full screen background image

تأمل اليوم العاشر من الشهر المريمي

1149

مريم العذراء المحبول بها بلا دنس

إعداد الأخت مارتينا

جميع أبناء آدم يستطيعون بل هم ملزمون أن يقولون مع داؤد النبي: “في الإثمِ حُبِلَ بي وبالخطايا حبلت بي أمي”. أما مريم تستطيع، بل يجب أن تقول أنا وحدي حُفظتُ من كل دنس الخطيئة، أنا وحدي وُجدتُ أمام إلهي طاهرة من كل دنس الخطيئة، إذ أن كل البشر حُبِلَ بهم في فساد الخطيئة وأنا وحدي حُفظتُ من طوفان الفساد واللعنة الشاملة، لأن إلهي ومليكي قال لي: “أنتِ لن تهلكي، لأن حكم القضاء ليس عليكِ، بل سائر الناس”. (إستر15: 13).

أعمق رغبة في قلب المؤمن هي أن يرى الرب عياناً (اشعيا 52: 8) والحنين إلى الفردوس هو الشعور بأن الإنسان فقد اتصالهُ بالرب، والرجاء هو أن يرى وجه الرّب لا غاضباً بل مبتسماً، ظهر الرب لموسى في العليقة المتقدة على الجبل. ظهر لإيليا وطلب منهُ المحافظة على رسوم الله وعبادتهِ رغم تفشي العبادات الوثنية، وظهور الرب يهدف إلى إشعال قلب المؤمن وتحميلهِ رسالة إلى الناس الذين حولهُ. فكان موسى خادماً للعهد بين الله وشعبهِ يستعطف الرّب ويذكر الشعب بحفظ وصايا الرب. وسيظهر الرب في تاريخ الكنيسة بطرق متعددة: حاملاً صليبه نوراً فوق الكأس والقربان، قلباً متّقداً بنار المحبة كما سيظهر من خلال قديسيهِ فيظهر مجدهِ بواسطتهم. وبين القديسين تسمو مريم العذراء وقد مجّدها الله بظهورات عديدة. فبدت نوراً براقاً وجمالاً مشرقاً ومحبة حانية على البشر عاطفة على الخاطئين مهتمة بالسلام. أشخاص اختارهم الله جاءت تصلي معهم وتُحمِلهم رسالة صلاة وتوبة من أجل عالم ينحرف عن طرق الله ومعرفتهِ. ومن ضمن هذهِ الظهورات ظهورها في لورد على القديسة برناديت إذ تقول: رأيت سحابة ذهبية خرجت من المغارة ثم ظهرت سيدة لم أرَ مثل جمالها قط وكانت تحمل في يدها مسبحة. نظرت إليَّ السيدة وابتسمت ثم أشارت إليَّ بالدنو منها. أخذتُ مسبحتي وركعتُ على الأرض أُصلي. وإذا بالسيدة تأخذ مسبحتها وتقلب برفقتي حبات المسبحة بين أصابعها وتردد معي فقط “المجد للآب والابن والروح القدس…”  وما أن انتهيت من تلاوة المسبحة حتى رأيتُ السيدة تعود إلى داخل المغارة وتختفي.

 وبعد أن توالت ظهورات العذراء على القديسة برناديت أعلن البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854 عقيدة الحبل بلا دنس وهذا نصها: إنّنا نعلن ونحدّد أنّ التعليم القائل بأنّ الطوباويّة مريم العذراء قد عُصمت منذ اللحظة الأولى للحبل بها من كل دنس الخطيئة الأصليّة، وذلك بنعمة وإنعام فريدين من الله القدير، ونظرًا إلى استحقاقات يسوع المسيح مخلّص الجنس البشري، هو تعليم موحى به من الله، وواجب من ثمّ على جميع المؤمنين الإيمان به إيمانًا ثابتًا لا يتزعزع”.

هذا التحديد لا يعني أنّ مريم العذراء قد حبلت بها أمّها حنّة بقدرة الروح القدس دون مباشرة رجل، كما حبلت هي بابنها يسوع. فالقدّيسة حنّة قد حبلت بمريم كما تحبل سائر النساء. بيد أنّ العذراء -وهذا هو مضمون العقيدة-“وإن حبلت بها أمّها على طريقة البشر، فإنّ نفسها الشريفة كانت حاصلة على نعمة القداسة، ومن ثمّ خالية من كل خطيئة، منذ أن خلقها الله وأتحدها بالجسد في أحشاء حنّة. ولم تحتمل العذراء الفائقة الطهر على هذا الإنعام الفريد إلاّ باستحقاقات ابنها فادي البشر. ومن ثمّ فهي مثلنا مفتداة بدم كريم. بيد أنّ نعمة الفداء لم تكن لها نعمة تبرير من خطيئة تغشى نفسها الطاهرة، بل نعمة مناعة وعصمة تقي تلك النفس الكريمة من التلوّث بجريرة الأبوين الأوّلين. ولئن تكن العذراء مريم لم تُعتَق ولم تُعصَم في الوقت نفسه بن ملحقات الخطيئة الجدّية كالعذاب والموت، فما ذلك إلاّ لأنّ مصيرها كان مرتبطاً ارتباطاً صميمًا، في تصميم الله الأزلي، بمصير ابنها الإلهي: إنّها حوّاء الجديدة تسهم مع آدم الجديد في ولادة البشرية إلى حياة جديدة على أساس العذاب وإراقة الدم الزكي”.

لنصلِّ: يا أمنا العذراء القديسة ساعدينا على نشر مسبحتكِ كيما يُكرم حنانكِ ويعترف بشفاعتكِ كل من يجهل دورك في حياتهِ، لتفيض نار قلبكِ يا مريم على جميع البشر لتَذُب قلوبنا حباً بكِ، أنتِ تعلمين أننا نحنُ البشر خطأة، بحق قلبكِ الفائق القداسة والأمومة إشفينا من كل مرض روحي، واجعلينا قادرين على معاينة طيبة قلبكِ. آمين.