ إِلى الجَليل يُعلِنُ بِشارَةَ الله، فيَقول: “تَمَّ الزَّمانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكوتُ الله. فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة”.

تأمل: إن سر النور هو أيضاً تبشير المسيح بملكوت الله، ودعوته إلى التوبة وإلى مغفرة خطايا الذين يدنون منه بإيمان وتواضع. إن عمل الرحمة الذي بدأه آنذاك، سيتابعه حتى انقضاء الأزمنة، وسيتابعه بنوع خاص في سر المصالحة الذي سلمه إلى كنيسته.

صلاة: يا أمنا مريم، ساعدينا على أن نؤمن بمحبة الله لنا، ونتوب عن خطايانا، فنكون متواضعين كالأطفال، لنتمكن من الدخول إلى ملكوت المحبة. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الرابع: تجلي يسوع على الجبل

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (متى17: 1-2)

وبَعدَ سِتَّةِ أَيَّام مَضى يسوعُ بِبُطرسَ ويَعقوبَ وأَخيه يوحَنَّا، فانفَردَ بِهِم على جَبَلٍ عالٍ، وتَجلَّى بِمَرأًى مِنهُم، فأَشَعَّ وَجهُه كالشَّمس، وتَلألأَت ثِيابُه كالنُّور.

تأمل: إن تجلي المسيح هو سر النور بأسمى معانيه. إن التقليد عيَّن جبل طابور مكاناً للتجلي. فلما ظهر مجد الألوهية على وجه المسيح استولى الاختطاف العميق على التلاميذ، وأعلن الله الآب أن يسوع ابنه الحبيب، وأمرهم بأن يسمعوا له ويهيئوا له أنفسهم ليحيوا معه في أثناء آلامه ويبلغوا معه إلى فرح القيامة وإلى حياة مقدسة تتجلى بالروح القدس.

صلاة: يا أمنا مريم، يا ملكةً تجلّت في حياتها قوّة الله وجمال كلمته، علّمينا أن نصعد دوماً إلى جبل الصلاة، وأن تتجلّى قدرته في حياتنا كما في حياتك. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الخامس: تأسيس يسوع للإفخارستيا

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (متى26: 26)

وبَينَما هم يَأكُلون، أَخذَ يسوعُ خُبزاً وبارَكَ ثُمَّ كَسَرَه وناوَلَه تلاميذَه وقال: “خُذوا فَكُلوا، هذا هُوَ جَسَدي”.

تأمل: إن الإفخارستيا هو سر نور. لقد جعل المسيح بها جسده ودمه طعاماً وشراباً تحت شكلي الخبز والخمر، وأعطى حتى النهاية شهادة حبه للبشرية التي قدم ذاته ذبيحة في سبيلها.

صلاة: يا أمنا مريم، ساعدينا على أن نفهم، كلما تناولنا القربان الأقدس، أن شخصيتنا تذوب في شخصية يسوع، فيصبح كل واحد منا مسيحاً آخر.

صلاة ختامية للطوباوية مارت روبان

أيتها الأمُ الحبيبةُ، بما إنكِ تعرفين جيدًا دروبَ القداسةِ والحبِّ، علمينا أن نرفعَ بإطّرادٍ فكرَنا وقلبَنا صوبَ الثالوثِ، وأن نحدّقَ اليه بانتباهٍ مفعمٍ احترامًا ومحبةً. وبما أنكِ تسيرين معنا على دروبِ الحياةِ الأبديةِ، لا تكوني غريبةً عن الحجاجِ المساكينِ الذين ترغب محبتك في استقبالهم. ألفِتي نحونا انظار رحمتك، واجتذبينا الى مواطنِ نورِكِ، واغمرينا بمبادراتِ رقتِكِ، وامضي بنا صوبَ النورِ والحبِّ، وتَوَغَلي بنا الى الأبعدِ والأعلى في سنى السماواتِ. واجعلي ألا يقوى شيء على تعكير سلامنا، أو على إقصائنا عن التفكير باللهِ، بل فلتدخلنا كل دقيقةٍ الى أبعادِ السرِ الجليلِ، حتى اليومِ الذي يتسنى فيه لنفسِنا، وقد ازدهرت ازدهاراً كليًا بأنوارِ الإتحادِ بالله، ان تشاهدَ كلَّ شيء في ضوءِ الحبِ الأبدي، وفي الوحدةِ. آمين.

