full screen background image

تأمل اليوم الرابع من الشهر المريمي

909

القسم الأول من السلام الملائكي

إعداد الأخت مارتينا

إن مريم العذراء ماثلة في تقوى المؤمنين منذُ الأجيال الأولى، وقد تبلورت هذهِ التقوى في صيغ كثيرة من صلوات استقوها من الكتب المقدسة ومن الطقوس. إن صلاة السلام الملائكي التي نقدمها مع دقات قلوبنا كل يوم لمريم العذراء، باقة ورد مزينة في كل بيت من مسبحة الوردية هي صلاة وتشفّع وتكفير وتواصل، إنها تعليم إيماني وممارسة روحية، ومدخل صالح لعالم التصوف والإتحاد بالله. صلاة السلام الملائكي المكونة من ثلاثة أقسام: القسم الأول هي تحية الملاك جبرائيل لمريم البتول: “السلام عليكِ يا مريم، يا ممتلئة نعمة، الرب معكِ” (لوقا1: 28)، القسم الثاني ترحيب القديسة أليصابات بأم الرب: “مباركة أنت في النساء ومباركٌ ثمرة بطنكِ يسوع” (لوقا1: 42)، أما القسم الثالث فهو صلاة الكنيسة: “يا مريم القديسة يا والدة الله صلي لأجلنا نحنُ الخطأة الآن وفي ساعة موتنا”.

القسم الأول من السلام الملائكي: هو إعلان من الملاك جبرائيل المرسل من الله مباشرة، وهو يتكلم باسم الله، وكما هو معروف في العهد القديم كان ظهور الملائكة يعد ظهور إلهي نوعا ما، ومن يرى الملائكة يكون بخطر الموت لأن من يرى الله لا يحيا كما يقول الكتاب، نزل الوحي من لدن الله على مريم على الطاهرة، أُرسل رجل النور من لدى الآب إلى المجيدة خرج الروحاني من بين فيالق السماويين وأُرسل من لدن الله في سرٍ خفي، التقى بالبتول فوهب لها السلام وكشف السر “السلام معكِ يا مملوءة نوراً من بيت الله، السلام لكِ يا أم الشمس البر يا خدر الأقداس والمملوءة محاسن. (يعقوب السروجي). بسلام سماوي حياك الملاك جبرائيل يا مريم، وحمل إليكِ مخطط السماء لخلاص البشر فأذعنت لهُ مطيعة قائلة: نعم للمشيئة الإلهية. ففي صلاة السلام معكِ لا تُكرم مريم لأنها علامة عجائبية للتجسد وحسب بل لأنها المشارك الوحيد في قلب هذا السر. فتقول كلمات الصلاة: “”السلام عليكِ يا مريم، يا ممتلئة نعمة”. والنعمة هي أساس علاقة الله بالإنسان. وبكلمات أخرى نقول عندما يخرج الله من ذاته ويأتي إلى الإنسان، هذا الخروج من الذات والوصول إلى الإنسان هو النعمة، إذاً النعمة كانت بملئها في مريم ولا ينقصها أي عطية من عطايا النعمة لأنها تعيش في نعمة العهد الجديد (1 كورنثوس 1: 1-6). إنها كانت ممتلئة بالنعمة بالكلمة الإلهية التي نزلت فيها كبذرة في أرض خصبة مهيئة نقية، لكن هذه البذرة هي أكبر من الحقل وهي ستحيي الحقل والعالم كله. بتلاوة صلاة السلام معكِ التحية التي حيا بها الملاك مريم، ننال نعمة الآب بالتي نُعلنها ممتلئة نعمة، ومعونة الرب بالتي نُعلن لها أن الرب معها وننال البركة الإلهية بالتي نُعلن لها أنها “مُباركة” من ثمرة بطنها الذي نُعلن لها أنهُ “مُبارك”

مريم العذراء: أمام بشارة الملاك، لم تُخفِي تعجبها. إنه ذهول رؤية أن الله، ليصير إنسانًا، قد اختارها هي، فتاة الناصرة البسيطة، التي لا تقطن في قصور السلطة والثراء، والتي لم تقم بأعمال خارقة، وإنما الفتاة المنفتحة على الله، والواثقة فيه، برغم عدم فهمها لكل الأمور: “أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ” (لو 1، 38). كانت هذه هي إجابتها. فالله يفاجئنا دائمًا، ويحطم ترتيباتنا، ويضع في أزمة برامجنا، ويطلب منا: ثق فيَّ، ولا تخف، واسمح لنفسك بالاندهاش، واخرج من ذاتك واتبعني! (البابا فرنسيس). فلنقل بأعلى صوتنا مع الملاك، افرحي يا ممتلئة نعمة، الرب معك، مع الخادم والملك مع الطاهرة، مع التي تقدس العالم برمتهِ مع الجميلة مع الأشد جمالاً بين أبناء البشر. (القديس غريغوريوس). لقد وضعت مريم ثقتها الكاملة في الكلمة الذي جاء إليها من السماء، وسلمت أمرها إلى الله. إن عملية الاستسلام هذهِ أمر يصعب جداً علينا القيام بهِ. لم تفكر مريم ملياً قبل أن توافق على الرسالة. فقد فكرت بها اعتماداً على حبها واحترامها.

لنصلي: يا أمنا الحبيبة مريم، علمينا أن نصغي لصوت الرب ونطيعهُ كيما نشعر بسلام الله في قلبنا فلا نخاف من شيء لأن يسوع ابنكِ معنا، علمينا أن نحمل سلام يسوع إلى من هم بأمس الحاجة إليهِ فنعكس بخدمتنا وجه يسوع المحب لكل البشر أمين.