full screen background image

تأمل اليوم الخامس من الشهر المريمي

686

تأمل اليوم الخامس من الشهر المريمي

القسم الثاني من السلام الملائكي

إعداد الأخت مارتينا

قالت أليصابات لمريم: “مباركة أنتِ بين النساء، ومباركة ثمرة بطنكِ!”  إذاً كلام أليصابات مرتبط بحقيقة المسيح وملكوته الآتي. ولقب “مبارك” هو تعبير مرادف لله نفسه، بلا تمويهٍ ولا تزويق زائف. المباركة بين النساء لم يكن ممكناً تمييزها عن سائر النساء، لو لم يكن الله قد ألبسها ثوباً مصنوعاً من الشمس وتوّجها بالنجوم. إنها امرأة صادقة لا تسترسل في الأقوال الباطلة، الله محبة، هذا ما اختبرتهِ يا مريم في ذهنك وقلبك، وأسرعتِ تعبّرين عنهُ في حياتك مبادرة لمساعدة نسيبتكِ أليصابات، وحاملة إليها بشرى الخلاص. دخلت مريم بيت زكريا وسلّمت على أليصابات هي تحمل السلام المسيحاني: هو بركة وهو الوعد الذي اكتمل! ليس سلام مريم سلاماً عادياً للمجاملة والصداقة: سلامها بركة حقيقية. فالسلام المسيحي صلاة وتمجيد لله. في سلام مريم تلقّت أليصابات في ذلك اللقاء، الروح الذي أنعش الأنبياء، وانكشف المعنى العميق لهذهِ الزيارة. كلماتها هي صلاة بركة وتثبيت العرفان بالجميل حيثُ بارك الله مريم بشكل خاص بين كل النساء لأنها أم لذاك الذي سيكون مباركاً في كل الأجيال: “مبارك الآتي باسم الرب”. فالرب هو ثمرة أحشاءها، أي انه الحياة كما تعطي المرأة الحياة بولادتها الطفل كذلك مريم تعطينا الحياة الإلهية بولادتها الكلمة، إنها تحمل الحياة الإلهية التي لا تتوقف عند شخص أو إنسان بل تنتشر وتتفجّر حياة للحياة الأبدية. كانت الزيارة بداية الحوار الإيماني لصلاة مشتركة، هناك خمسة أشخاص: الكلمة الأزلي الذي صار إنساناً في أحشاء العذراء، الأم التي تحمل ينبوع البركة والسلام، أليصابات وهي مملؤة من الروح القدس، الأعظم بين الأنبياء الذين سبقوا يسوع: يوحنا المعمدان. الخامس هو زكريا مع صمتهِ الكبير، ولكن مع عينيهِ وقلبهِ المفتوح. هو الصامت المشارك السامع والحاضر. وهذا ما يظهرهُ في نشيدهِ: “تبارك الرب إله إسرائيل لأنهُ افتقد شعبهُ وافتداه” (لوقا1: 68).

فالبتول الكلية القداسة بعد أن سمعت من رئيس الملائكة جبرائيل أن نسيبتها أليصابات حبلى هي أيضاً بابنٍ في شيخوختها، فقد عرفت بنور خاص من قبل الروح القدس، إن كلمة الآب الأزلي المتجسّد في أحشائها ابناً لها، يريد أن يبتديء في أن يعلن للعالم غنى مراحمهِ فكانت النِعمْ الأولى هي التي شاء أن يوزعها على عائلة الكاهن زكريا ولهذا دون تأخير “قامت مريم في تلك الأيام وذهبت مسرعة إلى الجبل إلى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلّمت على أليصابات. وحالما دخلت البتول المجيدة بيت أليصابات حتى امتلأ سكانهُ ببركاتٍ ونِعمْ سماوية. إن الذي يرغب بالفوز بنعمة ما، يلزمهُ أن يلتجئ إلى مريم خازنة النِعمْ، وأن يكون على ثقة في نيلهِ النِعمْ التي يريدها.  إن زيارة مريم البتول لذلك البيت قد جلبت لأهلهِ كنزاً من النِعم لأنهُ حال دخولها إليهِ قد امتلأت القديسة أليصابات من الروح القدس، والطفل يوحنا الذي كان في مستودعها قد انحلّ من وثائق الخطيئة الأصلية وتقدّس بنعمة الله. لذلك قد أعطى هو العلامة الحسّية بحركة غير اعتيادية مبتهجاً في جوف أمهِ، حابّاً بهذا أن يعلن حقيقة النعمة التي فاز بها من الله بواسطة مريم البتول، حسبما أوضحت ذلك القديسة أليصابات نفسها بقولها: “ها إنهُ لما وقع صوت سلامكِ في مسمعي ارتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني”

إنّ الحضور الإلهي ما كان ليتم لولا الحضور البشري، لو لم تنطلق العذراء إلى أليصابات لتقوم نحوها بأعمال الخدمة. لقد دعت مريم نفسها خادمة الرب وأرادت أن تكون خادمة الآخرين أيضاً لأنَّ الخدمة في الإنجيل لا تعني عبودية وذلاًّ بل تعاوناً ومحبة. إنّها تعني أنَّ الآخرين أخوة لنا نعاونهم في متاعب الحياة ومشقّاتها. ولقد عاش يسوع مجسِّداً هذه الخدمة: خدمة أبيه أولاً وخدمة الناس أيضاً. إنّه الوديع والمتواضع القلب الذي وقف بين تلاميذه كالخادم مع أنّه السيد والرب.  

لنصلِّ: يا أمنا العذراء القديسة، لقد حملتِ يسوع إلى أليصابات فابتهجَت به وتقدّس يوحنا بحضوره. علّمينا أن نحمل المسيح في زياراتنا، في كلامنا وأعمالنا وخاصة في خدمتنا للآخرين، نطلبُ منكِ أن تشدّدي كل الذين يريدون أن يحييوا بتقوى وبمخافة ابنك وأن تعينيهم في حربهم وجهادهم اليومي، احفظي مكرمكِ وامسكي بأيديهم لكي يحفظوا ذواتهم من فساد العالم آمين.