full screen background image

لنعود إلى الله على خطى رجوع الأبن الضال

467

الأخت د. حنان إيشوع

المقدمة

ماذا تعني رحمة الله؟ وما يعنيه أن تكونوا محبوبين من قبل الله؟ الإحساس بمحبته إلى الأخير (بالنخاع). فقط بعد أن نختبر محبة الله يمكننا ان نُعلن ذلك للآخرين. فهي ليست علماً يُدرس ومن ثم يُدَرّس. فرحمة الله، تُختبر من ثم تتم الشهادة لها.

هذا ما سنحاول ان نفهمه على ضوء مثل الأبن الضال: ما معنى ان نغفر (نترحم) ونتحاور (نقبل) مع من هم جزء من حياتنا (أولادنا، الآخر …الخ)؟

محاولة تفسير

يقدم مثل الابن الضال عددًا لا يحصى من النقاط للتفكير، وخاصة فهم: ما معنى أن نلمس خيوط الغفران تجاه أنفسنا ثم تجاه الآخرين. كل واحد منا، بشكل أو بآخر، يتسبب في الضرر، الإساءة، إذلال أقرب الناس إليه، وبعبارة أخرى نحن ضعفاء، والضعف جزء من طبيعتنا البشرية. فكلما أخطأت تجاه الناس وأدركت ذلك، فهمت لما في كل مرة أخون فيها مشيئة الله من خلال إتخاذ إجراءات لا ينبغي أن أرتكبها، لا أستطيع أن أسامح نفسي وأجد صعوبة في قبول وفهم ان الرب يغفر لي ذنوبي.

من ناحية أخرى، من هو الوالد الصالح؟ انتظر الوالد ليرى في ابنه التوبة الصادقة، والاعتراف بخطئه حين تمكن من تقدير التجربة السلبية التي مر بها، والألم الذي سببه لنفسه بالانفصال عن عائلته (الأرث)، ثم إعادة ضبط كل شيء بالرجوع الى بيته والبدء من هذه نقطة (الحياة الجديدة).

ونحن على مثاله، كم مرة سنكون مستعدين لمغفرة أخطاء أولادنا؟ بالطبع، الجواب سيكون المرات لا تعد ولا تحصى لأن الحب الحقيقي، يتخطى كل الحدود. وهكذا فإن الرب على استعداد أن يغفر لنا، كأبنائه، كلما اعتذرنا له بصدق من أعماق قلوبنا.

في منزلنا، مع الأولاد، هناك حوار جيد وهناك حتما تقلبات: لحظات من العصبية والغضب، أشياء يتم القيام بها لا تسير على ما يرام، ولكن روح التسامح المستمر والمتبادل موجود. غالبًا ما يعني الغضب توضيح نقطة ما، وتوضيح أن الأمور لا تسير على ما يرام، وهذا يعني اتخاذ مرحلة قسرية، على طول مسيرة تستمر مدى الحياة، لالتقاط أنفاسنا وفهم الإتجاه الذي يجب أن نسير فيه، والتفكير في الهدف الذي نريد تحقيقه.

يجب ألا نخاف من الإختيار، يجب ألا نخاف من قول ما نفكر فيه. في بعض الأحيان ينشأ الخوف فينا من عدم الثقة بالآخر، فنخشى أو نتذمر من شيء ما يمكن أن يكسر العلاقة (التقسيم). وعليه يجب جعل الاولاد يعتادون على الحوار معنا، وفرضه عليهم إذا لزم الأمر عندما يحاولون الهروب من مسؤولياتهم، لكن لا نقبل ان نستسلم عن الحوار بسبب الخوف والكسل وضيق الوقت. فالإفتقار إلى الحوار يعني حتماً توتّر العلاقات وسوء الفهم الذي يتراكم ويؤدي إلى انهيار الإتحاد، وكلما زاد الوقت الذي لم نواجهه كلما طلب الاخر (الابن الضال) الانفصال عنا.

للأسف، الحوار وحده لا يكفي، فالشخصية تلعب دورًا أيضًا، والقدرة على التفكير لأن الكلمات هي طعامنا وبدونها نموت، لكن هضمها يعتمد على كل واحد منا. هناك من يتغذى على الكلمات المرتبطة بالتأملات والقيم، ويهضمها، ويجعلها خاصة به، ويقوي نفسه من خلال النمو في الحكمة؛ وآخرون يرفضون أن يأتوا للإستماع إليها من باب العادة. فكل من لا يريد ان يسمع يفكر كالابن الضال ان يعيش بعيدا عن المبادئ، ليذهب حيث يرغب ويضيع.

الخاتمة

عجزنا لا يمنعنا من العودة إلى كالأبن الضال.