full screen background image

الأحد الخامس من الرسل- طقس كلداني

685

لا يخلو زمان ولا مكان من مشاكل تحدث بسبب المال، نتصور أحياناً أن العائلة الفلانية سعيدة ومرتاحة ومتحدة ولكن تنفجر فجأة مشكلة بسبب المشاكل المادية، فيتزاعلون ويتقاطعون ويغتابون بعضهم البعض ويزداد الشق وتنعدم المحبة. ماذا كسبوا؟ فقدوا السلام والراحة، المصالح والمال هي أم البلايا.

         يكمن جواب يسوع في قلب المسألة، حياة الإنسان ليست في كثرة أمواله، احذروا الطمع، طوبى للفقراء. لا يمكنكم أن تعبدوا الله والمال . . . هذه المواقف فهمها كثير من المسيحيين فتركوا كل شيء، القديس أنطونيوس أبو الرهبان سمع جملة في القداس فطبقها، “بع كل مالك وتعال اتبعني” . . . كذلك فرنسيس عشق الفقر وكان يسميه: “أخي الفقر”.

         هل نستطيع نحن أن نفعل مثلهم؟ القديسون ليسوا كلهم فقراء عندنا ملوك قديسين: أليصابات ملكة المجر، القديس لويس ملك فرنسا. السؤال سيبقى حتى نهاية العالم، كيف نعيش كمسيحيين في هذا العالم؟ كيف نستعمل حياتنا ووسائل حياتنا؟

         حيث يكون كنزكم هناك قلبكم. أين هدفكم؟ هدف كل القديسين كان الله. اعبدوا الله ولا تصيروا عبيدًا لأي شيء، خاصة لا تصيروا عبيدًا للمال. انظروا إلى الناس يقعون في المشاكل لأنهم يسعون وراء المال كخير أسمى بكل الوسائل. لو سعوا إلى الراحة والسلام والصحة جيد، ولكن يخسرون الراحة والسلام والصحة من أجل المال.

         يدعونا يسوع إلى الحياة وإلى الفرح، يقول أن للفقراء نصيب كبير لو عرفوا، لهم الراحة والطمأنينة التي لا يعرفها أغنياء هذا العالم. إبتسامة طفل في حي فقير هي أكثر مجانية من كل عطايا العالم.

         كيف نتعامل مع المال؟ هذا هو السؤال. كلنا بحاجة إلى المال، ولهذا نشتغل لنكسب ما نعيشه ونعيل عوائلنا، من لا يعمل لا يأكل.

         بالتأكيد يفيد المال، لزمن المرض أو العوز، ليس في الاقتصاد أية مشكلة، المستقبل صعب ولكن: كل المستقبل ليس في النقود، المستقبل في يد الله. النقود لا تفتح كل الأبواب، هناك أبواب لا تفتحها إلاّ بالعطاء والمقاسمة والصبر.

         المسيحية ترفض البؤس والعوز، هي تبحث عن الكنز الحقيقي. لكن المال الكثير فيه تجربة: تجربة العبادة له، كلنا معرضين لها، المال يعمي القلب فلا نرى إلاّ هو.

         حكي أنه كان رجل عامل فقير لكنه سعيد، وسأله ملك تلك البلاد عن سرّ سعادته، فأجابه “عائلتي هي سعادتي في العمل وخارج أوقات العمل”. فكافأه الملك بكيس من النقود، فساءت حياة الفقير لأنه كان يعد النقود دائمًا كي لا تنقص ويخاف عليها وصارت أهم من أطفاله.

         لا يعطي يسوع صكوكًا على بياض كتأمين على الحياة والسعادة، لكنه يبعث برسالة :”لا تحبوا المال، لأنه عبد صالح وسيد طالح، استخدموه فقط. هذا هو سر السعادة”.