full screen background image

الروح القدس

1188

قال فيلوكسينوس: «الروح القدس الذي نلناه من الله، هو روح نفوسنا. وقد أُعطي للرسل بالمسحة، ومن خلالهم نلناه نحن بأجمعنا، كي يكون روحاً لنفوسنا وأجسادنا. هذا الروح هو الذي نفخه الله في أنف آدم فصار نفساً حية (تك 2/ 7). وفي العهد الجديد يُذكر الروح القدس أيضا ً: “نفخ في وجوههم وقال: خذوا الروح القدس، من غفرتم له خطاياه تُغفر له، ومن منعتم عنه الغفران يُمنع عنه” (يو 20/ 22-23). فإذا كان السؤال الذي يتبادر إلى الاذهان بأنه كيف يستطيع الروح أن يبتعد عن الخطايا؟ يتّضح من خلال الآية أعلاه أن الروح لا يبتعد بسبب الخطايا، بل الخطايا هي التي تهرب وتبتعد بحضور الروح القدس. في الحقيقة، الظلام لا يلاشي النور، بل النور يطرد الظلام، لذا فإن الخطايا هي التي تبتعد بحضور الروح، وليس الروح من يذهب عند تواجدها. الروح نفسٌ لأرواحنا، وقد أُعطي لآدم كي يحيا، لذا سنموت بدونه، أي مثل الجسد الذي يموت عندما تتركه الروح، ولا يُفيد بعدُ الدواء، بحيث أي عضو من أعضاء الجسد لا ينال الشفاء، لأن الجسد غابت عنهُ الحياة. هكذا النفس التي يتركها الروح تُصبح جثة هامدة، غير قادرةَ على الشِفاء بسبب خطاياها. فكيف يُعطى الدواء لجسد قد فقد روحهُ؟ هل رأيتَ يوما ً طبيبا ً يُعالج جثة؟ أو هل رأيتَ عضوا ً قد بُترَ من الجسد؟ هكذا النفس التي فقدت عمل الروح القدس، الذي نالته بالعماد، لن تحصل على الشفاء بسبب خطاياها. قبل العماد دُعيَ الإنسان بالإنسان القديم (أف 4/ 22)، لكن بعد العماذ دُعيَ بالإنسان الجديد (أف 4/ 24). فأصبح منذ ذلك الوقت، الروح نفس الإنسان الجديد، لذا لا يبقى وحده حتى بعد الموت، لأنه يعمل أعاجيب (إذا كان قديسا ً)، كما هي الحال مع عظام القديسين الذين ماتوا بالجسد طبيعيا ً، لكن الروح لم يفارقهم ومازال يعمل أعاجيب من خلالهم … وعندما ترجع النفس إلى الجسد في يوم القيامة، تكون الروح فيه، لأن الروح لا يبتعد من هناك – ولا يقف أبدا ً– من الوقت الذي نلناهُ بالعماد».

ترجمة الأخت د. حنان إيشوع

المصدر Brok Sebastian, La spiritualità nella tradizione siriaca [Spirituality in the syriac tradition, Kerala, St. Ephrem Ecumenical Research Institute 1989] tr. it. di Maria Campatelli e Sara Staffuzza, Roma, Lipa 2006.