الأخت فيليب قرما
كلٌ منا يشعر بحاجة طبيعية وقوية الى أن يكون سعيدًا. وكثيرًا ما نرى الناس يتهافتون للبحث عن منابع السعادة في حياتهم ليرتووا منها، فكانوا يتوقعون أن يجدوها في وفرة المال، في أعلى الشهادات الأكاديمية، في الجمال، في الزواج ممن يحبونه، في ربح بطاقة يانصيب، وفي أشياء أخرى غير هذه، ولكنهم غالبًا ما أصيبوا بخيبة أمل لأنهم لم يوفَّقوا في إصابة الهدف. وإذا أردنا حقًا أن نكون سعداء، علينا أن نبحث عنها في داخلنا وليس في الخارج، وخبرة السنين أظهرت لي كثير من الأحيان ان سعادتي تقوم عندما:
– أفرح بما أنا عليه، وأقبل ذاتي كما أنا، وأن تتوفر لدي القناعة الراسخة بأنني الشخص الذي أحب أن أكون، وأن أقبل الآخر كما هو، لا كما أريد أن أقولبهُ أنا.
– أغفر لمن يسيء أليَّ دون قيد أو شرط، فأكون قد حررت نفسي والمسيء إليَّ من براثن الحقد والبغض، وأعيش في سلام مع الله ومع ذاتي ومع الآخرين.
– أكون موضع فرح وراحة للآخرين، فأمسك بيد من لا يد له في الدنيا، وأرجع الابتسامة الى من فقد طعمها، وافتح قلبي وذراعيَّ لكل من لا حضنًا دافئًا يحتضنه.
– تكون محبتي للآخرين محبة صادقة، شفافة، مجانية، بعيدة عن المصالح الشخصية، لا تفهم ولا تتقن علم حساب ومحاسبة الآخرين.
– أبحث عمّا هو حسن وإيجابي في نفسي وفي الآخرين وفي ظروف الحياة كافة، فلا أنظر إلا الى الجوانب المنيرة في الأشياء والأشخاص: رجلان تطلّعا من وراء قضبان السجن، فوجد الأول أوحالاً، وشاهد الثاني نجومًا.
– أدخل في علاقة حب مستديمة مع الله فأشعر انه معي وبداخلي وهنا تكمن قمة سعادتي، خاصة عندما أستسلم له بثقة عمياء وألقي بحياتي ومستقبلي ومصيري بين يديه.
من المؤكد ان ما ذكرته ليس إلا باليسير مما عليه تقوم سعادتنا، وبقدر ما نبحث عن السعادة في داخلنا ومصدرها الرئيسي هو الله وليس في الأشياء ولدى الآخرين، نختبر الشعور بأن لحياتنا معنى وأن خطأً واضحًا يوجّه مسيرتها.
وإن كنا لا نستطيع أن نغير الدنيا لتسعدنا، فبامكاننا أن نبدل مواقفنا من واقع الحياة، وأن نحدث تغييرًا في داخلنا، فكل شيء يكمن في نظرتنا الى الأمور؛ فإذا عزمنا أن نعثر على شر، فقد نجده متراكمًا. ولكن ما إذا صممنا أن نبحث عمّا هو حسِن فسوف نرى الكثير من الأمور الإيجابية هي في متناول اليد.