أسرار المجد

السر الأول: قيامة ربنا يسوع المسيح من بين الأموات

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (مرقس16: 5-6)

فدَخَلْنَ القَبْرَ فأَبصَرْنَ شَابّاً جَالِساً عنِ اليَمينِ عَلَيه حُلَّةٌ بَيضاء فَارتَعَبنَ. فقالَ لَهُنَّ: “لا تَرتَعِبنَ! أَنتُنَّ تَطلُبْنَ يسوعَ النَّاصريَّ المَصْلوب. إِنَّه قامَ وليسَ ههُنا، وهذا هو المَكانُ الَّذي كانوا قد وضَعوه فيه.

تأمل: إن التأمل في وجه المسيح لا يمكن أن يتوقف عند وجهه وهو مصلوب، لأنه قد قام حياً من بين الأموات. إن المسبحة الوردية قد عبّرت دوماً عن الشعور بهذا الإيمان، ودعت المؤمن إلى أن يتجاوز ظلام الآلام ويثبت بصره في مجد المسيح الحي الذي قام من بين الأموات وصعد إلى السماء. فبتأمله في قيامة المسيح، يكتشف المسيحي سبب إيمانه بهِ (اكورنثوس 15: 14)، ويعيش لا فرح الذين ظهر لهم المسيح فحسب -وهم الرسل ومريم المجدلية وتلميذا عماوس- بل فرح مريم العذراء أيضاً التي عرفت معرفة واضحة أن ابنها قد أخذ يحيا بالقيامة حياة جديدة.

صلاة: ساعدينا يا أمنا مريم، كيما نشترك في فرح القيامة. فننتقل من حزننا إلى فرح القيامة، بعد كل صليب عانقناه وقدمناه لله. لنصل مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الثاني: صعود ربنا يسوع المسيح إلى السماء

من إنجيل ربنا يسوع المسيح للقديس (لوقا 24: 50-53)

ثُمَّ خَرَجَ بِهم إِلى القُرْبِ مِن بَيتَ عَنْيا، ورَفَعَ يَدَيهِ فبارَكَهم. وبَينَما هو يُبارِكُهم اِنفَصَلَ عَنهم ورُفِعَ إِلى السَّماءِ. فسَجَدوا له، ثُمَّ رَجَعوا إِلى أُورَشَليم وهُم في فَرَحٍ عَظيم. وكانوا يُلازِمونَ الهَيكَلَ يُبارِكونَ الله.

تأمل: تعبّر الوردية منذ البدء، عن وعي الإيمان هذا، داعية المؤمن إلى تجاوز ظلمة الآلام، ليحدق بنظرهِ في مجد المسيح في القيامة وفي الصعود.

صلاة: علّمينا يا أمنا مريم أن نبقى مثلك، نقبل الملكوت في قلوبنا ونعلنه للآخرين تضحية وخدمة وصلاة. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الثالث: حلول الروح القدس على التلاميذ في العنصرة

من سفر أعمال الرسل (أعمال الرسل 2: 1-4)

ولَمَّا أَتى اليَومُ الخَمْسون، كانوا مُجتَمِعينَ كُلُّهم في مَكانٍ واحِد،فانْطَلَقَ مِنَ السَّماءِ بَغتَةً دَوِيٌّ كَريحٍ عاصِفَة، فمَلأَ جَوانِبَ البَيتِ الَّذي كانوا فيه، وظَهَرَت لَهم أَلسِنَةٌ كأَنَّها مِن نارٍ قدِ انقَسَمت فوقَفَ على كُلٍّ مِنهُم لِسان، فامتَلأُوا جَميعًا مِنَ الرُّوحِ القُدس، وأَخذوا يتكلَّمونَ بِلُغاتٍ غَيرِ لُغَتِهِم، على ما وَهَبَ لهُمُ الرُّوحُ القُدُسُ أن يَتَكَلَّموا.

تأمل: إن العنصرة، الذي يظهر وجه الكنيسة كأسرة متحدة بمريم، تنعشها قوة الروح القدس وتجعلها مستعدة لأن تقوم برسالتها التبشيرية بالإنجيل. إن التأمل في هذا السر، كالتأمل في سائر أسرار المجد من شأنه أن يدفع المؤمنين إلى أن يشعروا شعوراً أقوى بوجودهم الجديد في المسيح، وبواقع قيام الكنيسة. وهذا الوجود الجديد يجعل من حادث العنصرة أيقونة عظيمة.

