full screen background image

التأمل السادس ثقة مريم اللامتناهية بالله

456

الأخت مارتينا

إن أمنا مريم تعلمنا أن الله لا يتركنا أبداً يمكنهُ أن يفعل أشياء عظيمة حتى من ضعفنا فلنثق بهِ ولنقرع على باب قلبهِ. سمعت مريم كلام الله، ولمست كلمتهِ فكان إيمانها بلا حدود سمعت كلام الله في قلبها، وأتاحت لهُ أن يضرب فيهِ جذوراً وأن ينمي كل طاقاتهِ الإلهية وأن يستحوذ عليها كليةً، لا شيء في عقلها أو في قلبها قاوم أو عارض بل كل شيءٍ إستسلم لعمل الله، ولم يخالط تسليم ذاتها للرب أي تحفظٍ. ربما لم تدرك أمنا مريم كل ما كان الله يحققهُ فيها، ولكنها أيقنت بقدرتهِ وحقيقتهِ، ولم يُخِفْها السر، بل رحبت بالنور في العتمة، وبالكلمة في الصمت، ولم يحُل الصمت ولا العتمة دون يقينها. مع إيمانها الوطيد بأن المستحيل على البشر، ممكن لله وسهلٌ‘ إذ كانت قدماها راسختين في الأرض. مريم هي المرأة الواقفة بجانب يسوع تُعينهُ فترشد الرسل وتقودهم إليهِ، ومنهُ إلى الأب. ولا أحد يذهب إلى الأب إلا بيسوع الذي هو الطريق إليهِ (يو14: 6) ومريم هي الطريق إلى يسوع. ولذا سلمَّ يسوع إخوتهُ المؤمنين في شخص يوحنا إليها فقال: “يا إمرأة هوذا إبنكِ”، مضيفاً قولهٍ ليوحنا ” هذهِ هي أمك”. كما إهتمت مريم بيسوع، ويسوع يتابع رسالتهِ الفدائية إلى نهاية العالم. هكذا ثبت مريم في وظيفتها أن تعينهُ حتى ينتهي العالم إنها أم أبدية وشريكة تمتد خدمتها عبر الأجيال والأزمان. إذن إن قداسة مريم هي ثمرة تاريخ الخلاص فمريم هي بنت صهيون، والارث المقدس الباقي من شعب الله في العهد القديم، مريم أمنا القديسة هي المرأة الوحيدة التي اختارها الله لتكون أم المسيح المخلص، فهي وحدها تتمتع بهذهِ الصفات الروحية النادرة. مريم هي أم الكنيسة وأم لكل إنسان، كونها الأم التي ولدت الإنسانية الجديدة، إنها المرأة التي أحبت كثيراً، مريم هي الصمت الذي يسمع، والحضور الذي يشجع ويساعد في الخلاص، مريم هي الأم البتول الشجاعة المؤمنة بمحبة الله وخوفهِ على أبنائهِ فهمت قصد الله من البشارة بعد أن أنار لها السبيل الذي تبحث عنهُ. مريم هي المؤمن المدعو من الله، هي تمثل البشرية المدعوة للإجابة على دعوة الله إنها تمثل الإنسان المُخلَص والمُحرَر، إن مريم بكليتها في مقياس المسيح والله، إنها موقع سكناه وأي داعٍ أخر لوجود الكنيسة إلا أن تضحي سكنى الله في العالم؟ لا يتعامل الله بالمجردات إنهُ شخص والكنيسة شخص وبقدر ما يصبح كل منا شخصاً بمعنى أن يضحي سكنى تليق بالله. إبنة صهيون بقدر ما نصبح واحداً بقدر ذلك نضحي كنيسة والكنيسة تحقق ذاتها.

لنصلِّ: يا مريم أمنا القديسة يا والدة الله، يا معونة المحتاجين إمنحي القوة للضعفاء صلي من أجل شعب الله، يا مريم الفائقة التواضع نتوسل إليكِ بحق تواضعكِ الشديد والذي إستحقيتِ بهِ أن تُرفعي فوق كل جوقات الملائكة والقديسين، تشفعي لنا لننال بشفاعتكِ وفرة من كل النِعم والإستحقاقات أمين.