أصدرت دار سان باولو للنشر كتابا يجمع أهم الأفكار والكلمات الروحية لقداسة البابا فرنسيس. وفي بيان صحفي لها حول الكتاب الذي أعده الأب فرانكو ناردين، واختير عنوانه “حياة الروح – الله يتحدث إلى قلب الإنسان”، ذكرت دار النشر أن كلمات البابا فرنسيس تشكل فكرا لاهوتيا وأنثروبولوجيا، روحانية قلب تجمع بين تقاليد الكنيسة وروحانية القديس إغناطيوس دي لويولا مؤسس الرهبنة اليسوعية. وتابعت أن عنوان الكتاب يريد تسليط الضوء على فكر البابا فرنسيس متجاوزا مجرد جمع المراجع والتأملات الروحية للأب الأقدس، ليصبح هذا العمل بالأحرى دليلا لاهوتيا روحيا محوره حقيقة الثالوث الأقدس المتجذرة في قلب الإنسان. فالروح الذي تلقيناه، حسب ما ذكر البيان الصحفي مستعيرا كلمات القديس بولس الرسول إلى أهل رومة هو “روح تَبَنٍ به ننادي أبّا، يا أبت”.
وواصلت دار النشر متحدثة عن فكر لاهوتي مسكوني كإسهام قوي في الحياة الروحية للكثير من المؤمنين والمكرسين والكهنة، لا فقط كي يقودهم صوت الروح القدس من أجل مداواة قسوة القلوب، بل وأيضا كي تكون لديهم دائما القدرة على التمييز سواء على الصعيد الشخصي أو الرعوي، وذلك لفهم علامات الأزمنة التي تقدمها لنا العناية الإلهية كل يوم، ومن أجل حوار مثمر مع الكنائس والثقافات والأديان.
هذا وقد كتب مقدمة هذا الكتاب الجديد الكاردينال أنجيلو دي دوناتيس نائب البابا العام على أبرشية روما، فنوه في بدايتها إلى أن هذا الإصدار يجمع إشارات البابا فرنسيس خلال حبريته إلى القلب باعتباره المكان الذي تنطلق منه نوايا ومشاعر الإنسان، هو إذاً مقر الإرادة. وتابع أن الأب الأقدس بأسلوبه المميز بالبساطة والمباشرة يذكِّرنا في تأملاته بأهمية بناء الإيمان على أساس وعي الإنسان بمحدوديته وضرورة تدخل الله. وتحدث الكاردينال دي دوناتيس في هذا السياق عن بشرية خلصها المسيح لكنها في الوقت ذاته في انطلاق من أجل تعريف العالم بهذه البشرى السارة. ولنقل هذا الواقع المتجدد ليس هناك أفضل من اللجوء إلى رمزية القلب.
ثم أشار نائب البابا العام على أبرشية روما إلى أن أفكار البابا فرنسيس تكشف أن الإنسان قد قسّى قلبه اليوم أيضا ورفع جدارا، وفقد الثقة والرجاء في القدرة على الإصغاء بانتظار تدخل الله الذي لا يترك أبناءه أبدا. وواصل الكاردينال دي دوناتيس أن الكتاب يُبرز كيف أوضحت أفكار وتأملات البابا فرنسيس العيوب التي غالبا ما تسكن قلب الإنسان، وفي طليعتها التملق والزيف، أي القلوب المزدوجة التي يتحدث عنها صاحب المزامير، إلى جانب سلسلة من الحدود والخطايا. ويكشف لنا هذا معرفة البابا فرنسيس العميقة للقلب البشري، كما ويدرك الأب الأقدس أنه في حال كان القلب مريضا فإن هذا يعني مرض الجانب الروحي بكامله والذي مقره القلب، كما أنه في حال مرض أحد الأعضاء فليس هذا بجيد بالنسبة للبنية الروحية للكنيسة. وتابع نائب البابا العام على أبرشية روما أن علاج القلب يعني بالتالي العثور على الدواء للبشرية ومنح البريق مجددا للكنيسة كعروس للمسيح لا يشوبها شيء.
ومن النقاط التي توقف عندها الكاردينال أنجيلو دي دوناتيس في مقدمة الكتاب علامات الرجاء التي يقدمها البابا فرنسيس دائما عندما يتحدث عن قلب الإنسان، حيث يؤكد أن الابتعاد عن المرجعية الذاتية والانفتاح على خدمة القريب يمكن أن يشفيا القلب من المرض والقسوة، الانغلاق والحواجز والرياء. ولتحقيق هذا فإن الأسلوب الذي يقدمه البابا فرنسيس هو فتح القلب للإصغاء لكلمة الله، وخاصة الكلمة المتجسد الذي يبيِّن للإنسان ما هو عليه، صوت المسيح الذي هو صوت رحمة الله، صوت قلب المسيح الذي يحب الإنسان ويشفي قلبه ويجعله يعرف الله فيجد هكذا أيضا أفضل تحقيق للذات. وتابع الكاردينال دي دوناتيس مشيرا أيضا إلى حديث البابا فرنسيس عن الإفخارستيا، أي غذاء وحياة قلب المسيحي.
وختم نائب البابا العام على أبرشية روما الكاردينال أنجيلو دي دوناتيس تقديمه للكتاب الجديد الصادر عن دار سان باولو للنشر، بعنوان “حياة الروح – الله يتحدث إلى قلب الإنسان”، مشيرا إلى تأكيد أفكار وكلمات البابا فرنسيس على أن القلب غير المريض ينطلق من لقاء المسيح ليصل إلى أكثر الأشخاص عوزا، المرضى، المتألمين، الأخيرين، ضحايا العنف والمنسيين، أي جميع مَن يُعرَّفون بجسد المسيح.