full screen background image

اليوم الثاني: المحبة الشيء الاعظم في حياتنا

302

الحياة  قيمة كبيرة. الحياة علاقة حب وصداقة. من نُحبه يعيش فينا.

فالسؤال المطروح علينا هو: هل نحن منفتحون على بعضنا البعض أم منغلقون كل واحد على أنانيته؟ الانغلاق نوعٌ من أنواع الموت! يقول عالم الرياضيات الالماني ديفيد هيلبرت: ” لا تستمر الحياة الا بالتجاوزات. يجب ان تتجاوز ندمك،  وتتجاوز هزيمتك وتتجاوز بعض الاشخاص ايضا”.

الاكليروس يتكم كثيراً عن المحبة، لكن الناس لا تصدق.. المحبة- الحبّ ليست كلاما بل مواقف وسلوكاً.

 نشيد المحبة في الرسالة الاولى الى قورنثية( 13/ 1-8)

 لو تَكَلَّمتُ بلُغاتِ النَّاسِ والمَلائِكة، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما أَنا إِلاَّ نُحاسٌ يَطِنُّ أَو صَنْجٌ يَرِنّ.ولَو كانَت لي مَوهِبةُ النُّبُوءَة وكُنتُ عالِمًا بِجَميعِ الأَسرارِ وبالمَعرِفَةِ كُلِّها، ولَو كانَ لِيَ الإِيمانُ الكامِلُ فأَنقُلَ الجِبال، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما أَنا بِشَيء.ولَو فَرَّقتُ جَميعَ أَموالي لإِطعامِ المَساكين، ولَو أَسلَمتُ جَسَدي لِيُحرَق, ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما يُجْديني ذلكَ نَفْعًا. المَحبَّةُ تَصبِر، المَحبَّةُ تَخدُم، ولا تَحسُدُ ولا تَتَباهى ولا تَنتَفِخُ مِنَ الكِبْرِياء،ولا تَفعَلُ ما لَيسَ بِشَريف ولا تَسْعى إلى مَنفَعَتِها، ولا تَحنَقُ ولا تُبالي بِالسُّوء، ولا تَفرَحُ بِالظُّلْم، بل تَفرَحُ بِالحَقّ.وهي تَعذِرُ كُلَّ شيَء وتُصَدِّقُ كُلَّ شَيء وتَرْجو كُلَّ شيَء وتَتَحمَّلُ كُلَّ شيَء. المَحبَّةُ لا تَسقُطُ أَبَدًا”

 بولس لا يتكلم عن المال والسلطة والجاه والمعرفة التي كان معاصروه يعدونها قيما كبرى وهدفا للوصول اليها، انما يتكلم  عن اعظم شيء في حياتنا،  وهو المحبة- الحبّ، ومن دونها  تكون حياتنا فارغة.

بولس عرف واقع القورنثيين وفهم  ان ليست فيهم المحبة، بل تهيمن عليهم  مشاعر الحسد والغيرة والنميمة  والتحزبات، مما فككت الجماعة وشتتها.

كثيرون يعدون انفسه مسيحيين( ومكرسين ومكرسات)  ويمارسون الصلاة  وطقوس العبادة والصوم، لكنها كما يشير  بولس باطلة  لان ليس . فيهم المحبة. ويؤكد ان الله محبة.

 والقديسة ترازيا تقول” ” أحبب واعطِ كلَّ شيء.. أعطِ ذاتك”.

هنا أود ان ألفت النظر الى ان كلمة “المحبة”  charity   ليست love الحبّ، المحبة تميل الى الرحمة أكثر منها الى الحبّ الوجداني النابع من القلب.

*  الحبُّ يعيش في الحقيقة وليس في الوهم، لا زيف فيه ولا عقدٌ.

* الحبُّ متجردٌ لا يبحث عن منفعة ذاتيّة، ويجهل عقلية “أعطِني أعطيك”!

* الحبُّ  يجعلنا ننمو نموّاً سليماً وبديعاً بحيث يغمر كياننا.

