full screen background image

اليوم الثامن والعشرون: مريم العذراء أم الفادي المخلص

182

الاخت مارتينا

تأمل

مريم هي المرأة التي تظهر لنا سمو محبة الأم والإكتفاء النهائي لجميع النساء. لقد كان حبها غير الأناني متناغماً دائماً، حيثُ استمعت إلى كلمة الله لها وكانت تحت تصرف الله تماماً. “استقبلت مريم العذراء كلمة الله في قلبها وأعطت الحياة للعالم في جسدها”. (دستور نور الأمم). كانت مريم موجودة في كل لحظات حياة يسوع. كانت مريم هناك عند تجسد الله المتجسد، ميلادهِ وصلبهِ، وقيامتهِ. لقد كانت هناك طوال ما يسمى بـ “السنوات الخفية” في الناصرة في حياة فادي البشر، كانت كل كلمة وكل فعل فدائياً كاشفاً عن حياة الله ذاتها، وسر السماء الملامس للأرض والهدف الأعمق لحياتنا. بعد بشارة الملاك جبرائيل لمريم وقبولها كلمة الله بقولها: “ها أنا آمة الرب” إن هذهِ الإجابة لكلام الملاك هو أحد ثمار استجابتها المطيعة المتواضعة. لم يكن هذا الرد، رد فعل لمرة واحدة. لقد كانت ثمرة حياة تسليم وامتدت إلى الأمام لتميز حياتها على هذهِ الأرض ومشاركتها في شركة القديسين الأبدية. قالت مريم نعم لدعوة الحب وتواضعت لقد واجهت مخاوفها الخاصة ودخلت في طريقة للعيش. كل هذا كان استجابة مستمرة لدعوة مُحبة أصلية، هبة بادر بها إله مُحِب. مريم ترينا كيف نشارك في التجسد المستمر لمحبة الله من أجل العالم. وتشارك في التدبير الخلاصي لفادي البشر ابنها ومخلصنا يسوع المسيح. إن العمل الخلاصي والفدائي المستمر لمحبة الله يستمر من خلالنا. “تقدمت أمنا القديسة مريم العذراء في رحلة الإيمان، وثابرت بإخلاص في اتحادها بابنها تحت الصليب” (نور الأمم). مريم هي نموذج الإيمان والرجاء والمحبة تكرمها الكنيسة كأم المسيح المتحدة بشكل خاص بجسد يسوع المسيح السري أي “الكنيسة”. يقول البابا بيوس الثاني عشر: “ساهمت مريم في فدائنا بحيث كان خلاصنا ينبع من محبة يسوع المسيح وآلامهِ، ويرتبط إرتباطاً وثيقاً بمحبة وأحزان أمهِ”. إن بتعاون أمنا العذراء مريم مع ابنها، فادي الجنس البشري، وتحملها آلامهِ وصلبهِ بصبر “ساهمت مريم العذراء بالإيمان الحر والطاعة في خلاص الإنسان” مريم ليست السبب الرئيسي والكمال للفداء، فهي لم تستطع أن تخلصنا بالعدالة، لأن الفداء يتطلب فعلاً إلهياً ذا قيمة لا نهائية لا يمكن أن ينتمي إلا إلى شخص إلهي متجسد. لكنها في الواقع ساعدت في الخلاص بخضوعها ليسوع، إنها تابعة ليسوع ليس أنها أدنى منهُ، ولكن بمعنى أنها شاركت في خلاصنا بنعمة انبثقت من استحقاقاتهُ. وبالتالي عملت فيهِ ومعهُ في التدبير الخلاصي، يسوع هو الوسيط بين البشر والله. لقد افتدى مريم بحفظها من الخطيئة الأصلية. ومن خلالهِ ساهمت في خلاصنا. إنها ليست السبب الكامل للخلاص، بل هي السبب الموجه لما، إذ تجعلنا نخضع لعما ابنها الذي يحقق خلاصنا وفدائنا.

