full screen background image

اليوم الثالث عشر: مريم العذراء والظهورات (في فاطيما)

214

الاخت مارتينا

تأمل

سيدة فاطيما هي واحدة من أحدث وأهم سلسلة الظهورات المريمية. ظهرت السيدة العذراء في سنة 1917، قبل ما يقارب المئة عام وأكثر لثلاثة أطفال برتغالين في الثالث عشر من شهر مايو ولمدة ستة أشهر متتالية، زارت جاسينتا مارتو وفرانشيسكو مارتو ولوشيا دو سانتوس في قرية تدعى فاطيما، حيث كشف وشاركت معهم في عدة أسرار لقد كُشف ببطء عن هذهِ الرسائل والأسرار الخاصة بظهورات فاطيما لبقية العالم. ومع كل ظهور كانت السيدة العذراء تشجع الأطفال على صلاة المسبحة كل يوم لإنهاء الحرب. الحرب التي تحدثت عنها لم تكن تشير فقط الحرب العالمية الأولى، إنما الحرب التي تحدثت عنها أيضاً كانت الحرب الروحية التي يتعرض إليها المؤمنين ولهذا شجعت على تلاوة المسبحة من أجل إهتداء الخطأة، موضحة أن نفوساً كثيرة تذهب إلى الجحيم لأنهُ لم يصلي أحد من أجلهم أو لم تقدم الذبيحة الإفخارستية (القداس) على نياتهم. إن ظهورات فاطيما في الأساس، هي رسالة أمل عظيمة لقد وعدتنا السيدة العذراء بأنها ستكون معنا خاصة في الأوقات الصعبة، لترشدنا. إن الخليقة كلها انتظرت في صمت مقدس أن تختار مريم بحرية أن تصبح والدة الإله. وكان في قدرتها على قول لا، كما فعلت حواء ذات مرة، لكن أختارت أن تقول نعم لتكون الوسيلة المساعدة لربنا في خلاص كل نفس. وهذه المرأة نفسها، التي عُهد إليها بأنها أم الجميع، هي التي تحمل بين يديها تاريخ كل شخص. إذا استطاعت أمنا مريم تلك الأم الأكثر لطفًا ورحمة أن تدخل الزمن من الأبدية لتغيير الأحداث التي أعلنت بنفسها أنها ستحدث ، فلا يوجد شيء – لا شيء لا يمكنها أن تفعله، إذا أراد الله ذلك، من أجلك.

إن سيدة فاطيما هي مثال جميل لكيفية قيام الأم بإيصالنا إلى الآب. ظهرت وتحدثت السيدة العذراء إلى الأطفال الأبرياء بلطف حتى يتمكنوا في نقائهم من مشاركة رسائلها وإشعال العالم من أجل محبة الله. بهذه الظهورات رقّت قلوب الملحدين والمناهضين للكاثوليك لتعود إلى حضن الآب. خلال ظهورها الأول، سألت السيدة العذراء الأطفال إذا كانوا سيقدمون أنفسهم لله ويتحملون الآلام للتكفير عن الخطايا وتوبة الخطاة. قال الأطفال الشجعان نعم، ووسط الانتقادات والمضايقات والتهديدات ظلوا صامدين ومتمسكين بالحقيقة. لم ينفوا أبدًا أنهم رأوا السيدة العذراء والرسائل التي أخبرتهم بها. ومثل جاسينتا، وفرانسيسكو، ولوشيا، ينبغي لنا أيضا أن نكون على استعداد للمعاناة. يجب علينا أيضًا أن نحرم أنفسنا من التضحية والصلاة من أجل ارتداد النفوس.

