full screen background image

التطويبات تحثنا على فتح أعيننا لنرى الواقع بنظرة الله والتأمل في إيماننا

542

كانت التطويبات وما تدعونا إليه محور كلمة قداسة البابا فرنسيس ظهر 17 شباط – الأحد في ساحة القديس بطرس إلى المؤمنين والحجاج، وذلك قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.

تلا قداسة البابا فرنسيس صلاة التبشير الملائكي، ثم ذكَّر الأب الأقدس بالتطويبات الأربعة: طوبى للفقراء والجائعين والباكين والمضطهدين، وبالتحذيرات الأربعة الموجهة إلى الأغنياء والشباع والضاحكين والذين يمدحهم جميع الناس، وأكد البابا فرنسيس أن هذه التطويبات تنطلق من كون الله قريبا من المتألمين ويتدخل لتحريرهم من عبوديتهم، كما أنه يرى الطوباوية بغض النظر عن الواقع السلبي. أما تحذير “الويل لكم” فيوجهه إلى مَن يعيشون اليوم في أوضاع جيدة ليوقظهم من خداع خطير، خداع الأنانية، ويجعلهم منفتحين على منطق المحبة.

إن إنجيل متى يدعونا، حسب ما تابع الأب الأقدس، إلى التأمل في المعنى العميق للإيمان، أي الثقة التامة في الرب، ما يعني كسر الأصنام الدنيوية كي نفتح قلوبنا على الله الحي والحقيقي، فهو وحده القادر على أن يمنح حياتنا الكمال المرجو والذي يصعب بلوغه. وواصل الحبر الأعظم محذرا بالتالي من الكثيرين، والذين نجدهم اليوم أيضا، ممن يقدمون أنفسهم كموزعي السعادة، أي هؤلاء الذين يَعِدون بالنجاح السريع والمكاسب الطائلة السهلة وحلول سحرية لأية مشكلة، ما يجعل من السهل، واصل قداسته، الانزلاق إلى مخالفة الوصية الأولى: لا يكن لك آلهة أخرى تجاهي، أي عبادة الأصنام. وأكد قداسة البابا هنا أن عبادة الأصنام وإن بدت شيئا من أزمان سابقة إلا أنها في الواقع في كل الأزمنة، وهي تصف بعض التصرفات المعاصرة بشكل أفضل من الكثير من التحليلات الاجتماعية.

وواصل البابا فرنسيس متحدثا عن يسوع الذي يفتح أعيننا على الواقع، وقال إننا مدعوون إلى الفرح، إلى أن نكون طوباويين. وأضاف قداسته أننا نصبح هكذا بالفعل حين نكون مع الله، مع ملكوته، ومع ما هو ليس لحظيا بل يدوم في الحياة الأبدية. وواصل قداسته أننا سنكون فرحين إذا اعترفنا أمام الله بأننا في حاجة إليه، وإذا كنا مثله ومعه قريبين من الفقراء والمتألمين والجائعين. سنصبح قادرين على الفرح حين لا نجعل مما نملك من خيور هذا العالم أصناما نبيع نفوسنا مقابلها، حين نكون قادرين على مقاسمتها مع أخوتنا. وأكد قداسته أن ليتورجيا اليوم تدعونا إلى التساؤل حول هذا في قلوبنا.

وفي ختام كلمته إلى المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي، شدد قداسة البابا فرنسيس على أهمية التطويبات كرسالة تحثنا على ألا نضع ثقتنا في الأشياء المادية والعابرة، وألا نبحث عن السعادة سائرين وراء مَن وصفهم قداسته ببائعي الدخان ومحترفي الوهم. وأضاف البابا أن الرب يساعدنا على أن نفتح أعيننا وأن تكون نظرتنا إلى الواقع ثاقبة، ويشفينا من قصر النظر المزمن الذي تصيبنا به روح الدنيوية. الله بكلماته يهزنا، تابع الأب الأقدس، ويجعلنا نتعرف على ما يغنينا بالفعل ويشبعنا ويمنحنا الفرح والكرامة، أي ما يعطي حياتنا حقا المعنى والكمال. تضرع قداسة البابا بعد ذلك إلى العذراء مريم كي تساعدنا على الإصغاء لكلمات الإنجيل هذه بعقل وقلب منفتَحين، كي تحمل الثمار في حياتنا ونصبح شهودا للفرح الذي لا يخذل.