full screen background image

تأمل اليوم السابع عشر من الشهر المريمي

1466

مريم العذراء مرآة العدل

إعداد الأخت مارتينا عبد المسيح

إن الله قد اختار مريم العذراء لتكون أمينة أسراره الإلهية فإليها أفضى بسر تجسّده وإليها أفضى بسر ثالوثيته. فالله الآب أرسل يبشرها والله الابن استقر في حشاها والله الروح القدس حل عليها اختارها لتكون أمينة على خزينة نعمه وعطاياه وبواسطتها يوزع خيراته فكانت مريم أمينة في مجاوبتها على اختيار الثالوث الأقدس لها وذلك باقتنائها الفضائل السامية التي أهلتها لهذا الاختيار. وكانت أمينة في مشاركة ابنها في آلامه وعذابه وفي خضوعها لإرادة الآب السماوي. كانت أمينة في حياتها كلها لإلهامات الروح القدس تتصرف بهديه وإرشاده كانت أمينة في وظيفة أمومتها للبشر. هذه الأمومة قد وكّلها إليها ابنها يسوع وهو على الصليب بشخص يوحنا. إن العدل الإلهي اقتضى التكفير عن خطايا العالم وليست خليقة مهما سعت بكفاية لأن تكفّر للعدل الإلهي بل إن البشرية بكاملها لو ذُبحت وقُدمت محرقة لا تكفي للتفكير، لذلك اقتضى أن يتجسّد ابن الله ويموت على الصليب لتتميم هذه الكفارة العادلة. فهذا العدل الإلهي قد تجسّد من مريم العذراء فكانت العذراء مرآة انعكس عليها العدل الإلهي وظهر منها فلولا هذه المرآة النقية الطاهرة لما كان انعكس علينا جمال ابن الله يسوع المسيح، لولا هذه المرآة النقية لما كانت انعكست علينا أضواء الثالوث الأقدس. مريم ببتوليتها أضحت رمزًا مكرّمًا من البشرية، والحكمة فمدحناها لأنها قادرة وحنونة وأمينة للوعد الإلهي. هي مرآة العدل لأنها تعكس عدل ورحمة ابنها يسوع فهي كرسي الرحمة وسبب سرور البشريّة لأنها أنجبت النور والخلاص للبشريّة من خلال رحمها رحمت البشرية بالمصالحة الإلهية مع الآب السماوي وطبعًا طواعية يسوع لإرادة أبيه.

انتظر الله آلاف السنين والبشرية تئن تحت حكم الموت حتى جاء ملء الزمان ووُجدت الفتاة التي تستحق أن ينزل الله من السماء ويتخذها سماء ثانية، يحل في جوفها، يولد منها، يجلس على حجرها، ينمو كإنسان بين يديها. لم تكن من بنات الملوك ولكن صارت أعظم من جميعهم. كانت فقيرة ولكن ولدت مُغني الجميع.
 حسب مقاييس البشر ليس لها ما تفتخر به، ولكن الكل يتوسّل إليها أن تذكره أمام ابنها رب المجد.
 مجهولة من عظماء البشر والملاك جبرائيل أحد رؤساء الملائكة الواقف أمام العرش الإلهي، يقف أمامها في احترام وتبجيل ويحييها تحية لم يُحيّا بمثلها أيّاً من البشر “السلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك. مباركة أنت في النساء” (لو 1: 28)، كل البشرية تمجّدها وتعظّمها وترفعها، ترفع إليها أصوات التبجيل والإكرام. تطلب شفاعتها، الكل يتوسل إليها أن تذكره أمام ابنها رب المجد.

بواسطة أمنا مريم العذراء القديسة، نستطيع أن نرى ملامح الخالق لأنها تعكس براءة الله، وبراءة الله هي قداسة الإنسان. كل شيء فيها يتكلم عن الله وعملهِ، لأنهُ لا يوجد فيها ظلمة أو شر أو خطيئة، وكل ما هو لها هو لله ولأنهُ لله فهو أجمل من الوصف وأسمى من الإدراك! فبوصف العذراء مريم مرآة العدل تستطيع أن تعكس دوماً إشراق الله على خليقتهِ، وتفتح عيون محبيها على هذا الضياء الأزلي، لتحيا بهِ النفوس وتتقدس الأجساد وتسر الأرواح. أنت يا مريم مرآة العدل الإلهي التي تساعدنا على اكتشاف حب الله اللامحدود، وعظمتهِ اللامتناهية.

لنصلِّ: أيتها العذراء مريم أمنا القديسة، سيدة القربان الأقدس يا مجد الشعب المسيحي وبهجة الكنيسة الجامعة وخلاص العالم، صلي لأجلنا واضرمي في قلوب جميع المؤمنين عبادة حقة للقربان الأقدس لكي يستحقّوا تناوله كل يوم. آمين