الأخت بولين
قد تكون البداية دائماً صعبة وفيها تعثرات في المسيرة – لكن المهم- على المرء أن يستمر ولاسيما وأن هو أختار الطريق الذي يسير فيه
الذكريات القديمة تبقى محفورة في أعماق الإنسان مهما كانت، تبقى خبر على أوراق في سجلات الدماغ، تبقى في مخيلتنا وتعود إلينا بين الحين والآخر. هكذا هي قصتي مع القديس يوسف، أبتدأت منذ دخولي إلى الدير بعدة أيام، قبل دخولي إلى الدير معرفته كان بسيطة، أما بعد ذلك تعمقت وأصبحت في القلب… في أحدى الليالي وأنا أواصل دراستي (كان عمري حينها – ١٥ عشر عاماً) في الليل وبعد أنطفاء التيار الكهربائي، جاشت في نفسي مشاعر الخوف الشديد من رهبة الدير لكبر حجمه وكثرة النوافذ التي فيه والممرات الطويلة التي لا نهاية لها… قبل النوم كانت الأخت المسوؤلة تتفقد الدير والأخوات أن كُنَّ بحاجة لشيء: شاهدت وجهي المملوء من الرهبة والخوف، وتاركةً كتاب الدرس على جنب! أمسكت بيدي مهدئةً من ما أمر به، ونزلت بي إلى كاپيلا الدير وجلسنا قرب تمثال القديس يوسف وأعطت بيدي ورقة وقلم ثم قالت لي: أكتب كل ما يراودك في هذه الورقة … كتبت ولم تسعني الورقة بتبلليها بالدموع إلى أن رأيت قدماي راكعتين أمام تمثال القديس يوسف. حينها بدأت الأهت المسوؤلة تقول: ضعي هذه الورقة تحت التمثال وأذهبي إلى واجباتك مكملة إياها. عملت ما قالته لي وأنا في أتم الهدوء … قالت: منذ اليوم فليكن مار يوسف أباً لك ويحميك في كل طرقك ولا تخافي بعد اليوم.
نعم، كلماتها إلى اليوم في مسمعي وأن كانت هناك مطبات في الطريق وصعوبات في الحياة، التي لا بد منها، والتي أنا على يقين سأجتازها، لكون رفيق دربي هو مار يوسف، هو الذي يحاميني ويدافع عني في كل خطوة أقوم بها
أوكلت إليه حياتي وتكريسي، كنيستي وأكليروسها، أهلي ورهبانيتي والشعب الذي أخدمه ورسالتي وأحبتي وأصدقائي. إنه الشفيع السميع.
لنتعلم أخوتي من القديس يوسف في أن يكون لنا أباً ومرافقاً، مربياً وحارساً. لا نترك التماسنا له فهو الشفيع الذي لن يخذلنا أبداً.