full screen background image

اليوم التاسع والعشرون: مريم العذراء مثالنا في الصبر

285

الاخت مارتينا

تأمل

أمنا العذراء مريم المباركة تتحلى بعدة فضائل. ومن هذهِ الفضائل فضيلة الصبر، والصبر هو فضيلة إنجيلية.  كانت أمنا القديسة مريم العذراء الكاملة في الفضيلة مثالاً للصبر طوال حياتها الأرضية. وكما يقول القديس ألفونس دليغوري: “إن حياة مريم كلها كانت تمريناً متواصلاً للصبر”. ماهو الصبر؟ الصبر كلمة تأتي من كلمة لاتينية تعني “المعاناة” لذا فإن الصبر يعني تحمل المصاعب والتجارب بهدوء. إن تجارب وصعوبات ومعاناة مريم العذراء لم تُكتب في الأناجيل. كما قال ملاك للقديسة بريدجيت ذات مرة: “كما تنمو الوردة بين الأشواك، كذلك تنمو العذراء المباركة وسط الضيقات”. لقد أحبت أمنا العذراء مريم الله أكثر من أي مخلوق آخر. لذلك كانت لديها أيضاً قدرة أكبر من أي شخص آخر على تحمل المعاناة. ومع أننا لا نعرف كل التفاصيل في حياتها، إلا أننا نستطيع أن نقول بثقة إنها تحملت صعوبات ومعاناة أكثر من أي إنسان مخلوق. إن ما تحملتهُ مريم عندما كانت حاضرة عند موت يسوع على الجلجلة يكفي وحدهُ ليبين لنا كم كان صبرها ثابتاً وسامياً: “هناك كانت واقفة عند صليب يسوع أمهُ” (يوحنا19: 25). إنها بفضل صبرها تحديداً كما يقول الطوباوي ألبرت الكبير: “أدخلتنا إلى حياة النعمة”.لكي نتمكن بالصبر من اقتناء نفوسنا للحياة الأبدية، كما يقول ربنا: “بصبركم تقتنون نفوسكم”. لقد أعطانا الله القديسة مريم العذراء نموذجاً لكل الفضائل ولكن بشكل خاص مثالاً للصبر. فتحملت وصبرت على آلام ابنها المبرحة أمامها، فحزن هذهِ الأم الحنونة في آلام يسوع كان عظيماً جداً لدرجة أنها وحدها تعاطفت إلى درجة كافية موت الله الذي صار إنساناً فإذا أردنا أن نكون أبناء مريم، علينا أن نسعى لتقليدها في صبرها. تقول القديسة فوستينا: “الألم هو أعظم كنز على وجه الأرض، فهو يطهر النفس، وفي الألم نتعلم من هو صديقنا الحقيقي” لقد سمح الله لأمنا القديسة مريم أن تتألم بشدة لأنها كانت تمجدهُ من خلال آلامها الصابرة، اقتربت من الرب وشاركت في عمل المسيح الخلاصي. على الرغم من أن مريم عانت بشدة، إلا أنها تلقت أيضاً قدراً لا يصدق من النعمة من الله، النعمة التي جعلتها تكون والدة الله. فعندما يضعك الله في موقف يتطلب الصبر، تذكر الأم الحزينة. بدلاً من الهروب من المعاناة، حاول قدر المستطاع أن تقبل المعاناة التي يسمح بها الرب. وفي وسط المعاناة الشديدة لا يتركنا الله أبداً. يطلب منا أن نحتمل تجاربنا بصبر، لأنهُ بها يقربنا إليهِ ويجعلنا أكثر على صورة ابنهِ. كلما أصبحنا مثل مريم، كلما أصبحنا مثل ابنها يسوع، وكلما تمكنا من تجربة صعبة ومعاناة بصبر نلنا محبة الله وسلامهِ، حتى ندخل معهُ إلى الملكوت السماوي الأبدي.

قصة

فى العديد من صور السيدة مريم تظهر وهى تحمل السيد المسيح طفلًا، لكن فى هذه الصورة (صورة أم المعونة الدائمة)،يبدو شىء غريب إلى حد ما، وهو ظهور (صندل) يسقط من إحدى قدمى السيد المسيح. قد يفسر البعض ذلك على أن المسيح كان طفلًا حينها، ومن الطبيعى أن يكون الطفل كثير الحركة، وبالتالى يسقط من قدمه (الصندل)، كالذى يحدث مع الأطفال جميعًا. لكن ذلك التفسير لا علاقة له بالصحة، كما يبيّن الواعظ كريستوفر فريد، الحاصل على دبلوم العلوم اللاهوتية من معهد الدراسات القبطية، بقوله: “سقوط الصندل من قدم السيد المسيح ليس أمرًا عفويًا، كما يعتقد البعض، لكنه مقصود ومرتبط بالكتاب المقدس، وأوضح أن سقوط (الصندل) من قدم المسيح يعطى إشارة إلى أنه جاء إلى الدنيا بعد رفضه من بيت “مخلوع النعل”، وفقًا للقصة الواردة فى أحد أسفار “العهد القديم” “سفر راعوث”، وتحديدًا فى الإصحاح الرابع. تقول القصة إن “راعوث” تلك، وهى جدة من جدات السيد المسيح، كانت من بلدة تدعى (مؤاب)، وتزوجت من رجل يهودى، مات هو وشقيقه ووالده، فاضطرت والدته (نُعمى) للعودة إلى بلدتها مُجددًا. ورفضت “راعوث” أن تترك حماتها، واتبعتها من (مؤاب) إلى بيت لحم، حيث فوجئت بأنها مطالبة بالزواج من قريب لهم، حتى يقيم نسلًا لزوجها الراحل، وفقًا لشريعة اليهود. لكن أكبر قريب وهو الأحق بها رفض الزواج بها، وعَبّر عن ذلك بأن خلع (صندله) وأعطاه لـ«بوعز»، الرجل التالى من جهة القرابة، كدليل على تنازله عن تلك الزيجة، التى أثمرت بعد ذلك ولدًا يدعى “عوبيد”، الذى أنجب “يسى”، والد نبى الله داود، الذى يعتبر الجد الأكبر للسيد المسيح. وأضاف فريد: تلك القصة توضح أن المسيح جاء بعدما رفض من بيت مخلوع النعل، تمامًا كشعب بنى إسرائيل الذين رفضوه ولم يسمعوه، رغم أنه كان واحدًا منهم وجاء لهدايتهم، كما يقول تفسير أخر بأن حذاء يسوع المتدلي من رجلهِ يفسر حالة الفزع والخوف التي شعر بها يسوع عندما تفاجأ حين رأى الصليب الرهيب بين يدي الملاك جبرائيل وبحركة جافلة من الجسم ضرب رجلاً بأخرى فانتزع الحذاء من الرجل اليمنى.

صلاة: أيتها البتول الكليّة الرأفة، يا أمي الحبيبة الكلية القداسة، نسألك أن تعلمينا الصبر في تجارب وصعوبات حياتنا. وفِّقينا أن نخدمك ونعبد إبنك بخلوص المحبة والغيرة من صميم القلب، تشفعي لنا يا بنت الاب وأم الابن وعروسه الروح القدس لدى ابنك يسوع، يرد جميع البشر إلى الإيمان الحقيقي بكنيسه واحده جامعه رسوليه ويرد الضالين إلى البيت الأبوي السماوي. آمين.