full screen background image

اليوم العاشر: مريم نموذج المثابرة المستمرة

63

الاخت مارتينا

تأمل

تدعو أمنا العذراء القديسة  الكنيسة إلى التأمل في سر المسيح وتشهد لأهمية التواضع الهادئ والطاعة المحبة. “إن ابتسامة السيدة العذراء الأمومية، المستنسخة في الكثير من الأيقونات المريمية، تعبر عن ملء النعمة والسلام الذي يسعى إلى المشاركة وهذا التعبير عن صفاء روحها يساهم بشكل فعال في إعطاء الكنيسة وجهاً فرحاً”. (البابا القديس يوحنا بولس الثاني)، لقد سبقتنا مريم في طريق الإيمان: فآمن برسالة الملاك، وكانت أول من استقبل سر التجسد وفعلت ذلك على أكمل وجه (أم الفادي، رقم 13). بدأت رحلتها كمؤمنة قبل أمومتها الإلهية وتطورت بشكل أعمق خلال تجربتها الأرضية. كان إيمانها جريئاً لقد آمنت في البشارة بما هو مستحيل بشرياً، وفي قانا حثت يسوع على القيام بمعجزتهِ الأولى، وحثتهُ على إظهار قدراتهِ المسيحانية. (يو2: 1_ 5). تعلم مريم المسيحين أن يعيشوا إيمانهم كمسيرة شاقة وجذابة، والتي تتطلب، في كل عصر وحالة من الحياة، الشجاعة والمثابرة المستمرة، وكانت حياة مريم نفسها حياة متواضعة وإيمانياً ومخفية. إن طاعة مريم للإرادة الإلهية كانت مرتبطة بإيمانها بكلمة الله، استطاعت أن تقبلها بالكامل في حياتها، وأظهرت تقبلها لخطة الله وقبلت كل ما طلب منها رب السماوات والأرض. إن تقديم الصلوات لمريم العذراء وطلب شفاعتها في الكنيسة يشجع المسيحين على الإصغاء إلى كلمة الرب كل يوم، وفهم مخطط محبتهِ في مختلف الأحداث اليومية، والتعاون بأمانة في تحقيقهِ. إذاً هكذا تُعلم مريم جماعة المؤمنين أن ينظروا إلى المستقبل باستسلام كامل لله.

قصة

كان هناك شاب ترك الصلاة  لمريم العذراء مدة من الزمن وذات يوم كان عائداً من رحلة، و فجأة رأى مسبحة على الأرض، و كانت أوّل ردّة فعل له أن يتركها ويتابع سيره. لكن حبّه الدفين لمريم العذراء منعه من ذلك، فالتقطها وقال: “لا يمكنني أن أردّها لصاحبها، سأعطيها لمريم العذراء، و سأضعها عند هيكل العذراء في أول كنيسة أصادفها.وبالفعل دخل أوّل كنيسة، وعندما وصل إلى هيكل العذراء، سمع صوتاً داخليا يقول له: “أتلُ المسبحة قبل أن تضعها على الهيكل وتذهب. وبعدما صلّى المسبحة، تأثّر جداً، وشعر بصوت يدعوه إلى الكهنوت. فكّر كثيرا، ثم قبل الدعوة وأصبح كاهناً. ومنذ يوم رسامته، كان يتلو المسبحة التي وجدها في الطريق بتقوى كبيرة لأنها كانت السبب في رجوعه الى الله وفي وصوله الى سّر الكهنوت. وبعد بضع سنوات، عيّنه الأسقف مسؤولا عن مستشفى. كان يزور المرضى يوميا و يصلي لمن يطلب منه ذلك. دخل يوما غرفة مريض، وما إن رآه المريض حتى قال: “لا تكلّمني عن الله فأنا ملحد“. حاول الكاهن ان يُكلّم المريض بلطف، لكن المريض رفض، فقال الكاهن: “حسناَ سأتلو اليوم المسبحة عن نّيتك“.

أجاب المريض: “لا أريد أن اسمع كلمة “مسبحة.أجاب الكاهن: “لكن صلاة المسبحة لا يمكن الاّ أن تفيدَك“.

أجاب المريض: “بل هي سبب شقائي وتعاستي. قال الكاهن: “كيف”؟

أجاب المريض: “اسمع قصتي مع المسبحة”… عندما كنت صغيراً، كنت أصلّي المسبحة مع والدتي كلّ يوم.

وعندما كبرت، ذهبت الى المدينة، فعملت فيها.وهناك تعرّفت على رفقاء سوء أبعدوني عن الله وعن الصلاة.

ويوماً ما استدعوني إلى القرية حيث كانت تسكن والدتي، لأنها كانت على فراش الموت. وهناك طَلَبتْ مني وعداً أن أصلي ولو قِسماً من المسبحة كل يوم. خجلت منها ووعدتُها، عندئذ أعطتني والدتي مسبحتها التي كانت تصلي بها منذ سنين، وعندما كنت في طريق عودتي الى المدينة، همس الشيطان في قلبي قائلاً: “تخلّص من هذه المسبحة اللعينة، وارمها على الأرض“. رميتها، ومنذ ذلك اليوم لم أعرف طعم الراحة، لا بل أشعر أني أصبحت ملعوناً. تأثر الكاهن وسأل المريض عن السنة وعن الشهر الذي حصل فيه ذلك، ثم أخرج المسبحة من جيبه وسأل المريض: “هل سبق ورأيت هذه المسبحة؟. فصاح المريض: “بل هي مسبحة والدتي”. فقال الكاهن: “انظر، المسبحة التي كانت سبب تعاستك كانت سبب سعادتي، لأنها هي التي قادتني إلى الكهنوت. خذها وابدأ من جديد حياة سعيدة هنيئة…”.  

صلاة: أيتها البتول القديسة، أنتِ تملكين في المجد مع يسوع ابنكِ. أذكرينا في حزننا، أنظري بعطف إلى كل الذين يعانون أو يكافحون في وجه الصعاب. أشفقي على وحدة قلوبنا، اشفقي على ضعف إيماننا وحبنا. أشفقي على أولئك الباكين على أولئك المصلين، على أولئك الخائفين. يا أمنا القديسة، نرجوكِ أن تستمدي لنا جميعاً الحب والسلام. آمين.