full screen background image

الصوم هو تغيير الحياة إلى أفضل

642

الأخت مارتينا

دخل أناس على أحد الأباء يسألونهُ: “ماذا يُسمح أن نأكل خلال الصوم، وماذا لا يُسمح؟

فعلِمَ الأب أنهم يقصرون إهتمامهم على أنواع الطعام الصيامي فقط دون الإهتمام بهدف الصوم الذي يتخطى الطعام الصيامي إلى روح الصوم فأجابهم بهذا:

“تنصح الكنيسة في هذا الموسم بتناول ثلاثة أنواع من الطعام، وهذهِ الأنواع من المأكولات يذكرها يسوع في إنجيلهِ” وهي تناسب موسمنا اليوم، كما تناسب كل مواسم حياتنا، لأن يسوع إذ سبقَ وقدم عنا هذا الصوم المقبول الذي إرتبط في حياة رب المجد بالجسد بالنصرة الحقيقية فإنتصرَ لحسابنا، فمن يصوم مع المسيح حتماً يجتاز معهُ نفس النصرة التي حققها لنا على عدو الخير فوق جبل التجربة، كسر القيود وأعطانا حرية حقيقية. وهي كالتالي:

1_ قال الرب: “ليس بالخبز وحدهُ يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله”.  النوع الأول من الطعام هو كل كلمة تخرج من فم الله، ونحنُ نعلم أن كل كلمةٍ خرجت من فم الله قد دوّنت في الكتاب المقدس، لذلك طعامنا أن نتناول ما في الكتاب. وبهذا كسر يسوع قيود الجسد حينما أجاب الشيطان بهذهِ الكلمات، فالجسد ليس شراً في ذاتهِ إنما هو إناء مقدس وهيكل لحلول الروح القدس وسكناهُ، إنهُ مسكن النفس الطاهرة التي خُلِقت على صورة الله، الجسد هو المكان الذي تقابلنا فيهِ مع الله وإتحد اللاهوت بطبيعتنا في شخص يسوع المسيح، هنا يأتي الصوم ليقع الجسد في محل سيطرة وعمل الروح القدس ليقدسهُ ويجعلهُ خادماً لخلاص الإنسان.

2_ قال الرب: “طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عملهُ”. النوع الثاني من الطعام أكلهُ يسوع وعلمنا أن نأكلهُ نحنُ الذين بإسمهِ نُدعى، وهو أن نعمل مشيئة الله الآب حتى تكون مشيئتهُ كما في السماء كذلك على الأرض. لذا كسر الرب قيود الذات حينما رفض المجد الباطل ومديح الناس والسعي وراء العجائب إذ أجاب الشيطان: “لا تُجرب الرب إلهكَ”، إن حب الذات هي الخطيئة، وموت الذات هو الخلاص، الذات لو ملكت هي كفيلة أن تُهلك الإنسان إذ تحول كل سعيهِ إلى تراب وفناء لأن ما هو خالد وباقي فينا هو الذي يرتبط بالله وملكوتهِ ومجد أسمهُ القدوس. الذات التي تظهر في الأنانية البغيضة والفردية القاتلة حينما يرى الإنسان نفسهُ محور العالم (أفكارهُ، نفسهُ، إحتياجاتهِ، كلماتهِ….وألخ)، هذهِ الذات التي تحجب وجه المسيح، إنها السجن الذي يضغط على روح الإنسان الجديد محاولاً خنقهِ. حينما أؤكد الآخر وأحبهُ وأعيش معهُ في شركة، أكون إبناً  حقيقياً كذلك الذي جاء لا ليطلب مجد نفسهِ بل مجد الله وأعلن، “مجداً من الناس لست أقبل” (يوحنا 5: 41).

3_ قال الرب: “إن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق”، النوع الثالث من الطعام هو هذا إذا جئنا معاً عائلة واحدة مؤمنة حتى نتناول ذاك الذي قرأنا عنهُ في كتابهِ وحاولنا جاهدين أن نصنع مشيئتهِ، ربنا أيضاً يكسر قيود المادة حينما رفض ممالك العالم كلهُ ومجدها حينما أظهرَ أن هذهِ كلها مرتبطة بالسجود للشيطان وقهرهُ قائلاً: ” للرب إلهك تسجد وإياهُ وحدهُ تعبد”. هكذا كشف الشيطان دون أن يدري أن السعي وراء المادة والأرتباط بها مرتبط حتماً بالسجود للشيطان، والمادة ليست شراً في ذاتها فقد خلقها الله وقدسها لتعلن حضورهِ ومحبتهِ ورعايتهِ للإنسان، ولكن حين تصبح هدفاً في ذاتها وحين ينفصل الإنسان عن الله فلا يتناول المادة من يديهِ فإنها تتحول إلى إله يستبعد الإنسان ويذلهُ حين يعيش الإنسان في دنيا الحواس فقط، يؤمن ويسعى وراء ما تدركهُ حواسهُ، فقط يلهث وراء المادة وأقتنائها وما لا يقع في دائرة المادة يصير عندهُ غير معقول وغير حقيقي، حين يفقد قناعتهِ بالسماء والأبدية.