full screen background image

التأمل السادس والعشرون مريم العذراء نجمة الصُبح

675

الأخت مارتينا

إن القيم الروحية التي تسلمتها الكنيسة المقدسة من آبائنا القديسين هي روح وحياة، إنها خبرة روحية عاشها آباؤنا الروحيون الأتقياء، ثُم حافظَ عليها أبناؤهم والأجيال الصاعدةنتيجة اقتناع واختبار داخلي منذث أقدم العصور ، لذلك فإن الكنيسة في تمسكها الشديد ومحافظتها على تعليم الآباء (التقليد إنما تُحافظ على الوديعة للأجيال اللاحقة بالخبرات الروحية، والخبرة الروحية عند الآباء القديسين تحمل دائماً في طياتها فكراً وسلوكاً ورؤية روحية لها وزنها وقيمته، فهي بالنسبة للكنيسة تراث ونور يهتدى بهِ.

وفي القرون الأولى تكلم الآباء القديسين عن مريم العذراء فدعوها: نجمة الصُبح، إذ يقول القديس بلرمينوس في العذراء: “مثل كوكب الصُبح المُتلأليء قبل النهار لأن ظهورها سبق ظهور إبنها، الذي هو النور كلهُ والنهار كلهُ. إعتاد الناس أن يتأملوا جَلَدَ السماء، وقد عاينوا نجمة صباحية تَظهر كل يوم قبل شروق الشمس، وعرفوا أنها هي التي تُعلن خبر الشروق، وهذهِ هي حال أمنا العذراء القديسة المشرقة المضيئة كالنجم الصباحي تُعلن للملأ شروق النور الحقيقي الآتي إلى العالم، “لكي لا يمشي في الظلام كل من يتبعهُ، بل يكون لهُ نور الحياة”، (يو8: 12). مريم أُمنا هي أشبه بنجم بيت لحم الذي قادَ الرعاة والمجوس إلى حيثُ المُخلص، ولا يزال يقود المؤمنين والحجاج إلى قلب الآب، يقول القديس خوسيه ماريا إسكريبا: “مريم هي النجمة التي تُخبر أن الشروق الذي ننتظرهُ آتٍ”.

مريم العذراء والدة الإله، أشرقت في أعلى السماوات واشتد لمعانُ ضيائها لُينير كل المسكونة. أزالت سواد الليل وبشرت كالفجر بظهور الشمس الحقيقية والنور الإلهي. أُمنا مريم سطعت في الفضاء كأنما تجلٍّ من تجليات عريسها الحبيب، أنارت الليل كالقمر المُكتمل، وأزالت الظُّلمة كالشمس وسَطَ النهار، لقد بدتْ وكأنها الكوكب المُتلألئ في الأُفق. هي ملكةُ الليل وملكة النهار. اختارها الله كيما تعكُس صورة ضيائهِ ومجدهِ، فتُظهِرَ أنّ عريسه الساكن فيها هو المصباحُ الذي يُبدد ظلام الجهل والخطيئة، لأنهُ سيكون نورَنا الذي نرى فيهِ حضور الله في حياتنا، الذي نأخذ بهِ ومن خلالهِ قرار تغيير حياتنا، ونبدأ فيهِ من جديد بعيش الحُب، مريم أمُنا القديسة تبقى نجمة الصبح المشعة المضيئة أمامَ أعيننا، تذكرُنا أنهُ بعد غروب هذهِ الحياة، يشرق علينا نور الأبدية، الذي نرجوهُ بالإيمان ونكتشف غِنى مجدهِ ونكون في ضيائهِ كُلَّ حين.

لِنُصَّلِّ: السلامُ عليكِ يا مريم يا صُبحاً مُنيراً ، حمل وحدهُ المسيح الشمسَ مسكنَ النور، يا نجمة الصُبح البهية، إحمينا من شرِّ الخطيئة، وقودي كل الذين لم يصل إليهم بعد نور الإيمان إلى الميناء الأمين، ننظُر إليك يا نجمة الصبح وندعوكِ ونرجوكِ بكل ثقة أن ترضي عنا كيما نبلغ ميناء الخلاص، ميناء ربنا يسوع المسيح الفادي. آمين.