full screen background image

الرياضة الاستعدادية لعيد الحبل بلا دنس

329

حضرة الأخوات المباركات في كل الاديرة والرسالات

سلام الرب ومحبة أمنا العذراء يكونان معكنّ جميعاً!

م/ الرياضة الاستعدادية لعيد الحبل بلا دنس

أملي أنكنًّ جميعاً بخير. وبعد، أودّ أن أذكِّركنّ أنه كعادة كلِّ سنة، علينا الاستعداد للاحتفال بعيد أمنا العذراء المحبول بها بلا دنس برياضة روحية وصوم وصلاة، وحسب ظرف كل دير ورسالة.

أخواتي العزيزات، لنتأمل معاً  في ايمان مريم الذي جعلها تستسلم لارادة الله القدوسة وتحمل رسالته بكل فرح وسخاء. حملت العذراء مريم إيمان الآباء وحفظته في قلبها وأعطته للعالم. الإيمان الذي جسّده أبو الآباء بطاعته لله، الذي قال له” انطلق من أرضك وعشيرتك”، فانطلق واثقاً بكلام الله، “وهو لايدري أين يتوجه” تكوين( 12 : 1). إيمان مريم مرتبط بايمان إبراهيم، فنقدر ان نسميها أم المؤمنين. عندما أخبر الملاك جبرائيل مريم بسرِّ حَبلِها الإلهي آمنت ولم تخف ممّا سيقولُه الناس. ولهذا قالت لها اليصابات ” طوبى للتي آمنت لأنه سيتمّ ما قيل لها من قِبَل الرب”. محبة مريم لله دفعتها إلى الطاعة الفورية، والطاعة هي دائماً نتيجة الإيمان والحب. وهي قالت للملاك بدون تردد: أنا أمة الربّ، فليكن لي بحسب قولك”. فقبلت الرب في قلبها وجسدها. إيمان مريم هو فعل ثقة: “ليكن لي كقولك”، وفعل طاعة:”أنا أمة الرب”. إن قداسة مريم تكمن في طاعتها المطلقة لله.

وقد ظلّت مريم على اتصال وثيق بابنها يسوع، وفي اتحاد كامل بسرّ ناسوته و لاهوته، من لحظة البشارة والحَبل به، حتى موته وقيامته وصعوده. وهذا ما يجعلُها اول من آمن، وأكثر الناس رسوخاً في الإيمان بابنها، والأكثر أهليّةً لأن تُعلن ذلك الإيمان على الملأ، وتُثبِّت الآخرين فيه.   

إن كل علاقة حميمة وصادقة مع الرب تخلق في النفس تواضعاً عميقاً وتخلّياً عن كل شيء: من الأنا وحب الذات. إيمان مريم كان فعل اخلاء الذات “هاءنذا”، أخلت ذاتها في تواضع عجيب، لتحمل المسيح الذي أخلى ذاته في تواضع يفوق إمكانية البشر ليصير إنساناً، لذا فإن مريم هي نموذج حي لكل انسان لا بل لكل مكرس متحد بالله، فهي تساعدنا على اتخاذ الموقف المناسب الذي يجعلنا نَتّحد به.

 إنّ العالم اليوم، كما في جميع العصور، بحاجة إلى الله ليُحقق رغبته الأساسية، الامتلاء من الله. مريم امتلأت من الله ومن فرحه. وهي لذلك تبعث فينا الشوق إلى الله. بهذا تنشر مريم معرفة المسيح عبر الأجيال. تدعونا أُمنا مريم الى التواضع واخلاء الذات لكي نعيش دعوتنا وتكريسنا بكل ايمان وطاعة واستسلام لارادته القدوسة لتحقق كل واحدة مناّ الرسالة المعطاة لنا، وان ندرك جميعنا أهمية اختيار الله لنا وما يحمِّلُنا من مسؤولية لخلاص نفوسنا ونفوس الآخرين.  

أخواتي المباركات… بما أننا في صدد الاحتفال بالسنة اليوبيلية المئوية،  أرجو كل واحدة منكنّ أن تعطي مجالا لله في حياتها بفعل شكر وامتنان لنتجاوز معاً كل ما يعيق حياتنا المشتركة ويسلب فرحنا بالرب. السنة اليوبيلية هبة من الرب لنا مميزة،  فلنراجع أنفسنا، ولنتصالح مع الله ومع الآخرين ومع ذواتنا، فتكون سنة خير وبركة للرهبانية، وليمطر الرب علينا جميعا نعمه وبركاته لنواصل مسيرتنا وتكريس حياتنا بكل فرح وسخاء ومحبة، وأن ينعم علينا بدعوات صالحة وقديسة لتبدأ وتكمل مشوار ما بدأ المؤسسون في عمله، حيث كانت صلواتهم وتضحياتهم وامنياتهم بان يكبر هذا المشروع  وينمو ويعطي ثماراً تليق بأن تدعى بنات مريم لكيما تتجلى في كل واحدة منا صورة امنا العذراء مريم .” …هذه الغرسة الصغيرة… ستضحي مع الأيام شجرة عظيمة تعطي ثماراً لائقة ان تدعى بنات مريم…” رسالة البطريرك المثلث الرحمة مار يوسف عمانوئيل الثاني توما الى الرهبنة 4 أيلول 1922.

  أنتهز فرصة عيد أمنا العذراء المحبول بلا دنس لأهنئ من أعماق قلبي كل اخت بمفردها، وأقبِّلها بمحبة أخوية، سائلةً الرب كي ينعم عليها بدوام النعمة والبركة والقداسة، متمنية للجميع رياضة مباركة مقبولة لدى الرب، وعيداً يفيض بالنعم والبركات السماوية بشفاعة وصلوات أُمنا العذراء مريم المحبول بها بلا دنس أصلي.

وتقبَّلن فائق محبتي وتحياتي وصلواتي

                                                                                    الأخت مريم يلدة شابو   

                                                                                        الرئيسة العامة للرهبانية