full screen background image

خبرة معلمة التعليم المسيحي

498

الأخت فيلومينا

الرّب نوري وخلاصي فممن أخاف الرّب حصن حياتي فممن أفزع (مز: 27/1)

يارب طُلب مني بعد 20 سنة من تقدمة حياتي لك وخدمتي في الرهبانية أن أشهد لما عشته وإختبرته. قبلتُ دعوتي الرهبانية بقناعة كاملة وإرادة واعية عندما كان عمري آنذاك 14 سنة. لبيت نداء الرّب لي بحماس وفرح وسلمت حياتي بيد الرّب لتكون ميداناً مفتوحاً لعملهِ فيَّ. عند أول (نعم) قلتها بكامل حريتي والتي لا أزال أقولها إلى هذا اليوم وسأستمر بترديدها مدى حياتي كلها على مثال أمي العذراء مريم.

فكان مفهومي لعيش الدعوة مختلفاً عما أفهمه وأعيشه اليوم… أحس بعد هذه المسيرة بأن عيشي للدعوة مرَّ بمراحل عدة.

 ففي أول الأمر كان تركيزي كله أن أكون راهبة صالحة…. وأن أسعى لبلوغ القداسة بتكميل نذوري وقوانين رهبانيتي لا غير. وبعد أن تقدمتُ في مسيرتي صرت أفهم أكثر فأكثر إنه يجب عليَّ أن أشترك مع المسيح بكل وسيلة ممكنة لخلاص النفوس… سواء بالتعليم أو بالخدمة أو بإعطاء المثل الصالح. واليوم بالذات أحس إن عيشي لدعوتي أخذ أبعاداً إضافية على ما قلتهُ. أرى من واجبي أن أكون مسيحاً آخر لكل من ألتقيهِ، أن أقتحم كل الأبواب المغلقة للوصول إلى الناس كلٌ حسب حاجتهِ وبأسلوب المسيح ذاتهِ…. باللطف والطيبة والغفران وطول الأناة وبمثابرة مستمرة وبالإصغاء الجدّي إلى الآخرين والشعور بآمالهم وطموحاتهم وأحاسيسهم ومعاناتهم.

كل دعوة يا أخوتي وأخواتي الأعزاء تتطلب تضحيات … وأختبرتُ نوعاً ما بعض أنواع المعاناة، لكن شعرتُ بأن يد الرّب تقودني وفي كثير من الأحيان كان يحتملني عندما أعاتبه. وأسمع دائماً صوته يقول لي ” يا إبنتي لاتخافي ما دمتُ معكِ” أشكره دائماً لأن نعمته ثبتتني رغم كل الصعوبات.

إني سعيدة وفرحي هو أن أكون دائماً في خدمة الرّب من خلال خدمتي لكل إنسان محتاج إلى الصلاة والمساعدة. إني سعيدة أن أقاسم الناس أوضاعهم وطموحاتهم وأساهم في بناء الملكوت وأن أبيّن للجميع بأن محبة الرّب تشبع القلب وتغير الحياة… وأن أزرع في قلوبهم الأمل والرجاء بمستقبل أفضل ينمو ويكبر مثل حبة الخردل… فرحي أن أكون مع الرّب في سلام داخلي وأن أحب دعوتي وأحافظ عليها إلى الأبد. وأنا واثقة بأن الرب يحبني دائماً بما أنا عليهِ من الضعف والمحدودية… فشكراً لكَ يارب على مرافقتك لي في مسيرتي الطويلة هذه وأسألك أن تعينني لأصل إلى الهدف الذي هوَ أنتَ يارب حيث ألقاك وجهاً لوجه.

وإليكِ يا مريم أمي الحنون شفيعتي القديرة أرفع شكري وأمتناني لكل النِعم التي أفاضها الرّب عليَّ خلال مسيرتي وأعدك بأن أبقى دوماً أمينة لابنك ولكِ ومعكِ أرنم بمراحم الرّب إلى الأبد.

فأطلب صلواتكم من أجلي كما إنني سأصلي من أجلكم جميعاً لتسمعوا صوت الرّب يدعوكم وتلبوا دعوته، لأننا جميعنا مدعوين لخدمة الرّب ولكن الدعوة تختلف من شخص إلى آخر. المهم هو خدمة الرّب من خلال خدمة بعضنا البعض. 

                                                                                                    آمين