الاخت مارتينا
تأمل
إن الروح القدس هو حارس الرجاء في قلب الإنسان، ولقد كانت مريم المرأة المطيعة لصوت الروح المرأة التي “ترجى على خلاف الرجاء” ترى الكنيسة في مريم “علامة الرجاء” هذهِ. وكانت مريم منقادة بالروح القدس في مراحل عديدة من حياتها يقول المجمع الفاتيكاني الثاني عن مريم: “الروح القدس ومريم في البشارة، قبلت مريم بشارة الملاك بالإيمان، وحبلت بواسطة قوة الروح القدس” “لقد شكلها الروح القدس لتكون خليقة جديدة”، وهي منتبهة لصوت الروح القدس إذ كان قلبها موطن الكلمة الأزلي”. في حدث العنصرة يظل الروح القدس هو الإله الغامض وسيظل هكذا طوال تاريخ الكنيسة والعالم بأكملهِ. ويمكن القول إتهُ محتجب في ظل المسيح، الابن الكلمة الواحد في الوجود مع الآب الذي “صار جسداً وحل بيننا” في الشكل المنظور هو الإله الخفي الذي يعمل في الصمت في الداخل. ومريم أيضاً كانت محاطة بالسر، كما تشير ساعة البشارة الهادئة! لكن عيد العنصرة كان مختلفاً. لقد كان الظهور الإلهي، ظهوراً قوياً لله. لقد كانت مريم حاضرة في العلية بتصميم من الله يقول البابا القديس يوحنا بولس الثاني: وكانت الجماعة الرسولية بحاجة إلى حضورها وإلى هذهِ المواظبة على الصلاة معها. مع والدة الرب، في الصلاة مع مريم نرى وساطتها الخاصة المستمدة من ملء مواهب الروح القدس”. بصفتها عروسهِ السرية تطلب مريم مجيئهِ إلى الكنيسة المولودة من جنب المسيح المطعون على الصليب، والتي هي الآن على وشك أن تنكشف للعالم. يقول أحد القديسين: “إن كل نعمة تأتي إلينا في النهاية من الله الآب من خلال استحقاقات يسوع المسيح، ابنهِ ويوزعها الروح القدس، والروح القدس في توزيع كل نعمة يعمل في مريم ومن خلالها. ليس لأنهُ يجب عليهِ أن يفعل ذلك، ولكن على وجه التحديد لأنهُ في خطتهِ للخلاص، يريد الله أن يفعل ذلك. والله يريد أن يفعل ذلك لسبب ما: لقد أتى يسوع مصدر كل نعمة، من خلال مريم بواسطة عمل الروح القدس، ولذلك فمن المناسب أن تستمر كل نعمة في أن تأتي من خلال مريم بعمل الروح القدس”.
قصة
عام 1843 كان عروسان ينتميان الى اسرة فرنسية نبيلة ينتظران ولادة طفلهما الاول في قلق، بعد ان حذرهما الاطباء من احتمال ان تكون الولادة عسيرة ، وان يكون ضحيتها الطفل والام معا. استغاث الأب الملهوف بالأم السماوية، وتمت الولادة بسلام ووضعت الزوجة طفلة. اصر والدها على تسميتها ماري متخطيا اعتراضات الاهل والمعارف من ثم حرص على ان ترتدي الطفلة طيلة ثلاث سنوات ثيابا بيضاء وسماوية اللون، تكريما للسيدة العذراء.في عام 1858 كانت ماري في ربيعها السادس عشر تتابع دروسها في معهد القلب الاقدس عندما ابتليت بعلة في عينيها افقدتها النظر تماما. وقد اكّد لوالديها طبيب عيون مشهور ان الاصابة بليغة ولا امل بالشفاء. عكفا الاهل على تزويد ماري بالعلاجات وزيارة الاطباء مدة عام من غير جدوى. فقررت الاسرة الشروع ب تساعية الوردية المقدسة اشترك به جيران واصدقاء ماري وكاهن الرعية الذي اعطى الأب قارورة من ماء نبع لورد ليمسح به عيني ماري. وقد نذر اهل ماري، اذا هي نالت الشفاء ان يلبسوها طيلة عام كامل، زي العذراء وان يحجوا كلهم الى لورد. في اليوم الاخير من الـ تساعية خرج الجميع وبقي الأب وحده بالغرفة راكعا امام صورة السيدة العذراء ، فهتف اليها متوسلا: “ايتها العذراء كلية القداسة، ينبغي ان تشفي ابنتي. اجل ينبغي حقا ان تشفيها. شفاؤها واجب عليك، ولا يسعك التملّص منه. اذكري يا مريم انني رغم الجميع اخترتك شفيعة لها. وكم صارعت لاطلق عليها اسمك المقدس. فهل يسعك ان تنسي كل ذلك؟ هل يسعك ان تنسي انني وضعت ابنتي هذه، علنا، تحت حمايتك مرددا ان هذا الاسم، اسمك، سيجلب لها السعادة؟… كانت ابنتي، وجعلتها ابنتك، هل يمكنك ان تنسي هذا؟ الا يُلزمك ذلك؟ الا يُلزم ذلك شرفك؟ هل ترضين ان تدعيها عمياء، بعد كل ايماني بك؟… لا، لا، هذا مستحيل، بل ستشفينها”!كعادتها في الـ تساعية بللت ماري قطعة قماش بماء لورد وعصبت بها عينيها وخلدت للنوم. وعند استيقاظها في الصباح انتزعتها واذ بها تطلق صيحة: “بابا، ماما، اني ارى. لقد شفيت!” ركع جميع من في البيت وقلوبهم ضاجّة بالتأثر وعرفان الجميل وتصاعدت صيحة: “ايتها العذراء القدوسة، يا سيدة لورد… شكرا”. اوفى الاهل نذرهم وحجوا الى لورد وظلت ماري ترتدي زي العذراء حتى يوم زفافها. يومها وافت الى لورد ثانية حيث استبدلت زي نذرها بثوب الزفاف. حرصت ماري على اهداء زي العذراء، الى فتاة احبتها العذراء ولم تجد لذلك خيرا من برناديت سوبيرو (الرائية التي ظهرت لها العذراء في لورد). كانت تلك الهدية الوحيدة التي قبلتها برناديت في حياتها، والتي كانت تذكرها بالام السماوية. وظلت ترتدي ذلك الزي حتى بلي واهترأ اهتراءً كاملا.
صلاة: أيها الروح القدس إمنحنا نِعمكَ وأغرس فينا شجرة الحياة الحقيقية التي هي مريم. وازرعها في حياتنا حتى تنمو وتزهر وتعطي ثمرة الحياة بوفرة، السلام عليكِ يا مريم، أمة الرب المتواضعة وأم المسيح المجيدة، أيتها العذراء الأمينة مسكن الكلمة المقدس، علمينا أن نثابر على الإصغاء للكلمة، أن نكون مطيعين لصوت الروح، منتبهين إلى صداهُ في أعماق ضميرنا ، وإلى ظهوراتهِ في أحداث العالم. آمين.