full screen background image

مسبحة الوردية كشفٌ ليسوع ربنا عبر مريم امنا!

295


بقلم الاب صباح كموره

يوم أعلن جبرائيل الملاك رسالة الهه الى فتاة الناصرة مريم، لتكون أماً لله. تقضي العذراء وقتاً من الصمت متأملة بهذا السر العجيب. وبعدُ تُظهر استعدادها الكلي بان تُكرِّس حياتها لتلبي مخطط الله الخلاصي وتقول انا ( امة للرب ) ( لوقا ١: ٣٨ ). نعم كان في ضيعتها فتيات أخرْ، ولكن رؤية الله وحكمته في فحص القلوب غير ما يفكّر به الانسان، فيختار مريم لتحمل كلمته. فتجسّد الله في ثنايا تواضعها. فترافقت الرؤى ببعدها السماوي والارضي. فترنّم مريم ذاك مقرّة انه ( نظر الى تواضع امته)( لوقا١: ٤٨).
لتؤكّد لنا امنا ما كان يجول في فكر الله انه من خلال فضيلة التواضع يمكن ان يستقر الله لان عنوانه ( وديع ومتواضع القلب ). وفي ذاك المستقر يمنح الله للانسان غلبة ويرفعه منزلة، محولاً صيغة الوداعة الى حالة روحية راقية كما جاء في نشيد العذراء ( انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتواضعين )( لوقا١: ٥٢)…
لقد خصصت الكنيسة المقدسة موسماً خاصّاً لاكرام امنا العذراء مريم فاختارت شهر أيار ذاك الموسم المميز من السنة حيث ينجلي الربيع بروعة اجوائه وجمال وروده وعطر رياحينه والوان اشجاره وزهو واحاته. وكما ان لأيّار نفحة خاصة، كذلك لمريم ميّزة سامية يفوح منها عطر قداستها وبريق طهارتها لتملئ سماء كنيستنا وعالمنا… لذا يلجأ المؤمنون في هذا الشهر المريمي الى ابداء عطفهم البنوي للأم البتول، من خلال تكثيف الصلوات لتلاوة مسبحة الوردية. فمن خلال هذه الادعية والاصوات يتم الاقتراب من الله مصدر الحياة، ونقترب من يسوع الذي هو ( الطريق والحق والحياة )( يوحنا ١٤: ٦). ولكن لم يكن هناك طريقة ان يرسل الله ابنه الى العالم إلا من خلال مريم القديسة، فصارت حقّاً الواسطة الاكثر فعالية لنصل الى يسوع ابنها، وتتم أيضاً عبر الاسرار والصلوات ولا سيما الوردية المقدسة والتي من المؤكّد تُيسِّر وتُعزِّز عبادتنا للمسيح من خلال والدته القديسة، وهذا ما أكّده القديس لويس دي مونفورت ( ١٦٧٣- ١٧١٧)، ذاك المعرّف والمكرس المريمي ومؤسس راهبات الحكمة الالهية والذي أُعتبر بطل مسبحة الوردية، لانه كرّس كل حياته بالتعليم وتبشير
بمسبحة الوردية. ويأتي القديس يوحنا بولس الثاني ليؤكد قائلاً ( ان تلاوة الوردية ما هي الا تأمل مع مريم بوجه المسيح ). فاصبحت هذه الصلاة الجهد الروحي والحيوي والذي يتألف من خلال الصلوات اللفظية والذهنية والتي حقّاً تُغذّي أجسادنا ونفوسنا. ولاهميتها في نفوس المؤمنين أُعطي لها اسماً مميزاً الا وهو ” سفر مزامير مريم “. مقارنة بسفر مزامير داود ال ١٥٠. ولكن من بعد ذلك اضاف اليها القديس يوحنا بولس الثاني اسرار النور لتبلغ بذاك ٢٠٠ اي عشرون سرّاً.
فكان لمزامير مريم ذو اهمية تسمو مزامير داود وذلك للاسباب التالية:-
١.سفر مزامير مريم يحمل ثماراً اسمى، وهي ثمر حقيقة الكلمة المتجسد. بينما يتنبأ سفر مزامير داود على مجيء المخلّص بنظرة مجرّدة وتصوّر مسبق.
٢.سفر مزامير مريم مكوّن من صلاة ( الابانا والسلام عليك يا مريم )، انها عمل مباشر للثالوث الاقدس ولم يتم صنعها من خلال اداة بشرية.
لذا ثمار مسبحة الوردية وفوائدها كثيرة في حياتنا لانها صلاة مليئة بالنصائح المقدسة والحكمية كما وانها رحلة يسوع الشاملة. وتقدم لنا تدريجياً معرفة كاملة بالمسيح يسوع. وتُطهّر ارواحنا من الخطيئة. وتُطهّر قلوبنا وتعزّز ايماننا. وتمنحنا النصر على كل أعدائنا، وكما يقول الرب ” ليكن الانتقام لي )( عبرانيين ١٠: ٣٠ )، فبشفاعة امنا مريم، سيُهزم الله اعداءنا. اذن مسبحة الوردية محطة تملؤنا بالنعم وتترافق معها الاسرار الكنسية التي نتقبّلها وخصوصاً الافخارستيا. وعبرها ستغمرنا محبة الهنا لنحب خالقنا وقريبنا كنفسنا.
ختاماً، لنلتزم جميعاً باخلاص الى تلاوة مسبحة الوردية لكيما نقترب اكثر من نبع حياتنا ومخلص نفوسنا الرب يسوع. لكي من خلال تكريسنا لهذا الشهر المريمي المقدس يستجيب الله لصلواتنا ويترأف علينا بان يزيل الشر والوباء عن عالمنا.