الأخت مارتينا
القديسة مريم العذراء هى مثال وقدوة لنا فى حياتها وفضائلها وخدمتها للبشرية، فهى التى تطلع الآب من السماء فلم يجد من يشبهها، فارسل أبنه الوحيد، أتي وتجسد منها. ففى ملء الزمان ولدت لنا العذراء مخلص العالم . فمريم هي إمرأة الخدمة، وقد يرى البعض في هذهِ التسمية تدنساً لكرامة العذراء، وحطاً من قدرها، ولكن مريم نفسها هي التي اختارت هذهِ التسمية ومرتين في الإنجيل وصفت نفسها بالأمة، المرة الأولى عندما ردت على سلام الملاكبقولها: “أنا أمةُ الرب”، ومرة أخرى في بيت زكريا، حيثُ هتفت: “تُعظمُ نفسي الرب… لأنهُ نظرَ إلى تواضعِ أمتهِ”. لقد خدمت العذراء خلاص البشرية جمعاء اذ قبلت أن تكون أم ربنا يسوع المسيح عندما بشرها الملاك، وبقبول العذراء مريم أن تكون ام الله حملت في احشائها رب المجد يسوع المسيح, وأهدت البشرية الخلاص الثمين, وخدمت البشرية كحواء الجديدة التى انجبت ابناء وبنات كثيرين للملكوت وخدمت جنسنا بميلاد المُخلص منها.
أمنا القديسة مريم العذراء خادمة العالم، بعد أن أعلنت ذاتها أمة الله، هرعت إلى خدمة أليصابات ومنذُ تلك اللحظة كانت تساعد أليصابات معتبرة نفسها كخادمة لها. وفتحت أليصابات لمريم بيتها المكان المتواضع أمام تلك التي ستصبح أماً للرب وقد جاءت العذراء لتخدم وتبذل ووجدت الاكرام والاحترام من القديسة اليصابات وليت هذا التعليم يتغلغل بعمق في قلوبنا. فمتى كان روح الله عاملاً في نفوسنا فإن الحسد والخصام يختفى ونقدم بعضنا بعض فى الكرامة وتنساب المحبة بلا عائق وكذلك التواضع الذي هو ثمرة المحبة ومعهما يستعلن الإيمان الذي يتخطى المصاعب ويثق فى وعود الله الأمينة والصادقة. لقد كانت ثمرة البذل والخدمة فى هذا اللقاء التاريخي هو تسبحة الله العميقة التى سبحت الله بها أمنا العذراء مريم: “تعظم نفسي الرب…”. كانت العذراء الأم والخادمة والمحبوبة والمحبة للرب يسوع طفلا يرضع من لبنها وتقدمة الى الهيكل فى طاعة للناموس وتختن الصبى وتقدمه الى الهيكل قدسا للرب وهى تدرك عظمة المولود منها فى صمت. أمنا العذراء مريم ببساطتها وخدمتها للبشر وقناعتها تقضي على كل الأوهام الباطلة والغرور الأجوف، وتجعل الإنسان يُدرك أن قيمة الإنسان وسموهِ هي في محبة الله وإتمام إرادتهِ في محبة القريب والتفاني في خدمتهِ، وإن هذا الإنسان ينعم براحة الضمير ويكون قد آمنَ خلاصهِ وسعادتهِ.
لنُصَلَّ: يا أمنا العذراء القديسة، يا خادمة الرب وأمتهِ، أيتها الملكة الفائقة القداسة، بحق الحظوة التي رقاكِ بها الله إلى العلى، وجعل لكِ كل شيءٍ ممكناً بمنحكِ قدرتهِ، نتوسل إليك أن تستخدمي ملء النعمة التي استحققتِها لإشراكنا في مجدكِ. أيتها الملكة الفائقة الرحمة، اعملي على تمتعنا بالسعادة التي في سبيلها، شاء الله أن يتأنس في أحشائكِ الطاهرة. وأعيري أذناً عطوفاً لتضرعاتنا. آمين. (القديس أنسيلم).