قصة

في أحد الأيام وقف أمام أيقونة السيدة العذراء بمقصورة العزباوية عائلة مؤلفـة مــــن زوج وزوجتــــه وأولادهم الأربعة وظلوا يصلون بحرارة حتي أقبل المـساء وقــرب موعد غـلق بـاب الديـــر الخارجــــي فنبههم أحد الآباء الرهبان بالأنصراف فامتنعـت الزوجة قائلة أنا لا أبـرح هـــذا المكـــان حتى تقضى حاجتي، وكانت تصلي ودموعها تنسكب من عينيها بغزارة فأستعلم القمــص فيلؤثاؤس من زوجـــها عن السبب فعرّفه انها مصابة بمرض السرطان في ثديها الذي كان الورم قد تضـخم فيه بشكل مزعج.

وكان الزوج وأولاده يبـكـون معهـا لأن الطبيب المعالج قد حدد لها موعداً وهو صباح اليـــوم التالي لعمل عملية لأستئصال الثدي، وكانت هذه السيدة المريضة تبكي وتصـرخ قائلة أنا لا أتركــك يا أم النور وأســلم نفسي للطبيب الأرضي إعملي لي أنتِ العملية يا سيدتي، ثم أغـلـــق الرهبان المــقـصــورة عـليهــم وانصرفـــوا وفي الساعة الثالثـــة والنصف بعـــد منتصف الـلـيـل سمع الرهبان تهليلاً وأصـوات فرح مع تصـفيق بالأيـادي فنزل الآباء الرهبان وفتحوا باب المقصورة وإذا بهم يجــــدون أفراد هذه العائـلة فــرحين متهللين وهــم يمجــدون الله ويشكرون حسن صنيعه معهم. وطلبوا من القمص فيلؤثاؤس عمل تمجيد كبيــر للســـيـدة العذراء. فأستعلم منهم عما جــري فقـــالت السيـدة ولسانها يتلعثم من شــــدة الفـــــرح اسمع يا أبـونا : أنا سهـرت اللـيلة أستغيث وأبكي وأطـلب مـن أم الــنور أن تشفـــع لي لــدي أبنهـا الحـبـيـب لـكـــي يـرحــمـني وينقـذني من العملية التي ستعمـل لي باكر صباحاً، وأنا متأكــدة أنه لــو عملت لي عمليــة ولـم تنـجــــح فـمصـيري الموت المحقق. وقد كنت متألمة جداً من القــروح التي ينبعث منها الصـديـد بأستمرار لــيـل نـهـار ثم بعـد منتصف الليل بساعة تـقـريباً تغـلـب عـليّ النعـــاس فـنمت بينما الآلام المرة لم تبــرحني لحـــظـة واحدة، وما أشعـر إلا ويـد تنـبـهـني لكي أسـتـيـقـظ مـن النـــوم وصـــورة سيـدة تـنـــاديني بأسمـــي. وبعـد أن أســتيقظتُ، وكان زوجي وأولادي نياماً مـن شـــدة الحــزن. رأيت ســيــدة مــنيـرة كالشمس ومتـســربلة بـثـيـاب بيضاء، وعلي رأسها إكليل مرصع بجواهر ثمينة وتحـملها ملائكة بأجـنحة وهــي مرتفعة عــن الأرض فأنزعجتُ جـداً مـن جـمال وبهاء هـذا المنظر ا لعجيب وقلت لها من أنتِ يا سيدتي؟ فقالت لي: ألا تعـلمين من أنا؟ أنا العذراء أم النور التي تطلبينني بأستمـرار وتصـــلي لكي أتوسط لكِ عند إبني رب المجد يســوع لكي يعمل لكِ العملية ها أنا ابني أرسـلـني إليكِ لأعمل لكِ العملية بدلاً من الطبيب أظهري ثديك المريض. فأخذت أفك الأربطة الكثيرة والقطـن الموجود فوق الدمـامـل المنتـــشرة فيه والتي تفيض صـديداً ودمــاً كثيراً ثم مــــــدت يدها وهي منحنية ولمـست الثدي ورسمت عليه عـلامة الصـليب وهــي