full screen background image

الصليب وحقيقة الإيمان اليوم

683

الأخت د. حنان إيشوع

لم يعد الصليب يُدهشُنا اليوم كما كان يُدهش المسيحيين من قبل، بل جعلناهُ زينةً في بيوتنا وعلى صدورنا، ونسينا معناه الحقيقي. هذا هو بدايةُ فراغنا الروحي الداخلي، لأن الصليبَ ليس مجرد فكرةٍ، بل هو مخططُ الله لنا جميعا ً، لنتبع المسيح على الطريقِ التي سلكها، ونَحمِل صلباننا ونسير معهُ ونعيش وصاياه، كما عاشها القديسون واعتبروه موضوع عناقٍ روحيٍ في علاقتِهم بالله، وموضوع تأملٍ وممارسةِ حياةٍ يومية، لأنه قوةُ الله للخلاص.

للصليب معانٍ تدخلُ إلى أعماقِ النفسِ بقوةِ الروح القدس. فلنحاول أن نتعمّقَ في بعضٍ منها لنستطيع بعد ذلك أن نساعد الآخرين على فهمها:

يُذكّرنا الصليبُ بجنبِ المسيحِ المجروح. ويتكرّرُ في الشعرِ الليتورجي السرياني بأسلوبٍ تصوّفيٍ نصُ إنجيل يوحنا (19/ 34)، الذي يتكلمُ عن جنبِ المسيحِ المجروحِ فوق الصليب: يقابلُ الذراع الأُفقي للصليبِ تاريخَ الخلاص (السيف الذي كان يحرس الفردوس) والمستقبلي (ولادة الأسرار: العماد والافخارستيا من جنب المسيح). بينما العمودي مربوط بسر موت المسيح على الصليبِ وبقائه حياً. يقول يعقوبُ السروجي: “جرى الماءُ من جنبه ليظهرَ بأنه ميتٌ، وخرجَ الدمُ أيضاً ليظهر بأنه حيٌّ وإن كان ميتاً”. ويصف في مكانٍ آخر العريس السماوي: نامَ المسيح على الصليب، فخرجَ من جنبهِ العمادُ، نام العريسُ، وجنبه مجروحٌ، فولِدَت العروس، كما حدث عند خلق حواء. وقعت عليه غفوة الموتِ فوقَ الصليب، ومنه خرجت الآلام – العماد، الذي ينجب كلَّ الناس الروحانيّين. رَبُّ آدم يصنعُ حواء من جديد في النوم، لتكون أُمُّ آدم، وبدل حواء، خرج دمٌ وماءٌ لينجبوا أولاداً روحانيّين. من الجنبِ الحي الذي يموتُ ليُعطي الحياةَ ولِد الأولاد الروحانيّين . فالمسيحُ بموتهِ على الصليب أعطى لنا الحياة الجديدة.