full screen background image

التأمل السادس عشر فقر مريم العذراء

1428

الأخت مارتينا

مريم العذراء أمنا القديسة التي وصفت نفسها بأنها أمة الرب، هي النموذج الأكمل للفقر الإنجيلي، فقر من يحيون بكثافةٍ التواضع، والإستسلام لله، والثقة المطلقة بهِ، والتجرد وشغف الخدمة. إن مخلصنا الكلي الحب، أرادَ أن يعلمنا إحتقار خيرات الأرض، إذ إرتضى بأن يولد في حال الفقر ويصير مسكيناً في هذا العالم. كما يقول الرسول بولس: “إنكم تعرفون بنعمة ربنا يسوع المسيح أنهُ من أجلكم افتقر وهو الغني، لتغتنوا أنتم بفقرهِ”، (2كو8: 9) ويحرض فادينا أيضاً كل من يريد أن يتبعهُ فيقول: “إن كنت تريد أن تكون كاملاً، أمضِ فبع كل ما لك وأعطهِ للمساكين…. وتعالى فاتبعني”، (متى19: 21). ومريم البتول تلميذة مخلصنا الأكثر كمالاً قد أتبعت جيداً مثل إبنها الإلهي. أمن مريم القديسة هي تجسيدٌ للفقراء بالروح الذين عناهم ابنها في تطويباتهِ، لأنها منهة عن كل عجب وكبرياء، واعية لوهنها بصفتها خليقة بشرية منفتحة على كل مبادرات الله. بتوليتها الطوعية هي الدليل الأسمى على فقرها الروحي. إنها التجرد الكامل الذي يؤتي غنى أقصى.

لم تمارس مريم الفقر المادي فحسب، بل مارست أيضاً فقر الروح الذي حكم كل طاقات ذهنها، كانت مريم فقيرة مادياً ونهجت وفق فقر الروح. وقد مجد الله فقرها فجعل منها ملكة الملائكة، وملكة الكون وملكة جميع المخلوقات. رفعها محافظاً على تواضعها وفقرها. لم يشوهها بل أكملها وسما بها. لم يجعلها إلهةً بل جعل منها نموذجاً أسمى للتأليه الذي يراعي إنسانيتنا، والذي دُعينا إليهِ جميعنا، في إثر العذراء. فيا أمنا الكلية القداسة كنتِ تقولين: “تعظّم نفسي الرب وتبتهجُ روحي بالله مخلصي” (لوقا1: 46- 47)، لأنك في هذا العالم لم تتفاخري بالمجد، ولم تحتسبي خيراً شيئاً أخر خارجاً عن الله، فاجتذبينا إليكِ أيتها السيدة مقتلعةً من قلبنا محبة العالم، وأجعلينا نُحب ذاك الخير الواحد الذي هو وحدهُ يستحق أن يُحَب دائماً. 

لنُصلي: يا أُم الله وأمنا، مريم ملكة السلام، أتيتِ إلينا لتقودينا إلى الله. إحصلي لنا على النعمة ليس فقط لنقول: “لتكن مشيئتك” ولكن لنكمل فعلاً إرادة الله كما فعلتِ. نصلي ونضع أيدينا بين يديكِ حتى من خلال المحن والصعوبات تقودينا إلى الله بواسطة إبنكِ يسوع المسيح ربنا. أمين.