الاخت مارتينا
تأمل
إحتلت أمنا العذراء القديسة مكانة رفيعة في قلوب المؤمنين، فإكرام مريم وطلب الشفاعة منها لا يعني أننا نحيد عن عبادة الله المثلث الأقانيم: الله الآب والإبن، الله الحي الذي تجسد منها، والله الروح القدس. بل وكما قالت مريم وهي مُمتلئة نعمة من الروح: “فها منذُ الآن تطوبني جميع الأجيال لأن القدير صنعَ بيَّ العظائم”. فإكرام أمنا القديسة نابع من قلب مُحبيها حيثُ راحوا ينشدون لها أناشيد روحية ويطلبون شفاعتها في كل شيء لكيما يغبطوها بما أنها أدخلت الخلاص إلى العالم، وقمة هذهِ العظائم هي أنها اُختيرت لتكون أُم المُخلص الموعود بهِ. يأتي سمو مقام أمنا القديسة والدة الله من سمو إبنها فإذا إرتفعت إلى هذهِ المكانة ذلك لأنهُ اختارها وقدسها وطهرها لتكون لهُ مسكناً خالياً من كل عيب، فتقديمنا الإكرام لأمنا القديسة ليس بشفاهنا وحسب بل هو نابع من أعماق قلوبنا المحبة لها، وبعقول متأملة بأسمى المعاني التي ترفعنا إلى العلاء، فنُمجَّد من خلال هذهِ الأم الموجهة والمُرشدة، الثالوث الأقدس الذي هو هدفنا الأول والأخير، وما دور أمنا العذراء إلا أن تعلمنا بمثلها الصالح كيف نحب الله ونعمل بوصاياهُ فننال الطوبى يوم يأتي إبنها ليدين كل واحد حسب أعمالهِ.
إن إكرام أمنا العذراء من قبل المؤمنين بها والإحتفال بالأعياد التي تقدمها إكراماً لهذهِ الأم هي كثيرة ومميزة ومن ضمن هذهِ الأعياد هو عيد العذراء حافظة الزروع والذي يحتفل بهِ من قبل المؤمنين في دير السيدة في القوش (دير حافظة الزروع) وفي مزارات أخرى وعدة أديرة مختلفة في العراق والذي يُحتفل بهِ في 15 أيار من كل سنة حيثُ إنهم في ذلك اليوم تقام الصلاة لأمنا العذراء ويطلبون شفاعتها لتبريك الحقول، حيثُ ترفع الصلاة إلى الله بشفاعة العذراء مريم ليحفظ الزروع من كل الآفات الزراعية، والمصلون يشكرون الله على المطر الذي نزل في حينهِ فنمت الزروع ونضجت للحصاد، إن هذا العيد ليس تعبيراً عن إكرام خاص بإحدى صفات مريم المعروفة في إحدى الظهورات وليس مأخوذاً من عقيدة إيمانية! لكن بكل بساطة هو يقع في حياة الإنسان اليومية في نضالهِ من أجل الخبز اليومي في آمالهِ وآلامهِ إزاء طبيعة هو خاضع لها، وغالباً ما يبدو أمامها بلا حول ولا قوة، لذلك يلتفت الإنسان رافعاً يديهِ إلى الله بتوسل حار قائلاً: “يا رب أعطنا خبزنا كفافنا اليوم. أحفظ حقولنا من كل ضرر”. والمؤمنون يطلبون شفاعة مريم القديرة وحنانها الوالدي في حماية وحفظ الزروع لإنها الشفاعة التي ينتظرها المؤمنون لأنفسهم وللعالم أجمع. ومريم أمنا شديدة الحرص علينا لتقتبل خبز الأبدية، وهي تريد منا أن “نحفظ تعاليم يسوع في قلبنا” ونغذي بها نفسنا، كما هي عملت أيضاً. فيا أمنا العذراء القديسة مريم حافظة الزروع صلي لأجلنا، أتيحي لنا الحصول على خبزنا اليومي. أعطينا يسوع خبز الحياة الأبدية.
قصة: (من صفحة ملح ونور) تحتفل الكنيسة خلال السنة باعياد وتذكارات عديدة اكراما لمريم العذراء. وفي هذا اليوم يمر تذكارها باسم ((حافظة الزروع))، وهو تذكار خاص بالشرقيين وعلى هذا الاسم اقيم دير للرهبان. لقد جاءت هذه التسمية من العلاقة المصيرية بين الانسان والله والارض. لان معظم اجدادنا كانوا يفلحون الارض ويزرعونها , وينتظرون بأمل وقلق بوادر الخير. كانت انظارهم وقلوبهم تتجه يوميا الى السماء. فمصيرهم يتعلق على اعتدال المناخ وهدوء الرياح وهطول الامطار. فان حدث اي تشوش في مجرى الطبيعة كالبرد القارس او المطر الغزير او هجوم افات الارض وحشراتها، تبور ارضهم وتقل غلاتهم، وتحل الكارثة في بيوتهم، ويكتسحهم القحط والجوع والموت احيانا. كما نقرأ في تاريخنا التجأوا الى مريم العذراء بدالة بنوية لتحفظ زروعهم من غضب الطبيعة وتبارك غلاتهم. واليوم وان كانت الوسائل الحديثة المنتشرة في البلاد لتساعد الانسان وتخفف من وطأة الطبيعة، لكن علينا دائما ان نرفع الحاظنا الى السماء بنفس ايمان اجدادنا كي تبارك العذراء ارضنا وزرعنا واشجارنا ومياهنا، وسائر اعمالنا، اذ لا قيمة للعمل من دون بركة امنا الحنون.
صلاة: يا مريم أمنا العذراء الحنونة، نحنُ نُكرس لكِ ذواتنا وبيوتنا وعائلاتنا وأولادنا وشبابنا وكل غلاتنا وتعب أيدينا في أراضينا الزراعية والعالم أجمع، كيما تمطري نِعم حنانكِ الفائق وعجائبهِ على كل البشر، فيا أيتها الملكة الرؤوف تقبلي التسابيح والتضرعات التي تصعدها إليكِ بثقة عظيمة كل الشعوب والأمم، إقبلي بنور الإيمان كل العالم وتشفعي لهُ عند إبنك ربنا يسوع المسيح. أمين