الأب صباح كمورا
تأمل في عشية رأس السنة الميلادية ٣١/ ١٢/ ٢٠٢١
بقلم الأب صباح
توبة وعودة إلى أحضان إبوة الله!
ربنا يسوع، أتيناك اليوم وقبل عشية رأس السنة لنقض معك لحظات روحية عبر سهرة قربانية لنضع أحمالنا أمام باب مراحمك مودعين سنة أخرى مرت من حياتنا بحلوها ومرها… ولنلتقي بسنة أخرى جديدة…
أتيناك لأننا بحاجة إلى هذه اللحظات الصامتة، فبوجودك ستتمتع مسيرتنا بصحبة لا غنى عنها، وفيها سنستطيع مراجعة ذواتنا وتشخيص عللنا عن كل ما مضى فيها… قصدناك ربنا لأن فيها ضرورة حتمية، لذا يُلزم بنا أن لا نهمل اللقاء بك أو نقوم بتأجيله بتقديم أعذارنا الوهمية…
أتيناك يا رب لنقدم حسابنا أمام عزتك عن كل غلطة إرتكبناها سواء ضد إرادتك أو بكراهية من هم على صورتك… وكما قال نبيك إرميا واصفاً رؤيتك (الرب فاحص القلب مختبر الكلى)(17: 10)، لذا تعلم حقاً يا الهنا بأخطاءنا الكثيرة، ولكن من مثل قلب الرب (١صموئيل ٢:٢)، فقلبه ملئ بالرحمة ومحبته عظيمة إذ يترك التسعة والتسعين في برية الحياة ومتاهات الدنيا، باحثا عنا ليُجرّدنا عن تيهنا وفتورنا وتقاعسنا… نعم ربنا إنك على الدوام تدعونا إلى تفعيل وزناتنا مشجعاً إيانا بأن نتقدم بخطوات جادّة للاستثمار الفعّال لتنفع ببناء دنيانا تحقيقاً لكسب آخرتنا… سنواتنا تمضي واحدة تلو الأخرى، والأجدر بنا أن نسعى إلى الحاجات الأبدية، وإلى ذلك كان توجهك في حوارك مع مرتا أخت مريم ولعازر حين قلت لها (إنما الحاجة إلى واحد) مُشيراً إلى التلميذة المُجدّة مريم التي اختارت بملىء إرادتها النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها ابداً (لوقا 10: 42)…
حياتنا رحلة زمنية ولكن هنيئاً لمن يبحث من خلالها إلى الأبدية… وما يبقى من المسيرةِ سوى الذكر الطيب والسلوك القويم والعمل النافع ومن خلال ذلك كله ستُبنى الإنسانية جمعاء وسنمتلك نصيباً سماوياً…
فما المطلوب منّا اليوم. يُجيبنا الرب يسوع (توبوا فقد اقترب منكم ملكوت السماوات) (متى 3: 2)… نعم، نعمة الإهتداء من خلال توبة حقّة وهذا ما دعى إليه الأنبياء والرسل أجمعين وتدعونا الكنيسة. فملكوتك يا رب عطية محبتك المجانية، ولكن يتطلب منّا البحث عنها، وإن أهملناها حتماً ستضيع منا وتُعطى للآخرين…
شئنا أم آبينا فالموت قريب والأرض وما فيها فيوما سنتخلى عنه… وكما يقول الرسول بولس: (لان ليس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة)(عبرانيين 13: 14) …
أتيناك يا رب وبنية التوبة الحسنة لكيما تمنحنا فرصة أخرى للتوبة كعودة الإبن الشاطر… إذ عرف بتجربته الإنفصالية بأن الأحضان الدنيوية لم تمنحه حناناً كاملاً وحرية صادقة، فللحال قام وعاد إلى أبيه، مقدماً توبةً بالفعل والقول، قائلاً: (يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك)(لوقا 15: 18)…
نعم بالتوبة سنستحق خلاصاً من يسوع ربنا… وبعودتنا سننال بركة إلهنا المُحب ليقول لنا: (تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم)(متى 26: 34). لكيما يوما نبلغ أورشليم السماوية مع كل الأبرار والصديقين إلى دار النعيم السماوي، آمين…
وكل عام وأنتم بمزيد من خيرات إلهنا وربنا يسوع المسيح فادينا وحبيبنا!