full screen background image

بقلبه أحبنا وبذل نفسه لأجلنا!

296

الأب صباح گمورا

إنها قصّة حبّ القلب العجيب، اختارها يسوع فادينا الحبيب.
إنها حقّاً رحلة أكثر مما نتصورها، ومهما فكرنا في أحداثها، سننسى بعضاً من معانيها، لأنها أكثر من مجرد مشاعر. إنها حقّاً حالة استعداد قصوى، وتضحية عظمى; لذا لم تكن عاطفة وحسب، لكن كان هناك فيها إرادة حرة كاملة، والهدف منها هي أن يهب نفسه تماما لبني جنسنا… فرضيَ بان “يُظلِمَ، يُذَلَّلَ، ويصمت… فيصف اشعياء تلك الصورة قائلاً: (كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا” (٥٣: ٧ )… ولكيما يزيدوه ألماً يتوّجونه بإكليلٍ من الشوك. وفي ذاك لم يكن مدّعاة للملوكية ولكن عنوان للسخرية. لكن بقلبه المُحب تحمّل كل تلك الآلآم، فكانت محبته أكبر من قساوتهم. ولم تنتهي تلك الرحلة. أخيراً جاءه جنديّ ليطعن قلبه بحربة طائشة. وبالرغم من رهبتها إلا إنه صمد ولم يهرب، ليخرج من جنبه دم وماء. فكان ذلك ختماً وعنوان حب قلبه الإلهي اللامحدود. ليقول لنا، “إن قلبي مفتوح بشكل ازلي”، مفتوح لمن يرغب في الدخول، ولمن يخرج منه، أو أن يَجْهَز ثانية لأن يدخل مرة أخرى. “أنا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى” (يوحنا ١٠: ٩ )…
حبّه لا ينظر إلى إخفاقاتنا ولكن يفرح ثانية بعودتنا. ومن مزايا هذا الحب هو إنه يشمل الكل(الأخيار والأشرار). لذا نجد محبته قد احتضنت جمعنا على صليب مخلصنا فاتحاً ذراعيه ليضمّنا، لذا كانت واسعة ومعطاءة وجذابة.لذا لم نجد ان حبه قد احتفظه لأبيه أو لنفسه أو للبعض، لكن شمل الكون بأسره، مؤكّداً لنا (أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ)( يوحنا ١٠:١٠).
فبقلبه المُحب منح لنا ملئ الدفء والحنان والراحة والعزاء ولكن لكل من يريد الدنو من قلبه الأقدس…
إن ما فعله الأعداء ليسوع أثناء رحلة الصليب كانت كثيرة، لكن الشيء الوحيد الذي لم يتمكنوا من فعله هو إنهم لم يستطيعوا أن يغيروا من مشاعر قلبه نحونا كي يجعلوه يكره أو يتخلى عن محبته لنا أو أن يقول، “هذا يكفي! (بمنظار العجز )! كلا، فما قام به على الصليب يظهر عدم محدودية كرم قلبه المُحب. وهذا ما جعله يفسر تلك المشاعر: (ما من حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه (يوحنا ١٥: ١٣).
ختاماً، وكما سكب يسوع حياته على الصليب طاعة لله ابينا وأيضاً كانت لأجل خلاصنا، فلنبذل نحن أيضاً حياتنا لأجل من أحبنا، كما وعلَينا نَحنُ أَيضًا أَن نَبذُلَ نُفوسَنا في سَبيلِ إِخوَتِنا( ١يوحنا٣: ١٦).