الأخت مارتينا
يقول الإنجيلي لوقا في مطلع خبر البشارة إن مريم عندما وافاه الملاك مُبشراً كانت مخطوبة لرجلٍ من بيت داؤد اسمهُ يوسف. لا ريب أن نذر مريم للبتولية، وإقدامها على الخطوبة قد حدثا كلاهما بإلهام وتدبير إلهيين، فلم يكن بوسع إبن الله أن يتجسد إلا في عذراء، وكيف يتم ذلك القصد الإلهي؟ إن الله الحكمة نفسهاكان قد أعدَّ لمريم لمريم رجلاً باراً قديساً قد ألهمهُ الروح القدس بأن يعاهد الله بحفظ طهارتهِ. وعليهِ فما كان هذا ليُعرضْ نذر مريم العذراء لأدنى خطر بل سوف يحرسهُ ويجعلهُ في مأمن من سائر الأخطار ويحافظ عليهِ أشد المحافظة ويصيرهُ أجمل وأبهى ويشهد بهِ أصدق شهادة. فهذا الخطيب الصالح الذي أطرأهُ الكتاب المقدس بقولهِ لنا أنهُ كان صديقاً أي كاملاً في جميع الفضائل لم يكن سوى الرجل البار القديس يوسف المعظم.
نذر مريم للبتولية كان إلهاماً ربانياً، فالبتولية هي تكريس تام عطاء للرب. هكذا مريم وهكذا يوسف. إذا أرادت مريم أن تكون العروس التي تنظر إلى إبنها العريس السماوي، فيوسف أيضاً هو مثلها. ها هنا تتأسس الكنيسة التي هي عروس يسوع المسيح: “أحبّها وضحى بنفسهِ لأجلها لِيُقدّسها”، (أف5: 25- 26). كاشفت مريم يوسف بنذرها البتولية، فالتزم هو أيضاً بهِ، بإلهامٍ سماويٍّ. ومن المؤكد أن الطُهر الذي يفوق طُهر الملائكة، الذي كانت تشعهُ مريم، قد أّسر نفسهُ، فعزمَ على التمثيل بهِ. بَوحّ مريم ليوسف بسر نذرها، كان دليل ثقةٍ مُطلقة باللّه، وبمن هيأتهُ العناية الإلهية ليكون شريكها في تحقيق التجسد الإلهي. وهو بارتضائهِ عقد زواج عذريٍّ معها، أتاح لها المُضيّ قُدُماً وبلا عائقٍ في إتمام تكريس ذاتها لله. لم تكن مريم ويوسف “اثنين في جسدٍ واحد”، بل “إثنين في نفسٍ واحدةٍ”. وكانا يتعاونان على أن يكونا أشدّ طُهراً وتكريساً لله. وكانا ينعمان بأفراحٍ رقيقةٍ مُقدسة، وبمودةٍ مُتبادلةٍ عذبةٍ ومنيعةٍ، لا عهدَّ لعامة المتزوجين بمثلها، لأنها مُتحررة من الأنانية، ومن نزوات الشهوة وتوتراتها ومن تقلبات المزاج. لقد لاحظَ يوسف ما تتميز بهِ مريم من إختلاف عن سائر الفتيات، فاستقرَّ في يقينهِ أن عليهِ أن إلتزام العفة الدائمة، فهو أصدق دليل حُب يقدمهُ للتي أحبها. ومريم أيقنت أن زواجها من يوف الملتزم بالبتولية، مع ما سينطوي عليهِ من بذلٍ ووفاءٍ، لن يكون مجرد ضمانٍ لبتوليتها، بل سيكون لكليهما مبع سعادةٍ لا محدودة، وشراكة مُثمرة في حبُ الله وخدمتهِ.
لنُصَلِّ: يا أمنا مريم، باركي أُم عائلتنا. ساعديها لتكون عفيفة ولطيفة، رقيقة ومُضحية. لأنها كلما ازدادت تشبُهاً بكِ، كلما صارت عائلتنا أفضل.
يا قديس يوسف، بارك ربّأسرتنا. استمد لهُ القوة، الحكمة، والتعقل الذي يحتاجهُ ليُعيل ويُرشد من هُم تحتَ رعايتهِ، بارك ربّ.
يا ربنا يسوع، بارك أطفال أسرتِنا. ساعدهم ليكونوا طائعين ومخلصين لأهلهم.
يا عائلة الناصرة الُقدسة، اجعلوا عائلتنا وبيتنا تتشبه أكثر فأكثر بكم، حتى نكون كُلنا عائلة واحدة، سعداء ونتمتع بالسلام في بيتنا الحقيقي معكم في السماء. آمين.