صلاة: أُطلبي لنا يا أمنا مريم، أن نكون على مثالك، هياكل مقدسة تنتظر حلول الروح فيها. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الرابع: انتقال مريم العذراء إلى السماء

من رؤيا القديس يوحنا (21: 2-4)

ورَأَيتُ المَدينَةَ المُقَدَّسة، أُورَشَليمَ الجَديدة، نازِلَةً مِنَ السَّماءِ مِن عِندِ الله، مُهَيَّأَةً مِثلَ عَروسٍ مُزَيَّنَةٍ لِعَريسِها. وسَمِعتُ صَوتًا جَهيرًا مِنَ العَرشِ يَقول: “هُوَذا مَسكِنُ اللهِ مع النَّاس، فسَيَسكُنُ معهم وهم سيَكونونَ شُعوبَه وهو سيَكونُ “اللهُ معَهم”.

تأمل: إن مريم العذراء بانتقالها إلى السماء بالنفس والجسد قد انضمت إلى هذا المجد الدائم الذي نعم به ابنها لمّا صعد قبلها إلى السماء وجلس إلى يمين الآب. وبذلك قد سبقت الجميع بفضل امتياز خاص من الله، وتمتعت بالمصير السعيد المُعد لجميع الأبرار الذين سوف تقوم أجسادهم حية من القبور.

صلاة: اطلبي لنا يا مريم أم فادينا وأمنا أن نسعى دوماً إلى جمال السماء، وسعادة الحياة مع ابنك. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

السر الخامس: تكليل مريم العذراء في السماء

من رؤيا القديس يوحنا (12: 1-5)

ثُمَّ ظَهَرَت آيَةٌ عَظيمَةٌ في السَّماء: اِمرَأَةٌ مُلتَحِفَةٌ بِالشَّمْس والقَمَرُ تَحتَ قَدَمَيها، وعلى رَأسِها إِكْليلٌ مِنِ اثَني عَشَرَ كَوكبًا، حامِلٌ تَصرُخُ مِن أَلَمِ المَخاض. وظَهَرَت في السَّماءِ آيَةٌ أُخْرى تِنِّينٌ كَبيرٌ أَشقَر لَه سَبعَةُ رُؤُوسٍ وعَشرَةُ قُرون، وعلى رُؤُوسِه سَبعَةُ تيجان،وذَنَبُه يَجُرُّ ثُلثَ كَواكِبِ السَّماء، فأَلْقاها إِلى الأَرض. ووَقَفَ أَمامَ المَرأَةِ الَّتي توشِكُ أَن تَلِد، حَتَّى إِذا وَضَعَت وَلَدَها ابتَلَعَه. فوَضَعَتِ ابنًا ذَكرًا، وهو الَّذي سَوفَ يَرْعى جَميعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِن حَديد. وخُطِفَ وَلَدُها إِلى حَضرَةِ اللّهِ إِلى عَرشِه.

تأمل: أن مريم قد تكللت ببهاء المجد في السماء، وأضحت ملكة الملائكة والقديسين، فنعمت بفضل تدبير سابق من الله بما سوف تنعم به الكنيسة عند انقضاء الدهر.

صلاة: يا أمنا مريم، نحمدك لأنك، أنتِ مع الملائكة في السماء، تشجعيننا وتدفعيننا، نحن أبناءك الحجاج على الأرض، إلى أن نتابع مسيرتنا لنصل إلى خط القداسة. لنصلِّ مرة أبانا وعشر مرات السلام.

صلاة ختامية للقديس غريغوريوس النزيانزي

أيّتُها الملكةُ السعيدةُ المُرتديةُ أرجوانَ الخلودِ القائمةُ في مقرِ المختارين في السماء، أيّتها الملكةُ التي لها الأمرُ المُطاعُ لدى جميع الجيوشِ السماويةِ، سيدتي وملكتي، يا مَن وحدَها مِن بناتِ حواءَ نالتِ الإنعامَ الفريدَ بأن تصيرَ أمَّ اللهِ بحالٍ يُعجِزُ العقولَ، أيتها العذراءُ، أجملَ العذراى، يا أمُّ الفرحِ، يا فرحَ الجنسِ البشري بأسرِهِ، من علوٍ سمائكِ تقبلي صلاتي. إني أضعُ كلَّ ثقتي في رحمتكِ فاحفظيني من جميعِ الشرورِ وامنحيني أن أجتازَ هذا العمر بسلامِ. إنَّ عطفَكِ يشملُ الجميعَ فكوني خلاصي الأكيدَ آمين.