full screen background image

حقًا قام

657

حقًا قام

القيامة في قلب الإنسان

          عندما لفظ يسوع أنفاسه الأخيرة وأسلم الروح (مر 15 : 38) أُصيب تلاميذه بالهلع، وتسرّب اليأس الى نفوسهم وشعروا بخيبة الأمل فتفرقوا كلهم (متى 26 : 56) وبان موت الصليب وكأنه فشل إنسان ورسالة بأكملها. لكن بعد أيام محدودة من هذه النهاية المُذِلة، إذا بمجموعة من تلاميذه يعودون الإلتقاء بوحدة عجيبة ورجاء متجدّد وشركة حب عارم، وسر هذا الحب هو الإيمان بحدث عجيب غريب وهو محال في نظام العقل البشري لكنه عجيب لأنه واقعي وأكيد.. . يسوع قد قام.

          فالقيامة فرح وأمل وسرور، والكنيسة تعلن بمليء صوتها: يسوع قد قام! وتطلب من المؤمنين كافة أن يعلنوا على الملأ بالحدث العظيم: حقًا قام. إننا نفرح لأن قيامة يسوع تفتح لنا أبوابًا نحو حياة جديدة ما بعد الموت. حياة الخلود مع يسوع المنتصر لأننا على مثاله وعلى خطاه سنشترك بمجده ويزداد تعلّقنا وإيماننا بالمسيح القائم.

          نؤمن ان المسيح قام من بين الأموات، وقيامته هي موضوع إيماننا، بدءًا من الرُسل الى كل أجيال الكنيسة. إننا نختبر في مسيرتنا من قام من بين الأموات. ونعيش هذا الإختبار أكثر مما نتحدث عنه كحدث تاريخي. فقيامة المسيح تبدأ عندما يقوم من عتمة فتور قلوبنا وأفكارنا وماضينا.           والقيامة فعل داخلي أيضًا فعل يتمثّل بالإقرار بأن المسيح منذ فجر الأحد حيًّا في قلب الإنسان وقيامته تبدأ في حياتنا بقوة الروح القدس، تمامًا كما بدأت في حياة الرُسل بعد العنصرة عندما لمس الروح قلبهم. والمسيح الذي مات وقام هو البكر من بين الأموات وقيامته سر عبورنا الى الحياة مع الله.

           فالحب قد تغلّب على الموت بقيامة المسيح الذي أجبر الموت على التراجع أمام حبه لنا. وفي تأمل يُنسب للقديس (برندوس) نجد يسوع يُخبر مريم المجدلية بأنه قام وهو حيٌّ في قلبها، “يا امرأة إنك تبكين! عمن تبحثين؟ أنتِ تمتلكينه في داخلكِ، أنظري إليَّ، أين أنا؟ ألستُ في قلبكِ؟ أجل فيه أجد راحتي، وأنا لستُ فيه ميتًا بل الحي الى الأبد. قولي لي يا مريم ما الأقرب الى المرء أكثر من قلبه؟ فالذين يجدوني إنما في قلبهم يجدوني، فهناك إقامتي”.

          هذا التأمل يساعدنا على أن نفهم بأن المسيح حتى في قلب الإنسان، فللسماء وللقلب باب واحد فلا نكتفي بأن نبشر بقيامة المسيح كحدث تاريخي قبل ألفي عام بل نبشّر بمسيح الخلاص، مسيح الإيمان، القائم من عتمة قبور قلوبنا، فالقيامة تحدث في عمق الإنسان…. في قلبه.

الأخت فرانسواز خلف