full screen background image

اليوم السادس والعشرون: أم المشورة الصالحة

207

الاخت مارتينا

تأمل

إن آباء الكنيسة والقديسين أطلقوا ألقاب عديدة على أمنا القديسة المباركة مريم العذراء، ومن هذهِ الألقاب والموجود في طلبة العذراء، “أم المشورة الصالحة. إنها تقف دائماً على الإستعداد لمساعدة الجميع في الحياة، لأنها مُحِبة وكريمة لجميع البشر وخصوصاً المؤمنين بابنها الإلهي هي من تدرء الخطر عنا وتساعدنا في جميع الأخطار وتدافع عنا ضد حيل الشيطان. عاشت مريم العذراء حياتها كلها تحت إرشاد الروح القدس الذي ظللها في البشارة. وسلمت نفسها بالكامل لخطة الله في حياتها وحياة ابنها، المشورة هي موهبة من مواهب الروح القدس السبعة المذكورة في الكتاب المقدس. وهناك أكثر من مائتي استخدام لكلمة “المشورة” في جميع الكتاب المقدس، وإذا أردنا أن نكون حكماء طوال أيام حياتنا يجب علينا أن “نسمع المشورة ونقبل التأديب”، (أمثال19: 20). والدتنا القيسة مريم والدة الإله العذراء المباركة، لم تتبع فقط مشورات الرب كل أيامها على الأرض، بل حتى في السماء. نتوجه إلى العذراء لنتلقى مشورتها ونصائحها، فكما وجهت الخدم في عرس قانا الجليل: “إفعلوا ما يأمركم بهِ” (يوحنا2: 5). نحنُ الرهبان والراهبات نلتزم التزام كامل بدعوتنا من خلال قبول ونذر “المشورات الإنجيلية، فعلى مثال ربنا وفادينا ووالدتهِ القديسة الذين عاشوا على هذهِ الأرض فقيرين عفيفين ومطيعين طوال حياتهم كذلك نحنُ علينا أيضاً عيش المشورات الإنجيلية بجذرية. يقول البابا القديس يوحنا بولس الثاني في إرشادهِ الرسولي “الحياة المكرسة: “أن أعتناق المشورات الإنجيلية هو جزء لا يتجزء من حياة الكنيسة وحافز تشتد الحاجة إليهِ نحو أمانة أكبر للإنجيل”. ويقول القديس توما الأكويني: “من المؤكد أن المشورة موهبة الروح القدس لم تكن ناقصة في حياة السيدة العذراء التي حل الروح القدس عليها منذ الحبل بلا دنس، وتمتعت بحكمة مباركة في قبول مشيئة الله في حياتها، وهي قادرة على التشفع لنا بمشورتها الحكيمة”. نحنُ مدعوون في الشهر الشهر للعودة إلى مدرسة أمنا القديسة مريم العذراء المباركة أم المشورة الصالحة، كيما ترشدنا في عمل مشيئة الله. فأمنا مريم مثل المسيح هي الصديقة والرفيقة والأم الحنونة التي يمكننا الوثوق بها والتي بإصغائنا إلى مشورتها الصالحة تنصحنا للخروج من أحزاننا وصعوباتنا بالحكمة التي تأتينا من الروح القدس لكيما نفعل ما يريدهُ منا الله.

قصة

في سنة 1571، كان الاسطول التركي يزحف على ايطاليا عبر البحر المتوسط ليحتّل اوروبا. فاستنجد البابا بيوس الخامس بالدول الاوروبية. اتته النجدة من دول ايطاليا واسبانيا وفرنسا والمانيا والنمسا … ومشى الاسطول المسيحي لمجابهة الاسطول التركي، فالتقى الجيشان قرب جزيرة ليبانتيا (من جزر اليونان) وفي 7 تشرين الاول سنة 1571، وصل الخبر الى الفاتيكان بأن المراكب المسيحية تتراجع وتتشتت لأن الريح تعاكسها، وأن المراكب التركية تتقدّم بانتصار. فدبّ الرعب في قلوب الناس، ولجأوا الى ساحة الفاتيكان يبكون وينوحون امام البابا القديس.

فأطلّ عليهم من شرفته وقال لهم :”لا تخافوا، قووا ايمانكم. ليأخذ كل واحد مسبحته وصلّوا الوردية”. ثم دخل الى غرفته، فركع امام المضلوب وصلّى المسبحة الوردية وطلبة العذراء. ثم خرج الى الشرفة من جديد وهتف بالجماهير :”أبشّركم بانتهاء الحرب وانتصار المسيحية! وبعد بضعة ايام، وصلت الى الفاتيكان الأخبار بالتفصيل: ففي تلك الساعة، بينما كان قداسته راكعاً يصلّي المسبحة والمسيحيون في طريق الانكسار، اذا بالريح تنقلب مع مراكب المسيحيين منعكسة على الأعداء الذين اخذوا بالتراجع والإنهزام. فانتهت الحرب بانتصار المسيحيين في ساعة غير منتظرة.وعلى اثر هذه الاعجوبة التاريخية، اضاف البابا بيوس الخامس الى طلبة العذراء “يا معونة النصارى“.

وبعد سنتين تقريباً، توفي البابا القديس بيوس الخامس، وخلفه البابا عريغوريوس الثالث عشر، فأضاف البابا الجديد بدوره الى الطلبة “يا سلطانة الوردية”. وعيّن يوم 7 تشرين الاول عيد الوردية. مر على هذه الحرب مئة سنة فأعاد الأتراك الكرّة في غزو اوروبا الوسطى في البر. وحاصروا مدينة فيانا مدة عشر سنين. وكان جان سوبيسكي ملك بولونيا يقود الجيوش الاوروبية المسيحية. فلما رأى الإنتصار مستعصياً والسلاح لا يفيد شيئاً، صعد على تلة وصرخ الى العذراء صراخ النجدة، وهو يلوّح لها بمسبحته. وطاف المسيحيون المحاصرون بالمدينة يُصلّون المسبحة الوردية … فاذا الذخيرة تنفد مع الأتراك فيفكّون الحصار عن المدينة ويتراجعون وتنتهي الحرب. وكان ذلك في 13 ايلول 1683.قبل ذلك التاريخ بقليل، كان البابا اينوشنسيوس الحادي عشر قد عمّم على العالم اجمع تخصيص شهر ايار لتكريم العذراء. فطلب منه الملك جان سوبيسكي تخصيص شهر تشرين الاول بكامله لعبادة المسبحة الوردية. فاستجاب البابا الطلب

صلاة: يا أم المشورة الصالحة، أمنا العذراء مريم، أنت تعرفين كيف تميزين إرادة الله. تشفعي لنا عند ابنُكِ الإلهي، نريد أن نتبع نصيحتكِ ونفعل كل ما يخبرنا ويريدهُ ابنكِ من خلال السماع لمشورتكِ نتلقى مواهب الروح القدس. فنكون بحق أصدقاء حقيقيين لإخوتنا البشر من خلال تقديم الدعم والتشجيع والتمييز، والمشورة، والقوة في الصعوبات والتحديات التي تواجهنا آمين.