full screen background image

اليوم الرابع عشر: مريم العذراء نجمة البحر

176

الاخت مارتينا

تأمل

أعطانا يسوع المسيح والدتهِ القديسة لترشدنا إليهِ. عندما نطرح جانباً كل تلك الأشياء التي تبعدنا عن المسيح، يمكننا أن ننظر إلى مريم كمدافعة ثابتة عنا ونموذج لكل الفضائل، مثل نجمة الشمال التي تشير دائماً إلى الشمال، ستوجهنا دائماً إلى ابنها الذي دعانا إليهِ. يقول القديس برناردوس دو كليرفو: “أنظر إلى نجمة البحر أمنا القديسة مريم، أدعو مريم… ف الخطر في الضيق، في الشك، فكر في مريم، يجب أن لا يكون أسمها بعيداً عن شفتيك، أو بعيداً عن قلبك… إذا اتبعتها فلن تضل. إذا دعوتها فلن تيأس إذا وجهت أفكارك إليها فلن تخطئ، إذا ضمتك فلن تسقط، إذا كانت تحميك فلا داعي للخوف إذا كانت مرشدتك فلن تتعب، فإذا لطفت بك ستصل بالتأكيد إلى وجهتكَ”.  إن العالم في حاجة ماسة إلى النور  وأمنا السماوية التي تشع بنور المسيح، تريد أن ترشدنا إلى الأبدية و إلى ملء الشركة في الثالوث الأقدس الذي خُلقنا من أجلهِ بينما نشق طريقنا في كل هذهِ الأوقات العصيبة، فهي أمنا القديسة التي تقوينا في الإيمان إن رعايتها الرقيقة وصبرها ومحبتها العظيمة لنا تتحد تماماً مع المسيح. إنها ترغب في خلاصنا عندما تعصف البحار ويخيم الظلام من حولنا، تأتي مريم لتقوينا في الإيمان. ترشدنا السيدة العذراء إلى ابنها من خلال إيمانها. من رتابة الحياة اليومية إلى صعوبات التلمذة وصولاً إلى الصليب، تسعى أمنا المباركة إلى إرشادنا بأمان إلى ملاذ السماء الأمن إنها تقف معنا عند أقدام صلبان حياتنا. إنها تريد أن تقودنا بعيداً عن الغضب الكراهية والإنقسام واليأس في مواجهة الصعوبات التي نواجهها. إنها تريد أن تجذبنا إلى ابنها الذي يستطيع أن يطرد كل مخاوفنا لا يوجد إنسان آخر يفهم القوة التحويلية للصليب بكل آلامهِ وظلمتهِ أكثر من أمنا المباركة هي وحدها يمكنها أن تقودنا إلى أعماق محبة المسيح في أحلك لحظاتنا. النجم الذي يسطع لنا في الأماكن المظلمة وفي جوف الليل ونحنُ عالقون في البحار الهائجة هي مريم نجمة البحر. لا ظلمة في هذهِ الحياة تستطيع أن تتغلب على نورها، لأنها تعكس دائماً نور ابنها.

