full screen background image

كيف نعيش التكريس لله؟

169

المطران باسيليوس يلدو

         لكل انسان في هذه الحياة هدف او دعوة قد تختلف من شخص الى اخر، فمثلاً شخص مدعو لخدمة الفقراء وآخر للتبشير والتعليم ونشر المحبة والسلام، وآخر الى الزواج وتأسيس اسرة … لأن المسيحي الحقيقي هو الذي يعيش وصايا الله ويخدم بكل تواضع وتجرد جاعلا يسوع محور حياته.

الله بدوره يدعو الجميع بدون استثناء، سواء كانوا اغنياء ام فقراء، كبار او صغار، خاطئين او مؤمنين، المهم هو تلبية الدعوة. وان يكون الانسان سعيد ومقتنع بدعوته، ان لا ينجرف وراء المال او السلطة او المصالح الشخصية، لأنها زائلة. الشيء الوحيد الذي يبقى ولا يزول هو الايمان بالله وبدعوته الى الكمال، ومن هذا المنطلق هناك دعوة خاصة هي (التكريس لله). فالمكرس هو ذلك الذي يشعر بصوت الرب يدوي في اعماقه: “تعال اتبعني”، كما قالها يسوع لتلاميذه.

علماً ان اتباع يسوع ليس بالشيء السهل وخصوصا في عالم اليوم فهناك الكثير من التحديات التي تواجه المكرس منها: العلمنة والثورة الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والهجرة والتجديد الطقسي وتغيير بعض العادات والقوانين البالية ….

عالمنا اليوم محتاج الى مكرسين يقرؤون علامات الازمنة ومثقفين مطلعين على اخر المستجدات لمواكبة التطور. مكرسون يعرفون كيف يصلون “صلاة” نابعة من القلب يفهمها الجميع، ويتعاملون مع كل الفئات، لا فقط مع أشخاص معينين! مكرسون يعطون المثال الصالح للأخرين بمحبتهم وتفانيهم في خدمتهم. والاهم من كل ذلك ان يعرفوا معنى الاصغاء، الى الله والى الاخر.

عيش الحياة بين المكرسين بحاجة الى التنازلات، والى نكران الذات وقبول الاخر المختلف عني، لا يمكن الانغلاق على الذات او التكتلات. حياة التكريس تحتاج الى التنشئة المستدامة روحياً وثقافياً لمواكبة العصر والدخول الى الاعماق لاكتشاف دعوتنا ورسالتنا في عالم اليوم على ضوء المستجدات.

وحتى يكون التكريس على نهجه الصحيح لا بد من وجود مرشد روحي لكل مكرس للتمييز بين ما يخدم المؤمن وبين ما يسعى إليه شخصياً.

لا ننسى دور مريم العذراء، فهي أول من قال “نعم” للرب، لذلك أصبحت نموذج للمكرسين، وشاهدة للرسل، بوصفها أم لهم وللكنيسة، وما زال حبها يتدفق بغزارة نحو كل المكرسين الذين هم مدعوون للشهادة الحقيقية لابنها يسوع المسيح.