* الحبُّ عندما يعيش فينا يجسّر حياتنا تجسيراً متيناً حتى لو وجدت بعضُ تمزقات!

* الحبُّ  لا يوحش ولا يقلق ولا يحبط، لهُ قلب كبير ونَفَس طويل، منعشٌ ومشاركٌ ومتجدد دوماً. ولا يمكن تحويله الى شيء “سلعة”!

*الحبُّ لا يُحزن أحداً ولا يمسح شخصية أحد، ولا يفعل أمراً معاكساَ، ولا يعتريه الضعف أمام الشدائد والألم، ولا يؤمن بتوقف الحياة، بل يُشرق فينا أملاً وثقةً وحيويةً ونشاطاً، وسلاماً وفرحاً.

* الحبُّ عيدٌ واحتفالٌ وانفتاحٌ على المستقبل!

* الحبّ لا يحتاج الى الكلام فهو يُعبّر عن نفسه! الحرف يميت والروح يحيي (2قورنثية3/6).

* الحبُّ يُعطي قوّةً وزخماً لمواجهة التحديّات وتجاوز الصعوبات، وهو الرابط الأقوى بيننا كبشر، وبيننا وبين الله خالقنا.

* الحبُّ الحقيقي انعكاس لحبّ الله لنا، لذا نَحن مدعوون لتنشئة ذاتنا.

* الحبُّ مشروعٌ ديناميكيٌّ يُدهش ويُبهج ويَرتقي ويّسمو عبر إندماج تدريجيّ وليس آليّ.

* الحبُّ بذل للذات حرٌّ: من يُحبّ لا يخشى أن يهب ذاته في تكريس حرّ وخصب في الخدمة: جسداً ونفساً وقلباً وفكراً.. ومن هذا المنظور ينبغي ان نفهم قول يسوع: “من خسر نفسه يجدها” (متى16/25).

* الحُبُّ  يُحَوِّلُ كلَّ شيءٍ الى خيرٍ كبير. لذا يؤكد بولس على أن الحبَّ لا يسقطُ ابداً!

* حبّ “الانا” أصل الشرور كلّها ويدمّر كلَّ علاقة.

يقيم مار  بولس مقارنة بين المواهب والحبّ- المحبة

 البلاغة،  لو تكلمت لغات الناس والملائكة وليس في المحبة فانا  نحاس يطن.. اي لا يوجد قلب، ولا توجد مشاعر.

النبوة، معرفة الاسرار ، غير مجدية  اذا ما كانت المحبة.  المحبة جوهر  الله وكمال الانسان.

 يتكلم  بولس في ثلاث ايات مدهشة عن  الشيء الاهم في حياتنا، هي المحبة  ويشبهها  بالنور المكسور على الموشور.  فيه تسعة عناصر:

الصبر، المحبة صبورة،  ولكن لا اعلم الى اي حد؟

اللطف، الحلم ليس فيه قسوة وعنف. اللطف كالنسيم ينعش.

السخاء، انه فاعل، حتى بذل الذات،   ليس فيه انانية ولا غيرة ولا حسد، انه  فرح العطاء.  

التواضع، ليس فيه تكبر  ولا ينفخ نفسه.. “له ينبغي ان ينمو ولي ان انقص” (يوحنا 3/13).

الاحترام، لا يحتقر أحدا، يقيم كل واحد.. ويرى  كل شيء بشكل  ايجابي..  مثال الاسقف السويسري  الذي  استقبل كاهنين عراقيين في المطار وحمل حقيبتهما واستضافهما في مطرانيته من دون ان يقول لهما انه الاسقف!

الغيرية، المحبة لا تسعى لمصلحتها.. المحبة تذهب الى ابعد.

 الوداعة، لا تغضب و لا تستخدم الحدّة ( العنف).

طول اناة،  لا حقد ولا كراهية، بل هدوء وتأني.

المحبة، هي الشريعة والانبياء يقول يسوع، انها ملء  الحياة بوفرة ( يوحنا 10/10).