قصة

من أجمل معجزات الأم العذراء إقرائوها وخذوا بركتها ..لا تفوتكم هذه القصة الحقيقية ..في قديم الزمان، يوم آمن الشعب الانكليزي بالسيد المسيح في بلاد بريطانيا، وتسمى انكلترا أيضاً، كان فيهم أناس أفاضل ورعون، وفي نفس الوقت أغنياء جداً، وكانوا لا يرغبون بتزويج بناتهم، بل ارسالهن الى أديرة يبنونها بأموالهم، ليترهبن فيها. ومن هؤلاء، كان رجل غني محب للفضيلة، وكان له ابنة وحيدة ذات جمال نادر، عمرها اثنتا عشرة سنة، اسمها مريم، وكانت تحلم بأن تصبح راهبة، فسألها أبوها يوماً كي يمتحن عزمها: لكم تمنيت لو رزقني الله ولداً غيرك، كي اندره للسيد المسيح، أما الابن الثاني فأزوجه كي تنمو وتكبر عائلتي، ولكن الله لم يرزقني غيرك، ولست أدري ماذا أفعل يا ابنتي. فهمست في أذنه: لا مطمع عندي يا أبي سوى ان يصبح المسيح خطيبي، لأنه أغنى الأغنياء، وحبيب الفقراء ومسعفهم، فلا تحرمني من نعمة الترهب. فربّت على كتفها بعد أن استعذب قولها، وقرر ارسالها الى دير العذراء الذي بناه من ماله الخاص، لتتنسك مع غيرها من البنات. وبعد سنوات، قرر قائد المدينة ريكاردوس، وضع ابنته اليتيمة من أمها، في ذلك الدير، وكان شريراً ونجساً، فقبلتها الرئيسة بفرح، وطلبت من سائر الأخوات معاملتها بالحسنى، وكانت مريم بينهن، فلاحظ القائد أنها تطيل التأمل بزيه العسكري، فاعتقد أنها معجبة به، وأنها ترغبه، كما هو يرغبها. وعندما رجع الى قصره، أرسل الى الدير من يأتيه بها، فحزنت الرئيسة كثيراً، وقالت للخادم الذي أرسله: قل لسيدك أن لا يفعل بالدير هذ الفعل الشنيع، إذ عليه كقائد أن يحمينا، لا أن يعرّض شرف راهباتنا للوساخة. فلم يأخذ القائد بكلامها، بل أصر على أن تأتيه مريم الى قصره، لأنها معجبة به كما هو معجب بها، على حد قوله. واذا لم ترسلها الرئيسة سيأتي هو بنفسه ليأخذها، وستحدث في الدير مصيبة كبرى. طلبت الرئيسة مريم، وسألتها عن اعجابها بالقائد، وسر تطلّعها الطويل به، متناسية أن أباها أرسلها الى الدير كي تترهب لا كي تتزوج. فلماذا ارتكبت تلك المعصية يا ابنتي؟ فأجابتها مريم وهي تبكي: تطلعت به بعد أن أشفقت عليه بسبب خبثه، والشر الذي يغلّفه أكثر من ملابسه البراقة، ونياشينه الكثيرة المتدلية على صدره. لذلك أرجوك يا رئيستي أن تتركي لي الجواب، ليعرف ذلك المغرور قيمة عفّتي وشرفي ورهبنتي عندي. فطلبت منها الرئيسة أن لا تكلمه بفظاظة، مخافة ان يرتكب جريمة في الدير. فوعدتها مريم بأن تكون لطيفة معه، شرط أن ترافقها الى الكنيسة من أجل الصلاة أمام أيقونة مريم العذراء، وطلب شفاعتها. وبصوت ملائكي، طلبت مريم من امها مريم أن تنقّي جسدها من كل دنس. في تلك الأثناء وصل الخادم لاصطحاب مريم الى قصر القائد، فوقفت بوجهه الرئيسة وقالت له:  أنا لا أرسل راهبتي مع أحد، فما على القائد سوى المجيء بنفسه لاصطحابها. وما عليك إلا أن تسأل الراهبة مريم بنفسك. فالتفت الخادم الى مريم وقال: حين رآك سيدي أعجب بجمال عينيك، ومن يومها فارقه النوم، فإذا لم تذهبي معي، سيأتي بنفسه ليأخذك غصباً عنك، وسيفضحك في كل بلاد انكلترا. فقالت له: انتظرني لحظة كي أزور الكنيسة، ومن ثم اعطي سيدك ما قد أعجب به. فرح الخادم من جوابها، واعتبر أن المسألة حلّت على خير، وأن سيده سيكافئه متى رأى مريم بصحبته. أما مريم فلما دخلت الكنيسة ارتمت تحت أقدام شفيعتها وهي تبكي وتقول: لقد أحببتُ عينيّ يا سيدتي كي أستمتع أكثر فأكثر برؤية وجهك المقدس، أما وقد أصبحتا عثرة في طريق ترهّبي، لأن القائد الشرير افتتن بهما والتهب بالشوق الشيطاني، لذلك أرجوك يا أم الرحمة أن تساعديني في اقتلاعهما، كي لا أنجس شرفي وعفّتي، فللضرورة أحكام يا شفيعتي، فسامحيني.. سامحيني. وبشجاعة لا توصف، اقتلعت عينيها بالسكين، ووضعتهما في وعاء، وصاحت بأعلى صوتها: تعال ايها الخادم، وخذ لسيدك هاتين العينين اللتين افتتن بهما. فأنا لست بحاجة اليهما بعد اليوم. حمل الخادم العينين وهو يرتجف، ورماهما أمام قائده، وأخبره بما فعلت مريم. وللحال تغيّر القائد من شرير الى ملاك، وحلت النعمة الالهية عليه، وتملكه ندم قوي مفعم بإعجاب شديد بتلك الفتاة التي احتقرت جمالها الجسدي كي لا تشوه جمالها الروحي، فذهب الى الدير وهو يحمل عينيّ مريم، ومن دون أن يتكلّم مع أحد، دخل الكنيسة وارتمى تحت أيقونة أمنا مريم، بعد أن وضع العينين تحت الأيقونة، وراح يبكي ويسألها السماح والغفران. وكانت مريم العمياء تستمع الى كل كلمة ينطق بها. فجأة، دعا الرئيسة وباقي الراهبات وأمرهن أن يركعن ويطلبن بايمان حار من مريم العذراء ومن ابنها يسوع المسيح إعادة عيني مريم الى محجريهما. ولكي يشجعهن على الصلاة بحرارة، خلع عنه لباس الأبهة وذر الرماد على رأسه، وراح يبكي ويقول: أنا لا أستحق التطلع بأيقونتك المقدسة، فلقد دنست نفسي كثيراً، ولم أترك معصية الا ارتكبتها، ولكن السيد المسيح الذي تجسد منك لم يرفض اللصوص والعشارين التائبين، فساعديني يا ام الرحمة كي أغسل نفسي من أوساخ الماضي، واتخلص من أسر الشيطان الخبيث. أنت القديرة على كل شيء. وفي منتصف الليل أضاء نور غريب مذبح الكنيسة، وسمع صوت يقول: خذي يا مريم عينيك من نعمة ابني يسوع. وللحال عادت عينا مريم كما كانتا من قبل، وأول ما رأت كانت أمنا العذراء واقفة  في باب الكنيسة، فصاحت مريم: ما أعظم اسمك، وأمجد نعمتك، وأكثر عجائبك. أما القائد والراهبات فلما سمعوا ذلك الصوت نهضوا من سجودهم، ولكنهم لم يشاهدوا العذراء كما فعلت مريم، بل تطلعوا بعينيها، وقدموا الشكر والمديح لأم الاله. وبعد وفاة رئيسة الدير، انتدبتها الراهبات رئيسة جديدة عليهن، فرعتهن، ودبّربتهن بحكمتها وقداستها، الى يوم انتقالها الى الملكوت السماوي.

صلاة: يا أم الفادي الحنونة، يا باب السماء يا نجمة البحر، ساعدي شعبكِ الذي سقط ولكنهُ يسعى للقيام من جديد لقد ولدتِ خالقكِ لعجب الطبيعة. ولكنكِ بقيت عذراء بعد ذلك كما كان من قبل، يا من قبلتِ تحية الملاك جبرائيل المفرحة تحنني وترأفي علينا نحُ الخطأة المساكين. آمين.