إن ظاهرة النميمة والنمّامين باتت مرضًا تنغمس فيه المجتمعات الإنسانية، وهي ظاهرة تتفشى بين صفوف النساء والرجال على حدٍ سواء لدوافع منها الغيرة والاحباط، ويمارسها الفارغون والفاشلون والحاسدون وضعيفوا الشخصية. والنميمة لا تتعدى همسات الشفتين للأذنين وتنتهي بصوت المزاح وتشويه صور الآخرين، وأحيانًا تتعدّى ذلك الى اختراق خصوصياتهم بما يشيع الفرقة والخصومة بين الأفراد. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تجد النساء متعة حقيقية في ممارسة النميمة؟ وهل تصبح مع الوقت عادة وإدمان؟
حين تجتمع الجارات على فنجان القهوة يبدأنَّ في تشريح الأخريات… حياتهن، أزواجهن، ملابسهن، سلوكهنَّ الخلقي، أسرارهن، وأحلامهن، وكيف تتحطم على صخور الخبث والدهاء وتأليف القصص والحكايات، وذلك لأن النساء بطبعهنَّ يحببنَ الثرثرة والفضول وتقصّي أخبار الغير. لكن هذا لا يعني ان مجالس الرجال تخلو من النميمة، لكن طريقتهم مبطّنة وغير مباشرة.
العاملون في مجالات علم النفس وسلوكياته يحذرون من الإنسان النمّام ويصفونه بالتافه الذي لا قيمة له، ويجب محاربته وإخراجه بوسائل شتّى، وأن لا ننشغل بالتحرّي عن صحة الأخبار التي ينقلها لنا أو عنا.
ونستطيع ان نقول ان النميمة مرض اجتماعي متأصل لدى الكثير من الناس. حيث لا تخلو منها أية جلسة طالت أم قصرَت وكأنها بهارات المجالس… لا بل تنتشر النميمة بين الطلبة والطالبات، إذ يستمتعون بالنميمة على الأساتذة المساكين، وقد دلّت الشواهد على عدم إمكانية تجاوز هذه الظاهرة، وهذا ناجم عن ضعف في الإيمان والشخصية.
والحل الأمثل للتخلص من هذه الظاهرة هي أن يضع الشخص نفسه دائمًا مكان ضحايا النميمة، وأن يُكثر في القراءة ومجالسة أصحاب الذوق الرفيع، وأن يستنهض إرادته لمواجهة مرض أسمه النميمة.
الأخت فرانسواز خلف