قصة

كان يومًا مشمسًا من عام 1981 عندما اخترقت رصاصة قاتلة جسد البابا يوحنا بولس الثاني، الذي لم يكن قد أكمل حتى ثلاث سنوات من توليه السدة البابوية. الطلقات التي أصابته بجروح خطيرة وكان ينبغي أن تقتله، وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة والأضرار الداخلية وفقدان الدم، فقد نجا، وعزا ذلك إلى معجزة من يدي مريم. ما يجعل الأمر أكثر ملاحظة هو أن يوحنا بولس لم يكن لديه مهلة لبضعة أشهر فقط، ولا الوقت لكتابة رسالة عامة أخرى أو اتخاذ قرار مهم واحد: لكن استمر على رأس الكرسي الرسولي لمدة 24 عامًا أخرى، مما ساعد في رئاستهِ على إنهاء آفة الشيوعية الغربية، وتأليف العديد من الكتابات اللاهوتية، واختيار أسقفة لكل أبرشية تقريباً، وقادَ الكنيسة الكاثوليكية إلى الألفية الثالثة للمسيحية. حتى مع كل ذلك، فإن ما فعلته مريم حقًا في ذلك اليوم هو أكثر أهمية بكثير. حدثت محاولة الاغتيال في عيد سيدة فاطيما، وبمجرد أن أصبح بصحة جيدة، طلب البابا أن يكشف عن شيئ لم يعرف بهِ إلا القلة القليلة من الناس، وهو أنهُ عندما ظهرت السيدة العذراء نفسها لثلاثة أطفال في فاطيما عام 1917، أخبرتهم بثلاثة أسرار. احتوى الأولان على تحذيرات من الحرب العالمية الثانية، وانتشار الشيوعية، وضرورة التوبة من جانب البشرية الضالة. والسر الأخير تم الكشف عنهُ قبل عقدين من الزمن فقط، من قبل البابا يوحنا بولس الثاني  حيثُ كان يحتوي “السر الثالث” الشهير من بين أمور أخرى كثيرة، أيضاً كان يحتوي خبر لاستشهاد “أسقف يرتدي ملابس بيضاء” بطلقات نارية، وكان تفسير البابا (وآخرون كثيرون) أنها تشير إليه. ولكن كيف يمكن أن يكون ذلك إذا لم يكن قد قُتِل فعلاً؟ من الممكن أن تكون الرؤية رمزية بالكامل، أو أنها تشير إلى شخص آخر، أو أنه تم تفسيرها بشكل خاطئ. في الواقع، أصيب الكثير من الناس الذين كانوا يأملون في شيء أكثر روعة وعظمة بخيبة أمل. لكن هناك احتمالاً آخر مخفياً في معنى السر الثالث، وهنا تكمن معجزة غير عادية حقاً. بوجوده خارج الزمان والمكان مع الله في السماء، فمن الممكن أن ما قالته العذراء عام 1917 لم يكن تنبؤًا. بل كانت ترى أحداث المستقبل على يقين أننا نرى أحداث الماضي. ماذا لو استشهد البابا يوحنا بولس الثاني في 13 مايو 1981؟ ماذا لو حزن عليه العالم، وتساءل ماذا كان سيحدث من البابوية التي لم تكن أبداً؟ والأمر الأكثر إثارة للدهشة، ماذا لو أن والدة الإله، بمعرفتها كيف حدثت الأحداث، غيرتها على أي حال؟ وكما قال البابا يوحنا بولس الثاني لاحقاً: “إن يد الأم هي التي وجهت مسار الرصاصة، وفي مخاضه توقف البابا عند عتبة الموت“. توجد الآن الرصاصة التي تم إخراجها جسد البابا في منتصف التاج فوق تمثال للسيدة العذراء في موقع ظهوراتها عام 1917 كشهادة دائمة على شفاعتها.

صلاة: يا مريم العذراء أمي الفائقة القداسة واالتواضع، أتوسل إليكِ بحق تواضعكِ الشديد والذي استحققت بهِ أن تُرفعي فوق كلّ جوقات الملائكة وكل القديسين، أن أكفرّ بشفاعتكِ عن إهمالي، يا مريم العذراء الفائقة الحب، أتوسل إليكِ بحق حبك الفائق الوصف والذي وحّدكِ مع الله بشكل لا ينفصل أن أنال بشفاعتكِ وفرة من كل النعم والإستحقاقات. أمين (القديسة جيرودوت).