full screen background image

ماذا نتعلّم من القديس يوسف؟

794

الأخت حنان ايشوع

الرجاء يُعطي الفرح والاطمئنان: “اما الراجون للربِّ فيتجدّدونَ قوةً، يَرتفعون بأجنحةٍ كالنسور، يَعدون ولا يعيون، يَسيرون ولا يَتعبون” (اش 40/ 31). هكذا فعل القديس يوسف عندما سار مع مريم: (رافقَ، أحبَّ، علّمَ، بحث، وصمد تجاه أكثر من خيبة أمل)، لأنهُ كان يُؤمن ويَرجو الخلاص وكان مُقتنعاً بأن معنى حياتهِ غير مُرتبط بنجاح بعض أعمالهِ الفردية، إنما بتوجيه كيانهِ الكامل نحو دعوتهِ الأبوية.

الصبر ثمرة من ثِمار الروح، وهي فعل الروح في حياتنا. فالروح يُثمر فينا صبراً كما فعل مع القديس يوسف الذي يَظهر في تصرفاتهِ، الصبر الحقيقي الذي يستحق أسم صفة الفضيلة، الذي جعلهُ يَتحمل المصاعب بهدوء ومَحبة ليَبلغ إلى ما هو أسمى. نعم… لا صبر حقيقي من دونِ محبة، لأن محبة الله في الصالحين تَحتمل كُلَّ شيءٍ، إن من يُعطينا المَحبة هو عينه يَهبُنا الصبر.

الإيمان يعني الإنسان كُلهُ، لأن من خلالهِ يتوجّه الإنسان نحو الله ويُؤمن بمشروعهِ الخلاصي كالقديس يوسف الذي آمن بما سمعَ من الملاك. الإيمان يعني الحياة على نحوٍ يتلاءم ومَحبة الله للإنسان أي أن يُحب هو بدورهِ ويَلتزم نحو قريبه بإظهار محبة الله. لذلك فالإيمان هو أيضاً تتميم للأخلاق. بالفعل أن كُل سلوك قامَ به القديس يوسف نحو مريم العذراء والربّ يسوع، كان يُظهر فيه تَصرف أخلاقي مُميز يَعكس مَحبة الله. هذا هو أساس وحدة السلوك الأخلاقي كُله. ما يُنجزه الإنسان أو يَفعله، إن لم يكن فيه المحبة، ليس بشيءٍ (يقابل 1 قور 13/ 2).

الإصغاء في حياة القديس يوسف، يظهر كأعظم صفة يتميّز بها القديس، التي من خلالها يَفهم ما يقول لهُ الملاك في الحُلم، وما يُريده الله منهُ كي يُكمله كدعوة نحو القداسة. وبهذا يُعلّمنا أن لا نسمع فقط وإنما أن نُصغي بعمقٍ إلى كل ما نحنُ بحاجةٍ لفهمهِ.

المحبة تجسّدت في أعمال القديس يوسف الذي يَقبَل مريم في بيتهِ ويُحافظ على الربّ يسوع كأبٍ. فسلوك القديس يوسف لا يَستند الى مواهب خارقة، كالنبوّة، ومعرفة الأسرار الإلهية، والإيمان الذي يَنقل الجبال، بل يستند الى المحبة، والى التجرّد التام والإصغاء للعمل بمشيئة الله، التي تُظهر محبتهُ لخلاص البشر.

التواضع في حياة القديس يوسف يَعكس عظمة الله كما يُبيّن يشوع بن سيراخ “قدرة الله عظيمةٌ جداً، ومع هذا بالمتواضعين يتمجّد” (3/ 20). ونحن بحاجةٍ إلى اكتشاف حضور الله في حياتنا حتى نَعرفَ من نَكون ونتواضع على مِثال القديس يوسف، وبالتالي نعرف قيمة الآخرين الذين نُقابلهم ونَعيش مَعهم.