full screen background image

قصص مقترنة بصوم الباعوثا

752

إن لصوم الباعوثا مكانة مميزة لدى كنيستنا كما للصوم الاربعيني الكبير،  حيث يبدأ صوم الباعوثا يوم الاثنين الثالث الذي يسبق الصوم الكبير، أي قبل ثلاثة اسابيع من بدء الصوم الكبير، ويستمر لثلاثة أيام، وفي هذا الصوم تمتلئ الكنائس بالمُصلين القادمين إليها من كل صوب لإقامة الفرائض الدينية والرتب المختصة بهذه الأيام تكفيراً عن خطاياهم.

كلنا نعلم من أين أبتدأ صوم الباعوثا وقصة النبي يونان المقترنة بهذا الصوم و توبة أهل نينوى. فمن جراء ما سمعه الناس و تناقلتهُ الألسن قام الناس بتكرار هذا الصوم كلما حاقت بهم نائبة أو مشكلة لا حل لها إلا بالصوم والصلاة . فهنالك اكثر من قصة مقترنة بصوم أهل نينوى نذكر منها:  

في سالف الزمان حدث في مدينة كرخ سلوخ (كركوك حاليا) موت جارف حصد الكثير من الناس، وكان أُسقف البلاد بتلك الفترة هو مار سبريشوع. فجمع رعيته ودعاهم لإقامة الباعوثا فلبوا دعوته، فصام الجميع حتى الأطفال والأغنام ولبسوا جميعاً المسوح، فدفع الله عنهم ذلك الغضب. ولما علم الجاثليق حزقيال (570-581) بالأمر كتب إلى جميع المراكز التابعة لجاثليقية المشرق ليصوموا ويصلوا ثلاثة أيام، وحدد أن يبدأ هذا الصوم يوم الأثنين قبل بدأ الصوم الكبير بعشرين يوما ً، وأطلق عليها (باعوثة نينوى) تشبها ً بأهلها الذين آمنوا وتابوا فقبل الرب توبتهم وأبعد غضبه عنهم.

و نذكر ايضاً صوم العذارى: حيث كان في سامراء دير قديم العهد سكنته راهبات عذارى كرسّن أنفسهن للعبادة والصلاة، فكلما رأت شابة إنها مدعوة للتكرس لله وهبت نفسها للتعبد، فكانت تلتحق بهذا الدير وتسكن مع الأخوات الراهبات، ومع الزمان كثر عددهن وإنتشر خبر تعبدهن وصلاتهن الى الله، فرُفع الى أحد ملوك الفرس إن في هذا الدير عذارى مستحسنات وباهرات بالحسن والجمال، فأمر أن يجمعهن اليه، فعندما بلغهن هذا الخبر، قمن ليلتهن وأحيينها بالصلاة والبكاء والدعاء، و توسلن جميعهن بصوت واحد الى رب المجد أن ينجهن من هذه المحنة، وصام المسيحيون على نيتهن، فشاء الله له المجد أن يخلصهن من هذا السوء، فطرق الملك طارق تلك الليلة اي عزرائيل، فأصبح ميتاً وأصبحن صياما وصح قول المعلم أقول لك إنه ينتقم لهم سريعاً ( لوقا 18/8) . ومنذ ذاك الزمان والمسيحيون يصومون ذلك اليوم ويطلقون عليه اسم صوم العذارى ومع الزمن أندمج مع صوم الباعوثا. ( من كتابات الأب بطرس حداد).

ونذكر ايضاً  ما فعله القديس ماروثا التكريتي المتوفى عام 649 ميلادية عندما تعرضت تكريت لغزو خارجي، فإن هذا الراعي الصالح طلب من أبناء رعيته أن يصوموا لمدة ثلاثة أيام نظير أهل نينوى، فصاموا ولجأوا إلى كنائس المدينة وانصرفوا إلى الصلاة وتناول القربان، وكان الأسقف القديس خلال ذلك يرأس الخدمات وفي نفس الوقت يفاوض الغزاة الذين كانوا يحاصرون المدينة، وتمكن من إقناعهم بدخول المدينة سلميا ً، وكان كذلك إذ لم ترق نقطة دم بسبب حكمة هذا الراعي الحكيم.

أما في زماننا هذا فما زلنا نصوم الباعوثا ونكرره عندما تحيق بنا الأخطار لاننا نعيش في عالم مليء بالمفاجأت التي لا تأتي دون سابق أنذار، فمثلا تهجير مسيحي سهل نينوى وأغتصاب أراضيهم وممتلكاتهم وكل أنواع العنف الذي تعرض له المسيحيين في العراق من إختطاف وقتل وسلب الأموال والممتلكات والتي أدت بالأخير الى تهجيرهم خارج بلادهم . ولا ننسى دورنا نحن راهبات بنات مريم، انه عندما كنا نسمع بحالة أختطاف أو اي خطر يُهدد الأمن والسلام وإراقة الدماء كنا نصوم الباعوثا لمدة ثلاثة أيام، نقضيها بالصوم والصلاة على النية المذكورة كيما الرب يرأف بحال الجميع .

الأخت دميانة زيا