full screen background image

التأمل الثالث والعشرون مريم العذراء شفيعة جميع البشر

342

الأخت مارتينا

عظيمٌ هو احتياجنا إلى شفاعة مريم البتول، حيث أن الإستغاثة والتضرع إلى القديسين، وبخاصة إلى سلطانتهم كافةً مريم الكلية القداسة، لكيما يستمدوا لنا من الله النعمة الإلهي، وهو شيء ليس فقط جائزاً بل أيضاً مفيدٌ حميدٌ مُقدسٌ، وهذهِ هي قاعدة من قواعد الإيمان محددة في المجامع المقدسة، بطبيعتهِ يسوع هو الذي يصالح البشر مع الله. ومريم هي التي اختارها الله كي تعطي ابنهِ طبيعتهِ البشرية، التي جعلتهُ وسيط المُصالحة بين الله والبشر. بواسطة مريم صار ابن الله “عمانوئيل”، وصار أحد أقانيم الثالوث، واحداً من بني البشر. وهكذا بفضل أمومة مريم ليسوع، أسهمت في تحقيق خلاصنا، وبكونها أم الوسيط الأوحد بين الله والبشر، اكتسبت مريم أيضاً دور الوسيط إلى جانب ابنها. وبهذا لا أحد ينكر أصلاً أن يسوع المسيح هو وسيط العدل الوحيد الذي بواسطة استحقاقاتهِ قد اكتسب لنا المُصالحة مع الله، لكن ليس صحيحاً إن الله لا يتنازل لأن يهب إنعامهِ قبولاً منهُ لتضرعات القديسين، لا سيما والدتهِ مريم الكلية القداسة، التي يرغب فادينا يسوع رغبةً عظيمةً أن يراها محبوبة ومُكرمة من الجميع.

لا شك إن الإلتجاء إلى شفاعة مريم البتول هو شيءٌ مُفيد ومقدس، وإن ما نهتم في اثباتهِ هو أن شفاعة مريم ضرورية أيضاً لأمر خلاصنا، يقول القديس برناردوس: “هكذا هي إرادة الله أن كل شيءٍنفوز بهِ ننالهُ بواسطة مريم”. وإنهُ من الطبيعي أن يتشفع الصغار والكبار في طلب حاجاتهم من أمنا القديسة مريم، فمن المنطقي أن نتوسط بيننا وبين الله من لا تُرد وساطتهِ لدى الله الآب، وهذهِ الوساطة هي مريم المحامية القديرة التي لا ترفضنا أبداً مهما بلغ فقرنا وضعفنا وصغرنا، وتعرف جميع الأسرار التي بها تستميل قلب الله. وعندما سلمنا يسوع إلى مريم وهو على الصليب بواسطة يوحنا الحبيب وصارت أمنا في تلك الأوقات الصعبة أقامت نفسها بكل حق ومن كل قلبها شفيعة لأولادها ومحامية لهم ومثلما كانت دائماً سند الكنيسة على الأرض وعونها في أول نشوئها هكذا هي الآن في السماء مقر المجد تشفع لها إلى الله وتتضرع وتتوسل لأجلها في سائر الحروب إلى إنقضاء الدهور وهي تُفرق على كل الأنفس من كنوز السماء وخيراتها وكون أمنا مريم هي محامية عامة إقتضى أن تكون أيضاً أعظم وسيطة ما بين الله والناس. يقول القديس بوناونتورا: “إن كل من يرغب مشتهياً أن ينال نعمة الروح القدس، فليفتش عن الزهرة في العصا، أي عن يسوع في مريم، لأننا بواسطة العصا نجد الزهرة وبواسطة الزهرة نجد الله”. ويضيف قائلاً أيضاً: “لا تحصل على يسوع الذي لا يوجد إلا مع مريم وبواسطة مريم، وعبثاً يطلب الإنسان يسوع ولا يسعى ليجدهُ مع مريم”.

لِنُصلِّ: أيتها القديسة مريم الشفيعة الأمينة لكل البشر، أشفعي فى ضعفنا وأطلبى من أبنك الحبيب ان يرحمنا ويغفر خطايانا ويقبل صلواتنا ويزيل أحزاننا ويفرج كروبنا ويريح قلوبنا ويحول حزننا الى فرح قلب ويشفى أمراض نفوسنا وأجسادنا وارواحنا. يا عذراء أمنا الحنونة تشفعي إلى الله الآب من أجل الأسر المفككة والتى تعاني من المشكلات والتى غاب عنها السلام وضعفت المحبة وأنعدم الفرح وأنقطع الرجاء فانت أمنا وتعرفين بهمنا، وبشفاعتكِ المقبولة والقلب الحنون والاحشاء الرحيمة اطلبى من الرب ليعيد البسمة للشفاه ويعطي للبائسين الرجاء ويملاء القلوب والبيوت بالمحبة والسلام والفرح والرجاء.