full screen background image

اليوم الحادي والثلاثون: مريم ملكة الكون (ملكة الملائكة والبشر، سلطانة السماء والأرض)

208

الاخت مارتينا

تأمل

من أجمل وأصدق ألقاب مريم هو لقب الملكة. مريم بنعمة الله هي ملكة وسلطانة الكون. يقول القديس أثناسيوس: “إذا كان الابن ملكاً، فإن الأم التي ولدتهُ تعتبر بحق وحقيقة ملكة وسلطانة”. إن تتويج مريم العذراء كملكة وسيدة الكون هو آخر الامتيازات الممنوحة للقديسة مريم على المستوى فائق الطبيعة كان من المنطقي أن والدة الإله بعد انتقالها بالنفس والجسد إلى السماء، رفعها الثالوث الأقدس فوق جوقات الملائكة والقديسين. مريم العذراء أمنا القديسة هي ملكة لأنها في حياتها الأرضية، أنجزت بنعمة المسيح رسالة لا تزال تقوم بها أكثر في السماء. فهمت مريم حياتها على أنها خدمة فيها ملوكية بحسب الإنجيل (لوقا22: 24_ 30). لم تفسر أمومتها الإلهية على أنها تعبير عن السيادة ولكنها أعلنت نفسها “خادمة الرب” (لوقا1: 38)، تعبد الله الواحد وتخدم خطتهُ الخلاصية. قبلت مريم أن تجعل تحقيق ملكوت الله ممكناً، عندما رحبت برسالة الملاك بخصوص المسيح الداؤدي الذي سيملك إلى الأبد على بيت يعقوب . (لوقا1: 32_ 33). يقول البابا بيوس الثاني عشر: “يجب أن تسمى مريم العذراء المباركة ملكة، ليس فقط بسبب أمومتها الإلهية، ولكن أيضاً لأن الله أراد أن يكون لها دور استثنائي في عمل خلاصنا الأبدي”. إن ملوكية مريم العذراء ناتجة من ملوكية ابنها الإلهي، وهي مشاركة في كرامة يسوع المسيح الملكية، ولكن بطريقة محدودة وقياسية. مريم العذراء تستحق أن تكون ملكة لأنها “والدة الله والملك المسيحاني، رفيقة الفادي المحب، تلميذة المسيح وأفضل أعضاء الكنيسة”. إن ملوكية مريم هي ضد الظلم والعبودية، لأنها تعني مشاركتها في عمل يبعث الرجاء ويعبر عن محبة رحيمة، والمؤمنين عليهم أن يجدوا فيها سر هويتهم الملكية كأبناء الله والنموذج لإعطاء الرب مكاناً أعظم في حياتهم. مريم العذراء هي الملكة القائمة عن يمين الملك، يوم انتقلت إلى السماء فتوجت ملكة وسيدة وقيمةً على الجودة الإلهية، وصاحبة العرش الإلهي الذي يجلس عليهِ الخالق. مريم العذراء هي المرأة المزينة بأجود وأثمن ذهب الأرض، ذهب “أوفير” وذهب السماء التي لم ترهُ عين ولم تسمع بهِ أذن ولم يخطر على قلب بشر. هي الملكة الجميلة، التي اشتهى الملك حسنها وبهائها وطهارتها وبتوليتها وسناء نقاوتها. هي الملكة التي نسيت كل ما ورائها من أهل وأقارب، فأصبحت أم العالم وأم البشرية، لباسها من الذهب، ليدل على مركزها ومقامها، إنها “الملكة” بكل ما للكلمة من معنى. لأنها نالت حظوة عند الله. وبما أن مريم العذراء قد تعظمت لتكون أم ملك الملوك، فإن الكنيسة المقدسة تكرمها بحق وتريد أن يكرمها الجميع بلقب “ملكة الملائكة والبشر، سلطانة السماء والأرض”.

قصة

كانت فتاة فقيرة مكلفة بحراسة قطيع ماشية، تحبُ العذراء حباً جماً. وكانت أعذب متعة تتذوقها، هي شخوصها إلى كنيسة صغيرة، مكرسة للسيدة العذراء، على قمة جبل. وفيما أغنامها ترعى على مقربة من المكان كانت هي تخاطب الأم الحبيبة، وتقدم لها آيات التكريم.

وإذ تبينت أن تمثال العذراء مجرد من كل زينة، عزمت على أن تحيك لها معطفاً بيديها. وذات يوم قطفت أزهاراً برية فعقدت منها قلادة، ثم إرتقت إلى الهيكل، وتوجت بها هامة التمثال قائلة: “أماه كنت أتمنى أن أزين جبينك بالذهب والأحجار الكريمة. ولكن، بما أني فقيرة تقبلي مني إكليل الزهر الوضيع هذا، دليلاً على ما أكلهُ لكِ من حب”. وما إنفكت تلك الراعية الورعة تخدم السيدة الحبيبة وتكرمها. وقد كافأت الأم السماوية العطوف زيارات إبنتها ومحبتها. وقد مرَّ يوماً بذلك المكان راهبان وجلسا تحت ظل شجرة، كي يرتاحا من تعب المسير، وإستسلم أحدهما للكرى، فيما ظل الأخر يقظاً. ولكنهما رأيا كلاهما حلماً واحداً فقد شاهدا ثلة من العذارى الرائعات الجمال، وفي وسطهن فتاة تفوق جميعهن بهاءً وجلالاً. وسألها أحدهما: ” من أنتِ أيتها السجية الجليلة؟” فأجابت: “أنا أو الله، وإني ماضية مع هؤلاء العذارى القديسات كي أودع في القرية المجاورة فتاة راعية تحتضر لطالما زارتني”.

وتلاشت الرؤيا فهتف الراهبان معاً: “فلنمضِ نحنُ أيضاً، كي نودعها”. وسرعان ما عثرا على مسكن الفتاة المحتضرة، وهو كوخٌ فقير، حيثُ دخلا فألفياها راقدةً على فراش من قش وحيياها، فقالت لهما: “يا أخويَّ، إسألا الله أن يُريكما مواكب الذين يساعدونني”. فركعا وشاهدا العذراء مريم واقفة إلى جانب المحتضرة، ممسكة إكليلاً بيدها، مغدقةً عليها العزاء. وحينئذ شرعت العذارى القديسات اللواتي يؤلفن موكبها بالإنشاد، وعلى نغماتهن الرقيقة انفصلت نفس تلك الفتاة المباركة عن جسدها، فوضعت مريم الإكليل على رأسها واقتادتها معها إلى الفردوس.  

صلاة: يا مريم، أيتها العذراء المباركة والدة الإله ملكة الملائكة والبشر، أحييك بإكرام عميق وتكريس بنوي. أجدد تكريس نفسي وكل ما عندي لكِ. أشكركِ على حمايتك الأمومية وعلى البركات العديدة التي تلقيتها من خلال رحمتكِ العجيبة وشفاعتكِ الدئمة في كل احتياجاتي يا أم الرحمة. أشفعي لي عند يسوع ابنك الإلهي، على النعمة التي يمكنني من خلالها أن أقتدي بكِ وأصبح أكثر شبهاً بكِ في ممارسة فضائل التواضع والطاعة والطهارة والفقر والخضوع لإرادة الله والمحبة. آمين.