full screen background image

لكي نصنع الخير حقًّا، علينا أن نعزّز العلم وتطبيقه المتكامل

183

ان محوريّة الشخص، التي هي أساس التزامكم في المساعدة، وإنما أيضًا في التربية والبحث، تساعدكم على تعزيز رؤية موحدة وتآزرية. رؤية لا تضع الأفكار والتقنيات والمشاريع في المقام الأول، وإنما الإنسان بشكل ملموس، المريض، الذي ينبغي معالجته من خلال معرفة قصّته وخبرته المعاشة وإقامة علاقات ودية تشفي القلب. إن محبة الإنسان، لاسيما في حالة هشاشته، التي تتألق فيها صورة يسوع المصلوب، هي ميزة الواقع المسيحي ولا يجب أن تضيع أبدًا. ولذلك علينا أن نضع العناية الشخصية في المحور بدون أن ننسى أهمية العلم والبحث. لأن العناية بدون علم هي عبث، كما أن العلم بدون عناية هو عقيم. هذان الأمران يسيران معًا، ومعًا فقط يجعلان الطب فنًا، فنٌّ يُشرِك العقل والقلب، ويجمع بين المعرفة والشفقة، والاحتراف والتقوى، والكفاءة والتعاطف.

يقول الأب الأقدس كذلك: جميع هذه الأمور جيّدة، ومن الجميل أن نواجه المزيد من الأمور الملحّة مع انفتاح أكبر من أي وقت مضى. ومن المهم أن نقوم بذلك معًا. واُشدّد على هذه الكلمة البسيطة والتي يصعب عيشها في الوقت عينه: معًا. لقد أظهر لنا الوباء أهمية التواصل والتعاون في مواجهة المشاكل المشتركة معًا. إنَّ الرعاية الصحية، ولاسيما الكاثوليكية، كانت وستحتاج على الدوام لأن تكون في شبكة. إن هذا الوقت لم يعد مناسبًا لكي نعيش موهبتنا بشكل منعزل، لأن المحبّة تتطلّب العطاء وبالتالي يجب مقاسمة المعرفة ومشاركة الكفاءة ووضع العلم في متناول الجميع.

العلم، تابع الحبر الأعظم يقول، وأعني بذلك ليس فقط منتجات العلم التي، إذا قُدِّمت وحدها، تبقى مجرّد ضمادات قادرة على أن توقف الشر ولكن لا أن تعالجه في العمق. هذا الأمر ينطبق، على سبيل المثال، على اللقاحات: من الملحِّ أن نساعد البلدان التي لديها عدد أقل من اللقاحات، ولكن يجب أن يتم ذلك بخطط بعيدة النظر، لا يدفعها فقط تسرعُّ الدول الغنية لكي تكون أكثر أمانًا. يجب أن توزع العلاجات بكرامة وليس كصدقات شفقة. لكي نصنع الخير حقًّا، علينا أن نعزّز العلم وتطبيقه المتكامل: علينا أن نفهم السياقات، ونجذِّر العلاجات، وننمِّي ثقافة الرعاية الصحية. هذا الأمر ليس سهلاً، وإنما هو رسالة حقيقية، ولذلك أتمنى أن تكون الرعاية الصحية الكاثوليكية بهذا المعنى أكثر نشاطًا، كتعبير عن الكنيسة منفتحة وفي انطلاق.