full screen background image

التأمل الثاني طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظهُ

768

الأخت مارتينا

يوما مـا صرخت امرأة في إحدى عِظات يسوع في الناصرة “طوبى للبطن الذي حملك والثديين الذين رضعتهمـا. أما هو فقال بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه” (لوقـا 27:11-28).

إذا مـا تأمـلنـا فـي حياة أمنا القديسة مريـم العذراء سنـتعرف لـِمَ استحقت التطويب وتكريم البشرية لهــا طوال الأجيال فسوف نرى مريـم فـي إيـمانهـا وتقبل كلمة الله بطاعـة، وفـى محبتـها الـمبادرة وخدمـة الآخرين، وفى رجاءهـا، وحكمتهـا الـمتفكرة، وفى تقواهـا نحو الله وتفانيها في إنجاز الواجبات الدينية، وفى حياة الشكر التي عاشتهـا من أجل الـمـواهب الـمـأخوذة، وفـى حياة الصلاة الدائـمة، وفـى وداعتهـا، وفى قوة صبرهـا في المـنفى والألـم، وفى حياة الفقر التي عاشتهـا بكل كرامة وثقة في الله، وفى طهـــارتهـا الـمتبتلة، وفى حياتهـا كربـّة بيت، وفـى أمـانـتهـا الكاملـة، وفى تــواضـعهـا العظيم، وفى صـمتهـا الـمملوء حكـمة، وفى حياة السلام و الفرح الدائـم. مريم التي امتلأت من الروح القدس لحظة البشارة والتي قالت “أنا أمة الرب” تلك المرأة البتول التي فهمت رسالة الآب لها. وسلمت نفسها بالكلية إلى الله، الإنسان الذي يوكل نفسهُ كلياً لله يجد الحرية الحقة يجد عظم حرية الخير وروحها الخلاق. الإنسان الذي يلتفت لله لا يضحي أصغر بل أعظم، لإنهُ من خلال الله ومعهُ يضحي عظيماً، يتأله يضحي ذاتهُ حقاً، من يضع نفسهُ في يدي الله لا يبعد ذاتهُ عن الأخرين. بقدر ما يتقرب الإنسان من الله، بقدر ذلك يتقرب من البشر. نرى هذا الأمر في مريم التي سمعت كلام الله وأطاعتهُ وأتمَمتهُ في حياتها، وبما أنها خاصة الله بالكلية فهي قريبة من البشر جداً، لهذا السبب يمكنها أن تكون أم كل تعزية وكل معونة، أما يتجرأ كل إنسان أن يتوجه إليها في كل عوز وخطيئة، لأنها تتفهم كل شيء وهي لكل إنسان منهل الخير الخلاق. في مريم طبع الله صورتهُ الشخصية.

لإنهُ كما أن “السراج المضاء لا يوضع تحت المكيال”، كذلك من المستحيل أن يبقى حضور الله في أعماق الإنسان مخفياً دون أن يتجلى حياً في الأقوال والأعمال والأفكار، ناثراً فرحاً وسلاماً كعبير الورد الذي يأتيك دائماً لينعشكَ.

 أحداث البشارة والـميلاد والرعاة والـمجوس وفى الهيكل والهروب إلى مصر ثم الحياة في الناصرة ثم على الصليب لم تنكره بل وقفت بجانبه بشجاعة وثبات ثم أخيراً نجدها مع التلاميذ في العُليـّة بعد الصعود مباشرة مواظبة على الصلاة والطلبة بنفس واحدة مع التلاميذ. كل تلك الأحداث التي تعكس إيـمان مريم برسالة ابنها وأثبتت أنها حفظت الكلمة وأطاعت الوصية وأكـمـلت مشيئة الله بدقة ومواظبة حتى النهاية.

لنصلِّ: السلام عليكِ يا مريم، خادمة الرب المتواضعة وأم المسيح الممجدة أيتها العذراء الصادقة في خضوعها لتكون مسكناً للكلمة المتجسد. علمينا المواظبة على سماع إنجيل الخلاص والخضوع لإرشادات الروح القدس، وأنيري عقولنا لنستخلص ما يريدهُ منا، بتدخلهِ في أحداث تاريخنا. أمين.