كل خدمة فيها متاعب كثيرة، وكل خادم كما قال الرسول بولس: “سيأخذ أجرته بسبب تعبه” (1كو3: 8). وآباؤنا الرسل تعبوا كثيرًا في خدمتهم. يقول القديس بولس الرسول عن خدمته هو وزملائه: “بل في كل شيء نُظهِر أنفسنا كخدام لله في صبرٍ كثيرٍ، في شدائد، في ضروراتٍ، في ضيقات، في ضربات، في سجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهار، في أصوام،…. بمجدٍ وهوانٍ، بصيتٍ رديء وصيتٍ حَسَن” (2كو6: 4- 8)
ويقول أيضا “مكتئبين في كل شيء، لكن غير متضايقين. متحيّرين لكن غير يائسين. مضطَهدين لكن غير متروكين. مطروحين لكن غير هالكين” (2كو4: 8، 9).
ولا ننسى قول المسيح لتلاميذه “ها أنا أرسلكم كغنمٍ في وسطِ ذئابٍ” (مت 10: 16)، “سيسلمونكم إلى مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم. وتُساقون أمام ولاةٍ وملوكٍ من أجلي… وتكونون مُبغَضين من الجميع من أجل أسمي” (مت 10: 17، 22). وها ان الرسل احتملوا كل هذا وصمدوا وصبروا،
والصمود يمنح الخادم قوة روحية من الرّب، ويمنحه قوة في الرجاء فلا ييأس، كما يقويه أيضًا في الرجاء، مؤمنًا أن الرب لا بدَّ سيتدخل ويصلح كل شيء. وهكذا ينال فضيلة أخرى هي انتظار الرب. كما قال المرتّل في المزمور (تقوّو وليتشدّد قلبك، وانتظِر الرب” (مز 27: 14). وهكذا قال في خبراته الروحية أيضًا “انتظرَت نفسي الرب من مَحْرَس الصبح حتى الليل” (مز130).
نقطة أخرى تُميّز الخدمة وتسبب نجاحها وهي ان تهتم لتكون خدمتك روحية وعميقة.
إذن في خدمتك، أبتعد عن أسلوب الأمر والنهى، وليكن لك روح الإتضاع وأدب التخاطب مع الصغير كما مع الكبير. ومهما أوتيت من سلطة في الخدمة، لا تكلّم الناس بفوقيّة، ولا تتعالى على أحد، ولا تدخل إلى قلبك روح السيطرة والتسلط. وتذكّر قول الرب “أكبركم يكون خادمًا لكم. لأن من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع” (مت 23: 11). وأيضًا “إن ابن الإنسان لم يأتِ ليَخدم، بل ليُخدَم، وليبذل نفسه فديةً عن كثيرين” (مت 20: 28).
لذلك لا تجعل الخدمة تُفقِدك وداعتك وتواضعك.
إن وجدت صوتك بدأ يعلو ويحتد في الخدمة، لابد أن تحترس وتُراجع نفسك. وإن وجدت أنك بدأت تتحدث عن نفسك وما تفعله من أمور عظيمة، احترس أيضًا لئلا المجد الباطل يحصد كل ما زرعته في الخدمة. وإن نظرت باستهزاء إلى غيرك، مقارنًا بين مستواه ومستواك، فاعرف أن الكبرياء قد دخلت إلى نفسك.. ضع أمامك إذن قول الرسول بولس “لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك. لأنك إذا فعلتَ هذا، تُخلّص نفسك والذين يسمعونك أيضًا” (1تيم 4: 16). قل لنفسك باستمرار: أنا ما دخلتُ إلى الخدمة لكي أقع في خطايا جديدة، إنما لكي أنمو روحيًا.. آمين
الأخت كلارا