full screen background image

عيد جسدُ الفادي، عيدُ الحب الالهي!

362

بقلم الأب صباح كموره


تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بعيد جسد المسيح يوم الخميس بعد أحد الثالوث الاقدس،لتُعيدُ الكنيسة من خلاله ذكرى تأسيس سر القربان المقدس والذي أسسه الرب يوم خميس الأسرار…
تكمن في طيات هذا العيد قصة حدثت عام ١٢٦٣ في مدينة براغ، من خلال كاهن ألماني، واسمه بطرس. أراد حينها الذهاب إلى روما لغرض الحج. فتوقف في بولسينا، إيطاليا، للإحتفال بالقداس في كنيسة القديسة كريستينا. وكان قد تأثر بالجدل الذي تزايد بين بعض اللاهوتيين في طروحاتهم المُشككة للوجود الحقيقي لجسد ودم المسيح في الخبز والخمر المكرسين. مما أزادت شكوكه في كون يسوع حاضرًا حقًا في القربان المقدس. بينما كان يحتفل بذبيحة القداس، وأثناء تلاوته صلاة التكريس، توقّف ونادى قائلاً: “هل هذا حقاّ أنت يا ربي؟” فاذا بمعجزة تظهر أمامه لتردّ على شكوكه من خلال بالبرشانة المقدّسة التي بدأت تحمرّ ليسيل منها دم حتّى تبلّلت الصمدة وأغطية المذبح. انصدم أمام هذا المشهد العجائبي فقرر أن يذهب بعد إنتهاء القداس ليبلغ السلطات الكنسية، فتوجّه مباشرة إلى البابا أوربان الرابع. وسرد له ما حدث له اثناء الذبيحة الالهية، وللحال أرسل البابا مندوبين للتحقيق بالأمر ، وأمر بجلب الأغطية التي تبلّلت بالدم. فتحقق على أنها معجزة، وعلى أثرها أصدر البابا اوربانس الرابع براءة رسوليّة في ١١ آب ١٢٦٤ عمّم من خلالها على الكنيسة جمعاء هذا العيد وأعطاه اسماً هو عيد جسد المسيح. وطلب البابا وضع طلبة وزيّاح للقربان المقدّس من راهب دومنيكاني يدعى مار توما الأكويني، ولا نزال حتّى يومنا هذا نردّد نفس الطلبة. ولكي يكون هذا العيد مفيدًا لتثبيت الإيمان المستقيم ودحضًا لإعتراضات الهراطقة، أمر بأن جميع المسيحيين يطوفون بالقربان المقدس في كل المدن والقرى بكل ما يقدرون عليه من الإجلال والتكريم. ومن ذلك الزمان إلى يومنا هذا صار هذا العيد عند المسيحيين من أفضل وأبهج الأعياد السنوية. وما زالت هذة الصمدة المخضّبة بدم المسيح محفوظة في علبة زجاجيّة في كاتدرائية أورفياتّو حتّى يومنا هذا.
وقد أكدت هذه المعجزة من خلال الرؤى التي أُعطيت لراهبة متصوّفة وهي القديسة جوليانا من مونت كورنيلون في بلجيكا (١٢٥٨). حيث أوعز اليها ربنا للعمل على إقامة احتفال طقسي للإفخارستيا المقدسة ونشر التعبّد للقربان الاقدس وتأسيس عيد جسد الرب…
رؤية بولس للسر الاوخارستي:-
أولاً، يحذرنا الرسول بولس في رسالته
١كورنثس١١: ٢٩ قائلاً: ( فمَن أَكَلَ وشَرِبَ وهو لا يُمَيِّزُ جَسَدَ الرَّبّ، أَكَلَ وشَرِبَ الحُكْمَ على نَفْسِه ).
مؤكّداً الرسول على ضرورة التعرف على جسد المسيح والتعمق في السر المقدس لئلا نكون مذنبين، فيؤدي الى إيذاء جسد المسيح.
ثانياً، تأكيداته بانتماء السر:(أليست كَأسُ البَرَكةِ الَّتي نُبارِكُها مُشارَكَةً في دَمِ المسيح؟ أَلَيسَ الخُبْزُ الَّذي نَكسِرُه مُشارَكَةً في جَسَدِ المسيح؟فلمَّا كانَ هُناكَ خُبزٌ واحِد، فنَحنُ على كَثرَتِنا جَسَدٌ واحِد، لأَنَّنا نَشتَرِكُ كُلُّنا في هذا الخُبْزِ الواحِد.(١كورنثوس١٠: ١٦-١٧).
فبالرغم من كثرتنا، إلا إننا جسد واحد، وقد تحقق ذلك بالمعمودية، والمناولة المقدسة.
ختاماً، كيف نتفاعل مع جسد الرب:-
١.برهبة وشعور عميق بالثقة في إلهنا المحب الذي جعل نفسه في متناولنا بشكل لا يصدق في سر جسده ودمه.
٢. إزالة ضبابية إيماننا ومحدوديته واستبداله بمجاهرةٍ متواصلة كيما يحولنا اليه بشكل جذري…
٣. أن نعزز ونغذي رباط العلاقة الحميمة مع المسيح لتمتد مع بعضنا البعض.
٤.وندخل إلى أعماق السر الأوخارستي لنتعرّف أكثر على جسد المسيح.
٥.ولنُلزم أنفسنا بطاعة وصيته الجديدة المعطاة أولاً للتلاميذ خلال العشاء الأخير: (نحب بعضنا البعض (باقي الجسد) كما أحبنا يسوع.
٦. أن نخرج من ذواتنا مستقبلين كل شيء من الله الآب، من خلال عيش وصاياه.
لنصلِّ من أجل بعضنا البعض بجدية، في هذا العيد المقدس لنكون دوماً، جسداً واحداً، يتغذى بجسد واحد، يخدمون نفس الجسد، حتى نحتفل بالحياة الإلهية كجسد واحد في ملكوت الله. آمين.