full screen background image

التأمل السابع والعشرون مريم العذراء جرة المن السماوي

612

الأخت مارتينا

فقال الربُّ لموسى: “الآن أُمطر لكم خُبز السماء، وعلى الشعب أن يخرجوا ليلتَقِطوه طعامَ كلِّ يومٍ في يومهِ” وسمى بنو إسرائيل الخبز الذي أرسلهُ الله من السماء “مناً” وهو كبرزِ الكزبرة أبيض، وطعمهُ كطعم القطائف بِعَسَلٍ. لقد أمتحن الله شعبهِ في الصحراء بالتعب والجوع والعطش ثُمَّ أعطاهم خبزاً من السماء لكي يُعلِمَهم أنهُ “ليس بالخبزِ وحدهُ يحيا الإنسان، بل بكلِ كلمة تخرجُ من فم الله”، لأن كلام الحياة الأبدية هو عندهُ. فالطاعة للرب تُعطي الإستمرارية للإنسان في العيش. وهذا الإختبار سيعيشهُ يسوع في البرية عندما يمتحنهُ إبليس. قال موسى لأخيهِ هارون: “خُذ جرةً وأجعل فيها ملء الغَمر مناً، وضعهُ أمام الرب محفوظاً مدى أجيالكم”. فوضعهُ هرون أمام تابوت العهد محفوظاً كما أمرَ الرب موسى، (خر16: 33- 34) حُفظت عطيةُ الله في جرةٍ جديدة بأمر من الله أمام تابوت العهد، فأصبح يدلُّ على حضورهِ في قُدس الأقداس من خلال كلمتهِ ووصاياهُ ومن خلال الطعام السماوي، المن الذي أمطرهُ الربُّ الإله من السّماء. سوف تكون هذهِ الجرة المُقدسة الشاهدة على عناية الله وعلى الطعام الذي أنزلهُ الله بوفرة من السماء. هذا الحدث سوف يتجدد مع الرب يسوع المسيح، إذ يُقدم الرب يسوع نفسهُ الغذاء السماوي لكل البشر، لكل من يؤمن بهِ يعتمد.

فتكون بذلك مريم العذراء هي “جرة المن” الجديدة التي حَوَت في داخلها خُبز السماء الحقيقي. فالمسيح يسوه هو هذا المن، لأنهُ هو الخبز الحي الذي نزلَّ من السماء، كل من يأكلهُ يحيا بهِ (يو6: 32) ومادام السيد المسيح هو المن السماوي(الخبز الحي النازل من السماء) إذاً العذراء مريم هي جرة المن الذي حملَّ هذا الخبز السماوي داخلهُ. هي الجرة الإلهية الموضوعة أمام مجد الله والتي حوت يسوع المسيح الذي قال: “أنا هو الخبز النازل من السماء” (يو6: 51- 55). يقول الله الآن أمطرُ لكم خبزاً من السماء. هذا الخبز الذي نزل بوفرة وغزارة وأطعمَ شعباً كبيراً حُفِظَ قِسمٌ منهُ داخل جرة. وفي العهد الجديد سيُمطر الرب من السماء خبزاً جديداً، يُطعم كل البشر الذينَّ يؤمنون بهِ، هذا الخبز سيُحفظ داخل جرة إلهية هي العذراء والدة الإله، إلى أن تُقدمهُ مريم أُمهِ طعاماً لكل البشر عندما يحين الوقت (العشاء السري)، من يأكلْ منهُ فسيحيا إلى الأبد.

لِنُصَّلِ: يا مريم أمنا القديسة يا حياة الوليمة السرية، نقدم لك كل الإكرام، يا والدة الإله التي من دمائها، كونَّ لنا الروح القدسهذا الخبز السماوي، إفرحي أينتها الحقلة الغير المفلوحة التي أنبتت لنا خُبز الحياة، أيتها الجرة الناطقة التي حملت لنا المن الإلهي، يا مريم أيتها المائدة السرية التي منها تقبلنا هذا الطعام المقدس، إجعلينا أن نستحق ونكونَّ أهلاً لهذا الغذاء الإلهي لنمو حياتنا. آمين.