full screen background image

اليوم الثالث والعشرون: مريم العذراء مثالنا في الإيمان

139

الاخت مارتينا

تأمل

كانت رحلة مريم العذراء مع الله رحلة إيمان عميق وثقة كبيرة. كان لديها انفتاح ممتلئ بالنعمة على سر اللله وتدبيرهِ الخلاصي، يقول لنا الكتاب المقدس أن مريم كانت مرتبكة وخائفة قبل أن تستجيب لله كانت متوترة بشدة ومتسألة ما معنى سلام الملاك هذا؟ على الرغم من إيمانها وحبها، إلا أنها كانت لا تزال في حيرة وأضطراب. لقد كافحت مريم لتقول “نعم” للرب! لقد تأملت وكثيراً هذهِ الكلمات في قلبها. وإن التأمل ليس مجرد مسألة تفكير أو محاولة السيطرة على حقائق الإيمان وأسرار الحياة، بل إنها مسألة ترك الحقائق الإيمانية تكون معنا وتدخل فينا وتكشف لنا ان إرادة الله يجب أن تصبح إرادتنا. أتخذت أمنا القديسة قفزة في الإيمان، إذ كانَ عليها أن تتخلى عن خططها وتقول “نعم” لحياة الإيمان. وعلى الرغم من وعيها بعدم استحقاقها وصغرها، لكن كان عليها أن تقول “نعم” لتصبح والدة الإله وكل ما يتطلبهُ ذلك. طُلِبَ منها أن تتخلى عن خططها وتدع الله يتولى حياتها. مريم تعلم أنها لن تساهم في خلاص العالم إلا إذا وضعت نفسها بالكامل تحت تصرف الله. مريم هي إمرأة رجاء، فقط لأنها تؤمن بوعود الله وتنتظر خلاص شعبها. فاستجابت مريم بطاعة الإيمان، واثقة أنهُ “ليس شيء غير ممكن عند الله”، “ها أنا آمة الرب، فليكن لي حسب قولك” (لوقا 1: 38). وهكذا إذ وافقت مريم على كلمة الله، أصبحت أم يسوع. لقد أعتنقت المشيئة الإلهية للخلاص بكل قلبها، دون أن تقيدها خطيئة واحدة، وبذلت نفسها بالكامل لشخص ابنها وعملهِ الخلاصي، لقد فعلت ذلك لتخدم معهُ سر الفداء وتعتمد عليهِ بنعمة الله.

مريم هي أول من جلب المسيح وشاركهُ مع العالم أجمع. كانت مريم هي الرسولة وكان المسيح هو الرسالة، ونحنُ مثل مريم مطالبون بأن نأتي بمخلص لعالم مرهق ومتألم. لقد أصبحت مريم حقاً أم جميع المؤمنين إن البشر صغاراً وكباراً، في كل زمان ومكان يلجأون إلى حنانها الأمومي ونقائها ونعمتها البتولية، في كل احتياجتهم وتطلعاتهم، في أفراحهم وأحزانهم، في لحظات وحدتهم ومساعيهم المشتركة. مريم العذراء أمنا المباركة تظهر لنا ما هو الحب ومن أين يستمد أصلهُ وقوتهُ المتجددة باستمرار. فإليها نوكل الكنيسة ورسالتها في خدمة المحبة.

قصة

مع ان نابليون الاول لم يكن بارعاً في شؤون الدين، إلا انه قد احتفظ من الثقافة الدينية التي تلقّاها في صباه وشبابه، مبادئ واضحة. كان ذات يوم يحضر مسرحية في باريس، والى جانبه شاب نبيل، يكنّ له مودة، ويعتزم ضمه الى بلاطه. كان الامبراطور اكثر اهتماماً بمراقبة الجمهور، من اهتمامه بمتابعة المسرحية. توقّفت انظاره المرة تلو المرة، على الدوق الشاب، الذي بدا مفكراً قليل الاهتمام بما يجري على المسرح، حريصاً على اخفاء يديه في ثنايا شال من الفرو، مطوي فوق ركبتيه. بغتة انحنى الامبراطور، ودسّ يده اليمنى داخل الشال، وقبض في يد الدوق الشاب على …. مسبحة. في تلك الحقبة لم تكن المظاهر الدينية مستحبة، او مُرحّباً بها، وتوقع الشاب تأنيباً حاداً، وقد اعتراه الخجل. غير ان الامبراطور قال له باسماً: “ها قد قبضت عليك متلبساً. ولكن ذلك يسرّني. فانت فوق تراهات المسرح، ولك قلب، وستصبح يوماً رجلاً عظيماً”. ثم اعاد له مسبحته قائلاً: “تابع، لن ازعجك بعد الآن”. في الواقع اصبح الدوق الشاب عظيم الشأن، ومات كردينالاً ورئيس اساقفة على مدينة بيزانسون، وقد خلّف في رعيته ذكريات باقية عن تقواه وإحسانه.

صلاة: يا قديسة مريم والدة الله، لقد أعطيتِ العالم نورهُ الحقيقي يسوع المسيح ابنكِ- ابن الله. باستسلامكِ الكلي لدعوة الله فأصبحتِ بذلك ينبوع الخير المتدفق منهُ أرنا يسوع وقودينا إليهِ، وعلمينا أن نعرفهُ ونحبهُ كيما نتمكن نحنُ أيضاً من أن نصبح قادرين على الحب الحقيقي ونكون ينابيع ماء حي في وسط عالم عطشان لمحبة المسيح. آمين.