الأب المرحوم كوب المخلصي
من نشرة العهد لبنات مريم الكلدانيات
هل هو صحيح ان الاعتراف بالخطايا أمام القس شرط ضروري للحصول على الغفران؟ أظن ان هذا السؤال يقلب الأمور على رأسها. الشرط الوحيد لغفران الخطايا من قبل الله هو شرطان: “أن نغفر لمن أخطأ إلينا، والصلاة الصادقة الى الله الغفور (وهو حسب منطق الكتاب المقدس: الإيمان بالبشرى القائلة ان الله قد غفر…). لا أرى هناك محلاً لشرط ثالث (الاعتراف أمام الكنيسة بشخص القس). فماذا تفعل إذن؟ هل نبطل سر الاعتراف؟ كلا. ولكن نعود به الى معناه الأصيل القديم. سر الاعتراف طقس (طكسا دحوسايا)، احتفال ليتورجي. في الطقوس الليتورجية جماعة المؤمنين يحتفلون بما هم عليه في حياتهم الاعتيادية على الدوام: يفرحون ويشكرون ويرقصون أمام وجه الله لأن الله يحبهم ويحررهم ويغفر لهم ويشفيهم… الطقوس (كلمة أخرى: الأسرار) ليست “شروطًا” للحصول على نعمة الله. نعمة الله لا تُشترى ولا تُباع بأي ثمن. إنها مجانية “بلاش”. الطقوس والأسرار ليست “وسائط” (مهما قال اللاهوت) للحصول على نعمة الله. إنما هي إشادة فرحة شاكرة بنعمة الله المعطاة مجانًا. وهذا صحيح لسر الاعتراف أيضًا. المؤمن بإيمانه يتوب الى البشرى ويسمح للملك الآتي بأن يغفر له، ويعطى في حياته الإنسانية كل المجال لكي يحقق الله مقصده الطيب تجاه الناس في حبه واعتنائه وغفرانه.
لماذا يخاف المسيحي الاعتيادي من ان يذهب الى الاعتراف؟ – أنا أتمنى ان الكنيسة الكلدانية تعود يومًا من الأيام الى ممارسة طقس الغفران خلال القداس (كما يفعل الى اليوم الآثوريين…) الاعتراف الفردي لدى القس عنده معنى، لكن من الغلط ان نركز كل التوبة والغفران في هذه العادة التي لها تاريخها. من أراد أن يعترف شخصيًا لمناسبة الأعياد مثلاً، أو من باب التقوى فقط، يعمل عملاً جيدًا. ولكن التوبة والاعتراف شغل كل يوم: في ممارسة الغفران بين الناس وفي الصلاة المتواضعة أمام وجه الله. الحياة المسيحية تُعاش في حقيقة الأيام البسيطة بين الناس في هذه الدنيا: هذا هو الشيء المهم الدائم الى الأبد (كنت جوعان، كنت عطشان…). أما الطقوس فهي ساعات معدودة لكي نتذكر ما نحن عليه كل وقت.
هل دم صليب يسوع يحصل لنا على الغفران؟
هنا أيضًا يجب أن ندرس المفاهيم القديمة مرة أخرى. مفهوم القربان خصوصًا. هل صليب يسوع قربان؟ انه أولاً وآخرًا تنفيذ الحكم بالاعدام من قبل السلطة الرومانية خاليًا من كل وجه قرباني. من وجهة نظر يسوع يعني الصليب النزول الى أعمق عمق الشقاء الإنساني. تلميذ يسوع المؤمن يكتشف فيه (بعدئذ) تضامن يسوع المحب مع الإنسانية المتألمة. من الناحية الإنسانية كان هذا الموت على الصليب فشلاً: أبعد يسوع من هذا العالم لسبب تضامنه هذا. كلا، آلام يسوع ليست آلامًا تخلّص. ليست أيضًا آلامًا نيابية (بدالنا). الله يؤيد يسوع في موقفه الثابت حتى إهانة الصليب بأن يقيمه من بين الأموات. الله يقول: أنت ابني الحقيقي، أنت مثلت حقًا حبي للبشر، حتى النهاية. كلا، لا يدفع يسوع أي ثمن… الله يغفر بلاش.