تقــول باسم الآب والأبن والـروح القـدس إلـه واحـد آمـين. ثــم قــالـت انتـهـت العـملية يا إبنتي. ومـا أشعـر إلا والأورام والقـروح الخبيثة قد تلاشت ولم أرَ أثراً لها بالمرة، وزالـت بسرعـة البرق، وقـبـل أن تنصرف السيـدة أم النور مــن أمامي قـالت لي أشكــري فضل إبني يسوع الذي أنعــم عـليكِ بنعـــمـة الشــفــاء مـن مــرضـكِ ورنـمـي مع المـرنم داود قـائلة “بـا ركي يا نفـسي الرب ولا تنسي كــل حسنـاته” وبســرعـــة مـدهشة انصرفت من أمامـــــي ولما اخـتلــيـت بنفسي كـــدت لا أصـــدق مــا جـــري لي، وصــرت لا أدري إن كنـــت في يقظــة أم في مـنـــام، ومـن شــدة دهشـتـي وفرحتي صـــرت أجس بــيــدي ثديـــيّ الأثنتين فأجدهما متساويين في الحجـــم والشكــــــل ولا أ ثر مطلقاً لـــورم أو قـــروح أو ألــــم، فأ يقــظـت زوجـي وأولادي فقاموا مذعــــــورين ولما علموا ما جري كادوا يُجنوا من شدة الفرح، ولما أشــــرق الصباح ذهب الجميع إلى المستشفى وكان كل شئ قـد أعـــد للعــــملـية، وطــلـب الطـبيـب أن تـُدخِل السيدة لغــرفـة العـملـيات فقــــال له الــزوج لقد عـمـلت العــــمــلية بوا ســطـة السيـــــدة العـــذراء أم النــور. فضـــحــك الطـبيب مستهـزئاً وهـو يقـول هـل ا لعــــذراء طـبيــبة؟! فـقـــال لـه الــزوج: يـظــهــر أنــــك غيــر مـصـدّق، فها هي السيدة التي تعالجها منـذ سنة تقــريباً، ولـما كشـفــت السيدة ثديـها رأي الطـبيب رســـم الصليب بلـون أحـمـــر كالدم، وقال مَن رسم هذا الصليب؟ فقالوا له السيدة العذراء رسمته بيدها الطـــاهرة فـــزال الـــورم الهائل والدمامل الخـبيثة بقوة الـرب يسوع وشفاعة أمه الطاهـــرة ــ فـأنذهـل الطبيب وهو يقـول: أنا لولا أني عا لجت هــذه السيدة وأعرفها حق المعرفة لما كنت أصدق أبداً مـا تقولونه، وأنا لا أستطيع أن أقـول شيئاً ســوي أن هـــذه مــعـجزة غـــريبة، والـذي يدهـشنـي أكـثــر أن الـصــليب لا يُمـحـي مــهــمـا غُسل، وقـد آمنت حقيقة بقــوة الله وبشفـاعــة السيـدة العـذراء ــ وهنا طـلب الزوج أن يسترد نصف أجر ا لعملية الـذي تقـاضـاه ا لطـبيب بالأمــس فقـال له الطـبيـب: إن هـذا المبلغ قد أصبح من حق إخـوة الـــرب وفعلاً تـم تـوزيع المبلـغ علي الفقراء وا لمساكين وصارت هذه السيدة تأتي كل أسبوع لزيارة أيقونة السيدة العذراء لتقـدم الشكر لله والتمجيد لأمه الحنونة.

صلاة: أيها الآب الرحوم بحكمتك الإلهية، خططت لفداء الجنس البشري وقررت أن حواء الجديدة “مريم العذراء” يجب أن تقف عند صليب آدم الجديد “يسوع المسيح” ابنك الوحيد، فكما أصبحت أمهُ بقوة الروح القدسهكذا بعطية حبك الجديدة، كانت حاضرة مع ابنها الفادي في آلامهِ وهي التي ولدتهُ. أعطنا أن نستطيع أن نحمل صليب ألامنا بصبر مثل مريم القديسة لنكون تلاميذ حقيقيين لأبنك الفادي ربنا يسوع المسيح آمين.