full screen background image

في دروب الحياة الرهبانية

278

الأخت مارتينا

مر وقت وأيام وسنين منذُ الإلتزام بالنذور الرهبانية، بين أيدينا وفي قلبنا حصيلة هذهِ الأوقات، وفي هذهِ المدة ممكناً أن يتولد الإحساس من وقتِ إلى آخر بالتعب، برتابة الحياة، بصعوبات كثيرة إجتاحت حياتنا وأجتزناها. هناك إحساس بالفراغ يملأ كياننا ويغلفنا، فراغ في قلبنا حولنا فراغ من الله. وأيضاً إحساس بصعوبة تحقيق مثالية الحياة الرهبانية التي كانت نصب أعيننا في عهد الإبتداء. هذهِ السنوات التي قضيناها أنزلتنا من بُرج عاجي إلى معترك الحياة، فصعوبة في الطاعة أحياناً، وأحياناً إلى رفض الآخر. صعوبة في العفة قد يخلق أحياناً في داخلنا حرماناً مستمراً، لكن العفة ليست حرماناً بل بساطة كاملة ونضج عاطفي متزايد. صعوبة في الفقر وقد تغيرت مفاهيم لهُ كثيرة في لاهوت الحياة الرهبانية الحديثة.

طيلة هذا الوقت حصل أن إختبرنا الله إختباراً خاصاً، وضحَ في قلبنا هذا الشخص الذي كرسنا لهُ حياتنا شعورنا بقربهِ. النذور الرهبانية هي الإختبار الروحي الذي يجعلنا نكمل الطريق. هي التي تجعل اللقاء الحميم مع الله القوة الدافعة والسبب لشجاعة كبيرة تحدت كل الصعاب، فعند وضعنا الله في مكانهِ الصحيح من حياتنا الرهبانية، وعرفنا وأعترفنا إنهُ هو الأول والأخر، هو الألف والياء هو كلُّ شيء. هو واهب حياتنا ودعوتنا، فإن الله هو من دعانا في الأول وعلينا تلبية هذهِ الدعوة، وهذا النداء من خلال السهر على دعوتنا وسيرنا الرهباني، كيما نحافظ بدقة على روح الصلاة، الصمت، الخدمة، العطاء، المحبة الأخوية، والحياة الجماعية.

فالتكريس الرهباني ما هو إلا تربية طويلة تفترض وجود صفات تكون مجتمعةً في النفس الرهبانية. وعلى الراهب أن يكتشف مقدار تعمقهِ في هذهِ الصفات وعيشهِ لها. فالدعوة هي مكافأة لحياة نبلغها في النهاية، ولا تُعطى لنا بسهولة إنها أشمل من النذور. الدعوة نعمة نستحقها كلَّ يوم وقد نضيعها في كل آنٍ، فالدعوة لا توجد في كتاب أو محاضرة أو رياضة روحية، كما إنها لا تنحصر بكلمة أو بنذر، بل هي مسلك حياتي. الإلتزام إلى الأبد يفترض وعياً لإمكان الحب المطلق لله في الحياة الرهبانية. فنحنُ نعلم يقيناً إن غاية الحياة الرهبانية هي المسيح. هي تمييز صوت الله صوت الفرح والوثوق بهِ. أن نثق تمام الثقة من حضور الله في حياتنا وسيرهِ معنا في هذهِ الحياة، يعلمنا ويعطينا الرجاء لنكتشف بأن الله حاضر معنا في كل خطوة من  خطوات حياتنا الرهبانية. فالفرح الذي يزرعهُ الله في قلبنا يدفعنا إلى مشاركتهِ مع الآخرين وإلى وضع ذاتنا بكليتها في خدمتهم من خلال إتباع يسوع في حياة التكريس.