full screen background image

الكلمات العشر

188

الأخت بشرى

الكلمة في العهد الجديد:

          يخبرنا القديس مرقس أن أحد معلمي الشريعة دنا من يسوع وسأله: “ما هي أولى الكلمات كلها؟ فأجابه يسوع: الكلمة الأولى هي اسمع يا اسرائيل. الرب إلهنا هو الرب الواحد، فأحبب الرب إلهك…”. فقال له معلم الشريعة: “أحسنت يا معلم. فأنت على حق في قولك إن الله واحد ولا إله إلا هو وأن يحبه الإنسان أفضل من كل الذبائح والقرابين” (مر12: 28-32).

          حين حدّث يسوع معلم الشريعة أعلن إيمان المسيحيين بالله الواحد، فوافقه معلم الشريعة، فيسوع ومحاوره عادا الى سفر التثنية في إعلان إيماني يبدأ بكلمة “اسمع” (شماع في العبرية). “الرب إلهنا رب واحد” (4:6).

          هذا يعني أن إله إسرائيل لا يتجزأ كما يظن الناس الذين يرون الصور والمعابد تتوزع في طول البلاد وعرضها.

          قال المعلم اليهودي: “الرب هو إلهنا. الرب هو واحد”.

وقال التقليد المسيحي: “الرب إلهنا هو الرب الواحد” (مر 29:12). هذا الإله هو الذي يحب شعبه (37:4). وهو الإله الذي نخافه ونحبه (10:5). إن الإله الذي يعبده اليهود هو ذاك الذي يعبده المسيحيون. فإله إبراهيم وإسحق ويعقوب (مر 26:12) هو ذاك الذي نؤمن به على خطى الآباء، ونحبه بكل قلبنا وكل نفسنا وكل ذهننا. فإذا كنا للمسيح، فنحن نسل إبراهيم ولنا الميراث حسب الموعد (غل29:3). لأننا نقتدي بأبينا في إيمانه (روم 12:4). إذا كان لإبراهيم وإسحاق ويعقوب والأنبياء مكان في ملكوت الله (لو 28:13)، الذي جاء المسيح يدشنه، فهم لا يختلفون عن المسيحيين المدعوين الى هذا الإيمان عينه والملكوت الواحد، عقيدة المسيحيين في الوحدانية هي إمتداد لعقيدة اليهود كما نقرأها في العهد القديم.

          إن عقيدة الوحدانية ترتكز على ما اختبره المؤمنون من عمل الله الخلاصي في قلب الكون والتاريخ. هذا الإله واسمه يهوه، أقام علاقات مع شعبه فمنعه من عبادة أية قوة في السماء أو على الأرض. هذا ما تقرأه في الكلمة الأولى من الكلمات العشر، هذا الإله يكره أن يشاركه آخر في حقه على شعبه.

          على خطى العهد القديم سار العهد الجديد، فشدّد على الاعتراف بالله الواحد. نقرأ مثلاً في (1كور 8: 4-5): “إن الوثن لا كيان له، ولا إله إلا الله الواحد. إذا كان في السماء أو في الأرض ما يزعم الناس أنهم آلهة… فلنا نحن إله واحد وهو الآب الذي منه كل شيء وإليه نرجع”.

          وحين يتحدث القديس بولس عن الله الذي يبرر اليهود والوثنيين على السواء يعلن: “الله واحد” (روم 30:3). وإذ يكلمنا عن الوسيط بين الله والبشر، يعلن: “الله واحد” (غل20:3). فإله البشر جميعًا يريد أن يخلّصهم لا بالشريعة الموسوية التي تستعبدهم، بل بابنه الوحيد يسوع الذي يحررهم ويوحدهم بالإيمان باسمه. وفي هذا المعنى عينه يعود الرسول الى خلاص البشر جميعًا، لأن الله الواحد هو إلههم جميعًا: “الله واحد، والوسيط بين الله والناس واحد هو يسوع المسيح” (1تم 5:2). ويقول أيضًا في (أف 6:4): “إله واحد، أب للجميع وفوقهم، يعمل فيهم جميعًا وهو فيهم جميعًا”.

للموضوع تكملة