full screen background image

تأمل في الصليب

36

الاخت مارتينا

“فإِنَّ لُغَةَ الصَّليبِ حَماقةٌ عِندَ الَّذينَ يَسلُكونَ سَبيلَ الهَلاك، وأَمَّا عِندَ الَّذينَ يَسلُكونَ سَبيلَ الخَلاص، أَي عِندَنا، فهي قُدرَةُ اللّهُ”. (1كو1: 18).

صليب ربنا يسوع المسيح هو علامة رجاء وخلاص لجميع المؤمنين بهِ. على الصليب وفي ذروة الألم والفداء يسوع يعلمنا معنى الحب حيثُ أن أثر المسامير في يدي ورجلي يسوع أعمق شهادة أبدية على محبة الرب لنا وعلامة أبدية لنزول الدم والغفران. الله الآب هو محبة، ومن فيض هذهِ المحبة خلق الإنسان. فالمحبة التي في قلب الله المحب فاضت لتملأ قلب الإنسان، فخلق الله الإنسان كيما يشبههُ في هذهِ المحبة. خلقهُ كصورتهِ ومثالهِ، كيما يجسد الإنسان هذهِ الصورة على الأرض جعلهُ الرب متسلطاً على كل الخليقة. فالصليب عربون محبة الرب لنا. ولأجل هذهِ المحبة تجسد الله وصارَ إنساناً مثلنا وعاش بيننا وأختبرَّ إنسانيتنا بكل جوانبها إنسانيتنا ووجودنا النابعين من فيضِ محبتهِ الأزلية، وأظهر لنا محبتهُ على الصليب عندما غفرَ لصاليبيهِ وسلمنا والدتهِ القديسة مريم العذراء أماً لنا لتتشفع عند الرب وتساعدنا وتسندنا. بالصليب ومن على الصليب الله منحنا محبتهِ الكاملة حيثُ تألم وصلب ومات وقام بالمجد إذن توجت هذهِ المحبة بالمجد بالقيامة من بين الأموات. قام الرب يسوع وأنتصر على الشر وشوكة الموت وخلص جميع البشر من قيود الشر، حيثُ بذلَّ ذاتهُ من أجلِ أحبائهِ. الصليب هو الحب العظيم الذي من خلالهِ وبواسطتهِ خُلصنا من براثن الشيطان، فالصليب ليس أداة عار أو مكان للألم أو لحمل الألم كلا! الصليب هو خلاصنا بهِ الرب تألم عنا، ودعانا لحملهِ “مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفسهِ ويَحمِلْ صَليبَهُ كُلَّ يَومٍ ويَتبَعْني. لِأَنَّ الَّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حياتَه يَفقِدُها. وأَمَّا الَّذي يَفقِدُ حَياتَه في سَبيلي فإِنَّه يُخَلِّصُها” وهو دعانا لحملهِ لا لكي نتألم بهِ بل لكي نخلُص ولكي نجسد محبتهِ ما بين البشر، من خلال حمل الصليب ننشر ثقافة المحبة التي أرادها الرب منذُ اليوم الأول للخلق. نحمل الصليب بمحبة ونتبع إثرَ خطواتهِ المُحبة للبشر يدعونا الرب لنحمل محبتهِ ونتبعهُ لنمتلى من هذهِ المحبة ونعطيها للآخرين. كما قال القديس أوغسطينوس: “أحبب وأفعل ما تشاء”. فبعد أن تحب لن تعمل شيئاً بدون المحبة ولن تظهر للعالم سوى محبة الله الأب ومحبة الابن بقوة الروح القدس. علينا إتباع يسوع في المحبة وبالمحبة ونزرع الفرح والرجاء مكان الألم والوجع  والمغفرة  والتسامح مكان الضغينة والحقد. يقول القديس بولس: “الرَّجاء لا يُخَيِّبُ صاحِبَه،َ لأَنَّ مَحَبَّةَ اللّه أُفيضَت في قُلوبِنا بِالرُّوحَ القُدُسِ الَّذي وُهِبَ لَنا”. ربنا يسوع تألم من أجل خلاصنا ولمحبتهِ العظيمة لنا وهو يفرح بالحق، الرب يسوع هو “الطريق والحق والحياة”. فأينما وجدَّ الصليب وُجِدت المحبة، لأنهُ هو علامة الحب الذي غلب الموت، فأينما رأيتَ كنيسة مزدانة بصلبان كثيرة فاعلم أن هذا علامة إمتلائها بالحب الكثير نحو أولادها. يقول القديس يوحنا فم الذهب: “لا تخجل يا أخي من علامة الصليب فهو ينبوع الشجاعة والمحبة والبركات وفيهِ نحيا مخلوقين خلقةً جديدة في المسيح”. آمين.